بعد أن حطت الحرب أوزارها.. ماذا بقي من اقتصاد مدينة الباب، وسمعتها التجارية؟


مدينة الباب إحدى المدن السورية الواقعة في محافظة حلب، حيث تعد من المدن القديمة والتاريخية، وكانت قديماً تدعى باسم تيماء. وتقع المدينة جغرافياً في الجزء الشمالي من سوريا، وتبلغ مساحة أراضيها مائة وتسعين كيلومتراً مربعاً.

تمتلك العديد من المقومات الصناعية والتجارية والزراعية. شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث كانت مركزاً تجارياً مهماً يقصدها التجار من كل المحافظات وبعض المدن العراقية كالموصل وغيرها.

بعد سيطرة الجيش الحر على الأجزاء الشرقية من حلب وإغلاق الطرق بين النظام والمناطق المحررة قام العديد من التجار والصناعيين بنقل نشاطهم التجاري والصناعي إلى  مدينة الباب وخصوصاً تجار سوق الهال وأصحاب الصناعات، لتغدو هذه المدينة مركزاً هاماً يقصده الآلاف من التجار والمواطنين يومياً.
 
بعد سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" عليها في العام 2014، لم تتأثر هذه المدينة من الناحية التجارية والصناعية نتيجة امتداد رقعة التنظيم التي وصلت إلى العراق وعدم وجود حواجز تعيق تحرك التجارة، بل زاد في رواج التجارة إحداث أسواق جديدة لم تكن موجودة مثل سوق المحروقات الذي ساعد في ازدهار الحركة التجارية.

جمعة كزكاز، نائب رئيس المجلس المحلي لمدينة الباب، وفي تصريح لموقع "اقتصاد"، قال: "يوجد في مدينة الباب عدة أسواق منها سوق الهال القديم والجديد والذي يضم 500 محل، وسوق المسقوف يضم 600 محل، وسوق النوفوتيه ويضم 400 محل، أما المنطقة الصناعية فيوجد فيها نحو 700 محل كما يوجد حوالي 200 منشأة صناعية تعمل في عدة مجالات صناعية".

وبيّن كزكاز أن هذه المنشأة والأسوق اليوم هي شبه مدمرة نتيجة استماتة تنظيم "الدولة" أمام قوات الجيش الحر المدعوم تركياً، إذ قام التنظيم بتسخير جميع المرافق العامة والخاصة لصالح حربه، من مبانٍ وشبكات ري وطرق، وذلك من خلال قيامه بحفر الأنفاق والخنادق وتحويل الأبنية العامة لمقرات له، جعلها عرضة للقصف، مما ألحق بها أضراراً كبيرة طالت البنية التحتية.


 كما تسبب القصف العنيف الذي تعرضت له المدينة بشتى أنواع الأسلحة من قبل قوات التحالف، إلى تدمير أجزاء كبيرة من المدينة وخصوصاً الأسواق والمنشآت الصناعية.

 كما أدت هذه الحرب إلى تعطيل الحياة بشكل نهائي ونزوح جميع سكان المدينة وتوقف الحركة التجارية والصناعية.

ومن المتوقع أن يؤثر خطر الألغام وانتشار الركام والدمار، على حياة المواطنين لشهور، إن لم تتحرك الجهات المسؤولة في المساعدة.

وأضاف كزكاز: "تعد الزراعة وتربية المواشي من أهم مصادر الدخل لسكان مدينة الباب وريفها حيث تتغذى المدينة وسهولها الزراعية بالمياه من نهر الفرات من خلال شبكة ري ومن خزان مائي".

هذه المشاريع هي أيضاً لم تسلم من همجية تنظيم "الدولة"، إذ قام بتحويلها لخدمة أعماله العسكرية من خلال استخدام خطوط الري كأنفاق، ومن ثم قام بثقبها من أجل التهوية والإنارة والتكتيك العسكري، كما قام التنظيم بتفكيك المضخات الرئيسية وترحيلها إلى الرقة.



 هذه الإجراءات أدت إلى انخفاض في مستوى المياه الجوفية نتيجة انقطاع المياه عن مشروع الري لمدة عام ونصف بالإضافة إلى تخريب الشبكة التي كانت تروي آلاف الهكتارات من سهول الباب وتادف.

 كما تعرض مربو المواشي إلى خسائر كبيرة نتيجة بيعهم مواشيهم بأرخص الأسعار ومنهم من ترك  خلفه كل شيء لعدم قدرتهم على نقلها معهم.

وبشكل عام، فإن إعادة الحياة إلى المدينة يحتاج إلى أموال طائلة، وخسائر السكان وصلت لأرقام لم تتمكن الجهات المسؤولة من إحصائها إلى هذه اللحظة، حسب وصف نائب رئيس المجلس المحلي لمدينة الباب.


من جانبه، قال المهندس محمد خالد كنجو، قائد ميداني في لجنة إعادة الاستقرار في مجلس محافظة حلب الحرة، "لقد تعرضت مدينة الباب إلى دمار كبير طال معظم منازلها وأسواقها ومحالها التجارية وكافة مرافقها العامة والخاصة، حيث أصبحت المدينة منكوبة. وبحسب الدراسات التقريبية بلغت نسبة الدمار 75%، والخسائر المادية كبيرة جداً، عدا الخسائر البشرية والتي لا تقدر بثمن".


وبيّن كنجو أن عودة الحياة إلى طبيعتها في المدينة يحتاج إلى جهود كبيرة تشمل إزالة الألغام التي زرعها تنظيم "الدولة" في أرجاء المدينة بالإضافة إلى ترحيل الركام وفرض الأمن والاستقرار لكي يستطيع الأهالي العودة إليها، فمدينة الباب مركز بشري مهم تستطيع احتضان قرابة 400 ألف شخص وبذلك تساهم في تخفيف الضغط السكاني عن مناطق أخرى، كما أن إحياء أسواقها ومحالها يساعد السكان في توفير فرص عمل وقد يؤدي إلى رواج التجارة والصناعة في الشمال السوري، من جديد.

ترك تعليق

التعليق