حرفي حمصي ينقلها إلى ريف إدلب.. تعرف على تفاصيل صناعة قفف وسلال الكاوتشوك


يجلس "عبد الكريم خراز" أمام إطار كاوتشوكي قديم يقوم بقصه بشكل طولاني ثم ينزع دعامته السميكة الداخلية ويبدأ بتصنع قفة من الأجزاء التي استخلصها، وهي المهنة التي ورثها عن أبيه وأجداده في حمص وحملها معه إلى مكان نزوحه في ريف إدلب، لتكون مصدر عيش له ولأسرته في ظروف النزوح الصعبة.

 وينتمي الخراز إلى عائلة عُرفت بممارسة صناعة القفف والسلال من دواليب السيارات منذ عشرات السنين. وقبل أن يُخيّم شبح الحرب كان المار من شارع الحميدية في حمص يرى عشرات المحال الصغيرة المتراصة التي ينتج أصحابها العديد من أنواع السلال والقفف التي يستخدمها أهل الريف في الخزن والتسويق.

 وتتنوع هذه المنتجات بحسب نوعية المواد الخام الداخلة في تصنيعها، فهناك سعف النخيل وسنابل القمح والخيزران والقش والحور والصفصاف والريحان والشربعان وغيرها.


 ومنذ أكثر من نصف قرن، ظهر نوع جديد من هذه السلال والقفف يعتمد في تصنيعه على كاوتشوك السيارات بعد تلفه، ومن هذه الصناعة ظهرت أنواع كثيرة مختلفة الحجوم للدلاء (جمع دلو)، التي تستخدم في استخراج الماء من الجب العربي التقليدي القديم، وهي تأخذ أشكالاً بيضوية مغلقة من الأسفل ومفتوحة من الأعلى، ومثبت عليها من الأعلى يد من الكاوتشوك أيضاً لحمل الدلو أو ربطه بحبل الجب، وكذلك القفف الضخمة مختلفة الأشكال التي يستخدمها البدو وأهل القرى في تقديم العلف لمواشيهم أو في جني المحاصيل وحفظها ويسميها البدو (الطوالة) أيضاً، وهذه المهنة الجديدة نسبياً وإن كانت لا تثير الانتباه للوهلة الأولى إلا أنها تتوفر على عناصر جمالية خاصة، وتحتاج إلى صبر وإتقان وقدرة على التعاطي مع مادة "كتيمة" صعبة التشكيل كالكاوتشوك.

وارتبطت مهنة صناعة قفف وسلال الكاوتشوك التي بدأت في سوريا مع ظهور الإطارات عام 1960 بعائلة الخراز التي جاء اسمها من كار دبغ الجلود وخرازتها. (الخَرّازُ: صَانع الخَرَزِ والخَرّازُ مَنْ حرفتُه خياطةُ الجلد). كما هو شأن العديد من الأسر الحمصية التي قامت على أكتاف أبنائها مهن وحرف وكارات وانقرضت بتخليهم عنها، كما يقول الخراز لـ"اقتصاد" مضيفاً أن "هذه المهنة تعتمد اعتماداً أساسياً على دواليب الكاوتشوك التالفة المصنوعة من الكتان حصراً وتتميز هذه المنتجات بمقاومتها للعوامل الطبيعية وإمكانية إصلاحها ومحافظتها على البيئة في التخلص من الإطارات التالفة، وتمتاز كذلك برخص ثمنها وجودتها العالية مقارنة بالكاوتشوك الأجنبي، يضاف إلى ذلك صناعتها اليدوية فلا يوجد للآلة أي تدخل في ذلك، فأدواتها في الصناعة هي: الإبرة والخيط المصنوع من مادة الصوف المتين".


وحول مراحل هذه المهنة، أوضح الخراز أن أول مرحلة في المهنة هي تحضير الدولاب الذي يجب أن يكون من قياس 24 وهو من الكاوتشوك الذي يستخدم للسيارات الشاحنة ويتألف عادة من 14 طاقاً ويكفي لتصنيع أربع طوالات وعشرة دلاء.

 يتم أولاً تسليخ الطاق الأسود وتفصيله حسب ما هو مطلوب إن كان قفة أو دلواً أو غيرها ويُلف بشكل دائري على الأرضية التي يتم تحضيرها مسبقاً ويُدرز الطاق فوق الأرضية بخيوط قطنية ويتم تدعيمها بمسامير معدنية ثم يقوم الحرفي بتدعيم طرفي الطاق بواسطة مسامير تبشيم وتوضع للطوالة يدان من طرفيها لحملها والتحكم بها، والدلو يتم صنعه بذات الطريقة ولكنه يأخذ شكلاً بيضوياً ويتم وضع حاملة له من الكاوتشوك أيضاً.

ترك تعليق

التعليق