ترقبوا انهياراً كبيراً لليرة السورية.. وهذه هي الأسباب


يواجه النظام السوري، مؤخراً، واقعاً اقتصادياً جديداً، خيم بظلاله على سعر صرف الليرة السورية، التي شهدت تراجعاً أمام العملات الرئيسية، يرى مراقبون أنه ليس إلا مقدمة لانهيارات متتالية.. والسبب هو أن النظام وجد نفسه مضطراً هذه المرة لتمويل استيراد أبرز حاجتين استراتيجيتين، وهما القمح والمشتقات النفطية، من خزينته، وليس من أموال القروض الإيرانية كما كان يفعل سابقاً..!!

وبحسب تصريحات حكومية، فإن تمويل استيراد هاتين المادتين يحتاج سنوياً إلى أكثر من 3.5 مليار دولار، غير متوفرة بشكل أكيد في خزينة الدولة، وهو ما دفع النظام لاتخاذ عدة إجراءات سوف يكون لها انعكاس كبير على سعر الصرف لناحية تراجع الليرة السورية، وقد بدأت ملامح أولية لهذا التراجع بالظهور من خلال خسارة الليرة لـ 2 بالمئة من قيمتها خلال أسبوعين.. فما هي هذه الإجراءات..؟

الإجراء الأول كان من خلال السماح للقطاع الخاص الصناعي باستيراد المشتقات النفطية براً وبحراً من أجل تشغيل منشآتهم، وهو إجراء يعني أن هؤلاء الصناعيين سوف يقومون باسيتراد المشتقات بالسعر العالمي وليس مدعوماً كما كانوا يشترونه من الدولة، الأمر الذي سينعكس ارتفاعاً على البضائع التي ينتجونها..

إضافة إلى أن ذلك يشكل استنزافاً لأرصدتهم من الدولار، والتي سيتم تغطيتها بطريقتين، إما من المصارف السورية، أو من خلال السوق السوداء.. وفي كلا الحالتين سوف يؤدي ذلك إلى تراجع الليرة السورية تباعاً..
 
أما الإجراء الثاني، وبسبب انهيار الميزان التجاري لصالح الاستيراد، وبسبب عدم قدرة الحكومة على تعويض استنزاف العملات الصعبة التي تغادر البلد، سواء من خزينتها أو من السوق السوداء، فهي تبحث حالياً، لتعويض جزء من هذا الاستنزاف من خلال فرض العديد من الضرائب، على "المواطنين" وعلى التجار والصناعيين، وهو ما سيؤدي إلى زيادة نسبة التضخم، نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع القيمة الشرائية للدخل.. وفي النهاية سوف يضغط ذلك أكثر على سعر صرف الليرة، التي قد تشهد انهياراً مفاجئاً وبنسب كبيرة، إذا لم يبادر المركزي والحكومة لإيجاد مصادر خارجية لتمويل عمليات الاستيراد..

فهل هناك مساعٍ في هذا الاتجاه..؟

منذ نحو أسبوع، أعلنت حكومة النظام، وبشكل غير مباشر، عن عجزها في تحقيق هذا الأمر، وذلك عندما تحدثت عن حل هو أقرب للخيال، في الفترة الحالية على الأقل، وهو المراهنة على استرجاع جزء كبير من حقول النفط التي يسيطر عليها تنظيم الدولة والعودة للإنتاج، خلال بضعة أشهر..!!

يبدو هذا الخيار، من الناحية النظرية، هو الحل الوحيد أمام الحكومة في ظل العجز عن فتح أسواق خارجية للمنتجات السورية لاسترجاع ما يتم استنزافه من العملات الصعبة، لكنه حل يفترض عدم تحقيقه، وبالتالي ما هو الخيار الآخر أمام الحكومة..؟

يشير مراقبون، إلى أن حكومة النظام، تتطلع إلى أن يستطيع النظام السياسي تسوية خلافاته مع إيران وإعادة مده بالنفط دون أن يضطر لدفع ثمنه في الفترة الحالية، وهي ترى أن "الحرد" الإيراني ليس قراراً نهائياً وإنما محاولة للضغط على النظام للحصول على امتيازات، لن يحصل عليها إلا بهذه الطريقة.. وبالتالي لا بد أن تعود إيران لتمويله من جديد "لأن رجليهما معاً، النظام وإيران، بالفلق"..

 ويرى المراقبون، أن الإجرءات التي اتخذها النظام، سواء بالسماح للقطاع الخاص بالاستيراد، أو سواء بالتصريح بأن هناك خطة لاسترجاع بعض حقول النفط من تنظيم الدولة، إنما هو كذلك ضغط مقابل يمارسه النظام على إيران، للقول بأنه لديه حلولاً بعيداً عنها..!!

وأما المساعي الحقيقية التي يقوم بها النظام على أرض الواقع، ويأمل أن تعفيه من الضغط الإيراني بشكل نهائي، فهو عودة شراء النفط من تنظيم الدولة بالليرة السورية، حيث أشارت مصادر مطلعة إلى أن هناك مفاوضات عبر وسطاء من النظام وتنظيم الدولة لعودة تجارة النفط بينهما، وأن تنظيم الدولة بات يشترط شراء جزء من النفط بالدولار، بعد توقف التجارة مع تركيا..!!

كل ذلك يقودنا للعودة إلى الفكرة الأساسية التي طرحناها في بداية المقال، وهي وضع الليرة السورية، وسط كل هذه العواصف التي تهددها.. فكيف سيكون حالها إذا فشلت كل الإجراءات السابقة..؟

لا يُخفي مسؤولو النظام تشاؤمهم من أنه إذا لم يتم إيجاد حل لمسألة تمويل المستوردات، فإن واقع الليرة السورية سوف ينتقل من سيء إلى أسوأ..

ولعل الكثيرين بدأوا يستشعرون قرب بلوغ الليرة حاجز الـ 600 ليرة أمام الدولار.. غير أن المشكلة ليست هنا، فهو رقم تخطته خلال السنة الماضية ومن ثم تجاوزته وعادت للصعود أمام الدولار.. المشكلة أن الهبوط هذه المرة سوف يكون سببه اقتصادي بحت ومنطقي، وليس نتيجة عمليات المضاربة والمتاجرة التي كان يقوم بها المصرف المركزي ذاته..!!

ترك تعليق

التعليق