تردي "دولار الغوطة" يدعم حصار النظام لها


شهدت أسواق الغوطة الشرقية خلال الفترة الماضية انخفاضاً حاداً في سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، حيث سجل صباح يوم الإثنين 6 / آذار / مارس / 500 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، بعد أن كان خلال الأسابيع الماضية يعادل 534 ليرة سورية.
 
ويأتي هذا الإنخفاض في ظل حركة غير مستقرة شهدتها أسواق الغوطة الشرقية، ولا سيما سوق المواد الغذائية والمحروقات والصرافة، الأمر الذي سيشكل عبئاً إقتصادياً إضافياً على الإقتصاد الداخلي للغوطة.

فمصدر الدخل الرئيسي للناس هو الذي يحدد إيجابية أو سلبية التقلب في سعر الصرف بحسب الخبير الإقتصادي "علاء الماهر"، ففي حال كانت الناس تعتمد بشكل كبير وأساسي على المساعدات الخارجية فهذا يعني أن ارتفاع سعر الدولار هو أمر إيجابي، كون دخل الأشخاص بالعملة الأجنبية.

وأضاف الماهر أن إنخفاض سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية له أثر جيد على العمال والفلاحين الذين يتقاضون دخلاً بالعملة السورية، ولا ترتفع هذه الدخول طرداً مع ارتفاع معدل التضخم بسبب ارتفاع معدل البطالة أثناء الحرب.

من جانبها، شهدت الأسواق المالية في دمشق استقراراً لسعر صرف الدولار الذي وقف عند حد 542 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، محدثاً بذلك فرقاً كبيراً في سعر الصرف بين الغوطة ودمشق يصل إلى 45 ليرة سورية، الأمر الذي يساهم في إطباق الحصار بشكل أكبر على إقتصاد الغوطة.

فقد أكد "أبو محمد" مدير مكتب "شامنا" للصرافة والحوالات في الغوطة الشرقية، أن انخفاض سعر صرف الدولار في الغوطة سيعزز إقتصاد النظام بدعمه لليرة السورية في المناطق الخاضعة لسيطرته، وسيحدث عبئاً إقتصادياً على المواطن داخل الغوطة.

وأضاف "أبو محمد" أن سوق العملة في الغوطة قد شهد إقبالاً مكثفاً على تصريف الدولار، وذلك من أجل كسب سعر مرتفع مع موجة الهبوط التي تجتاح السوق، وبهذه الطريقة يكون النظام السوري قد استطاع تقليص إقتصاد الغوطة بشكل كبير في هذه الناحية.

ولا يخلو الأمر من مفارقات عجيبة تتعلق باستفادة بعض التجار وشركاء النظام من هذا التدهور في دولار الغوطة، وهذا ما أكده الباحث في الشؤون الإقتصادية في الغوطة الشرقية، "غالب أمين"، الذي قال: "الحملة الوحشية التي يشنها النظام على أحياء شرق دمشق والغوطة الشرقية أدت إلى جعل الصرافين يتعاملون مع تجار أقل، وهؤلاء التجار يقومون بدورهم، باستغلال الحاجة إلى العملة المحلية المتداولة ليفرضون سعر صرف أقل من السعر الحقيقي، فالفرق في سعر الصرف بين دمشق والغوطة سيعود لجيوب التجار وشركائهم مع النظام.. وبالتالي يستفيد النظام أيضاً بزياده ضخ العملة الصعبة إلى أسواقه بأقل خسارة ممكنة ودعم عملته المحلية في مناطقه على حساب استنزاف المناطق المحاصرة.. ونتيجة الممارسات السابقة ينخفض حجم التداول بالعملة المحلية".

وأشار "أمين" إلى أن الأهالي الذين هم بالأصل مستنزفين معيشياً ينعكس عليهم شح توفر العملة المحلية  بانخفاض معدل التداول بالعملة المحلية وبالتالي شح السيولة بين أيديهم، واستمرار تدهور الوضع المعيشي الذي يتزامن مع ارتفاع الأسعار بسبب كثرة الاحتكار وقلة العرض للمنتجات في السوق وتركز البضائع في أيدي قلة محتكرين يرفعون الأسعار بما يحقق مصالحهم.

وختم "أمين" بالقول: "إن العوائل الذين تصل حوالاتهم من الخارج بالدولار سيتضررن بشكل ملحوظ، حيث ترتفع نسبة اقتطاع أجور الحوالة على مبالغهم بشكل كبير بالإضافة لخسارتهم لفرق سعر الصرف، كما أن الضرر يقع على البعض ممن يتقاضون أجورهم بالدولار لنفس الأسباب السابقة".

وفي جميع الأحوال لا يوفر النظام شكلاً من أشكال الحصار وفرض المعاناة إلا ويستخدمها في وجه أناسٍ لا ذنب لهم سوى أنهم خرجوا عن سيطرته وطغيانه في عموم المناطق السورية.

ترك تعليق

التعليق