هل تحوي تركيا "شفق كارتال" واحد؟


سواء أكان التركي "شفق كارتال"، صاحب مصنع الأحذية، "عديم الضمير"، كما يتهمه منتقدوه من الأتراك الذين عبّروا عن انزعاجهم من الصورة التي نشرها الأخير وهو يعذّب أحد عماله من اللاجئين السوريين، أم لم يكن كذلك، فإن هذه الحادثة فتحت باب التساؤل واسعاً عن الظروف غير الإنسانية التي يعاني منها الكثير من العمال السوريين في تركيا.

وتقول مصادر لـ"اقتصاد" إن الانتهاك المباشر الذي تعرض له اللاجئ السوري على يد كارتال في مدينة إزمير، ليس الشكل الوحيد للانتهاكات التي يتعرض له قسم كبير من العمال السوريين في تركيا.

وتوضح المصادر، أن الحرب والظروف الاقتصادية المتردية الناجمة عنها، لم تترك للسوريين في تركيا خيارات كثيرة، مما يدفع بهم إلى القبول بأي فرصة عمل، لتأمين نفقاتهم في بلد وصفها كاتب سوري بـ"الثقب الأسود القادر على ابتلاع أموال الفاريين والباحثين عن الأمان".

تجربة مشابهة عاشها الشاب "عبد الله"، لكنها كانت أخف قساوة مما تتعرض له الشاب السوري (الضحية) على يد كارتال. يقول "عبدالله": "كنت أعمل في ورشة لتصنيع الألبسة الجاهزة في مدينة عينتاب التركية، وكان صاحب الورشة كثيراً ما ينهال علينا بالسباب والشتائم".

ويضيف لـ"اقتصاد"، "في ذات يوم أبديت انزعاجي من الشتائم، ورددت واحدة منها لصاحب العمل، فما كان منه إلا أن طردني على الفور، من دون أن يعطيني مرتبي المتبقي في ذمته".

ويخبرنا أن هذا الحال معتاد لدى غالبية أرباب العمل الأتراك (البترون)، فهم كثيراً ما يشتمون العمال السوريين والأتراك على حد سواء.

من جانبه اضطر ياسر الأحمد، وهو عامل سوري في معمل لصناعة السجاد في مدينة غازي عنتاب التركية، إلى ترك عمله الذي بحث عنه طويلاً. يقول الأحمد: "تغيبت عن العمل مضطراً ليومين، وذلك بسبب مرافقتي لقريبي الذي تعرض لوعكة صحية، ما دفع بصاحب العمل إلى توقيفي عن العمل، بعد أن قام بتشغيل عامل سوري آخر مكاني على الفور".
 
ويخبر"اقتصاد": "كنت أعمل لأكثر من 14 ساعة يومياً، وبراتب أسبوعي يبلغ 300 ليرة، لكن ومع ذلك تم التخلي عني بسهولة، وبدون أي تحلي بالمسؤولية".

ويقسم الصحافي السوري المهتم بالشأن السوري في تركيا، عبو الحسو، العمالة السورية في تركيا إلى شريحتين، الأولى: العمالة التي تعمل بموجب تصاريح عمل رسمية، بحقوق محفوظة بموجب عقد العمل، الذي يضمن الحد الأدنى من الأجور البالغ 1404 ليرة تركية شهرياً، وبعض الحقوق الأخرى.

أما الشريحة الثانية بحسب الحسو، فهي الشريحة التي تعمل بدون إذن عمل، وهؤلاء حقوقهم مهضومة من عدة نواحي، من بينها عدد ساعات العمل التي تتجاوز الحد المسموح به، أي 11 ساعة يومياً، وعدم توفر الإجازات.

وخلال حديثه الخاص بـ"اقتصاد"، يرى الحسو أنه نتيجة لكثرة العروض التي يتلقاها رب العمل من العمال السوريين، فإن الأخير يتصرف بطريقة أقل ما يقال عنها أنها "غير إنسانية"، مثل تسريح العمال القسري.

أما عن الحلول التي يراها الحسو كفيلة بمنع تعرض العمالة السورية للاستغلال، قال: "إن سماح السلطات التركية لحملة بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك) باستصدار تصاريح عمل، تضمن إلى حد بعيد تقليل مظاهر الاستغلال التي يتعرض لها السوريون".

لكنه أضاف بالمقابل: "ما زالت الكثير من أماكن العمل بدون رقابة حكومية، ويجب على الحكومة التركية أن تشدد رقابتها بشكل أكبر، وأن لا تسمح بتشغيل السوريين بدون الحصول على تصاريح عمل".

ترك تعليق

التعليق