هل كان خياراً خاطئاً؟.. نازحو داريا في حرجلة: بين الاحتجاز، والسَّوق للخدمة العسكرية


في الأيام القليلة الماضية كان ابن مدينة داريا الأربعيني، "أبو أنس"، يتحدث بشكل يومي عن طريق الواتسآب، مع ابنه أنس، الذي يقيم في محافظة إدلب. ومنذ أيام، يحاول أنس الاتصال بوالده المحتجز في مركز إيواء ببلدة حرجلة في ريف دمشق، لكن دون جدوى.

آخر أيام شهر آب 2016، كان عصيباً بالنسبة لمئات المقاتلين والمدنيين المحاصرين في جيب صغير بمدينة داريا التي تبعد 8 كيلومترات عن العاصمة دمشق. قبل نهاية الشهر توصل ثوار المدينة التي صمدت قرابة أربع سنوات في وجه حملات عديدة شنتها قوات النظام، إلى اتفاق يقضي بإفراغ المدينة خلال 72 ساعة، كانت هناك وجهتان لا ثالث لهما، محافظة إدلب في أقصى الشمال، أو مركز الإيواء في حرجلة.

تقول الإحصائيات إن قرابة 500 شخص غادروا داريا متجهين نحو حرجلة. حيث نص الاتفاق على تسوية أوضاعهم مع إعطاء وعود لهم بحرية التحرك خلال خمسة أيام.

يقول "أنس" الذي فقد الاتصال بوالده في حرجلة، "من أحاديثي اليومية مع الوالد لمست مدى القلق الذي يساوره. إنه يعتقد أن مصيراً مجهولاً سيكون له بالمرصاد في المستقبل القريب".

والد أنس الذي تجاوز 45 سنة صارح ابنه خلال اتصال سابق بخضوعه لتحقيق مشدد في غرفة ضمن مركز الإيواء. يقول أنس: "كان متوجساً من التحقيق الذي جرى معه. أخبرني أنهم عاملوه بشيء من القسوة. وفي النهاية قال، سيقودونني إلى الاحتياط".

تُعتبر قصة "أبو أنس"، إحدى النماذج عما يحصل في مركز الإيواء بحرجلة. عدد من المنشقين والمتخلفين عن الالتحاق بالخدمة في صفوف النظام سابقاً، يواجهون مصيراً مجهولاً. تقول المعلومات، "إنهم سيُساقون إلى الجيش".

يُمنع قاطنو مركز الإيواء من مغادرة المكان إلا ببطاقات تسمح لهم بإجازات ساعية. وفي وقت سابق تم الإفراج عن عدد من النسوة والكهول، لكن حاجز صحنايا على طريق عودتهم إلى دمشق، اعتقل الجميع.

"أبو سعيد"، اختار ركوب باصات التهجير من داريا ضمن اتفاق الإخلاء إلى مدينة إدلب. بينما اختار أخوه وزوجته التوجه نحو حرجلة. "بعد عدة أشهر من الإقامة في مركز الإيواء سُمح لأخي وزوجته بمغادرة المركز. وعند جسر صحنايا أُلقي القبض عليهما"، يتحدث "أبو سعيد". ويضيف: "إنهما الآن رهن الاعتقال".

من وجهة نظر أنس وأبو سعيد، كان التوجه نحو مركز حرجلة خياراً خاطئاً. وبين الاعتقال والاحتجاز التعسفي أو السَّوق إلى جيش النظام، يعيش الأهالي في كابوس مرعب. تتعدد فيه الخيارات، وكل واحد منها أقسى من الآخر.

ترك تعليق

التعليق