من ملفات فساد العائلة الحاكمة.. كيف أهان آل الأسد "الحيدرية" في مطعم التنور بصلنفة؟


في بداية عام 2002 صدر قرار عن "دائرة التنفيذ" في بلدة صلنفة بالإعلان عن بيع مطعم التنور الذي يملكه "عصام بدور" بالمزاد العلني.

جرى المزاد بشكل قانوني وانتهى بإحالة ملكية المطعم بشكل نهائي إلى ابن عدنان الأسد.

تلك قصة من قصص فساد آل الأسد، نرويها نقلاً عن شاهد عيان مطلع على تفاصيل دقيقة عن قصة استيلاء عدنان الأسد على مطعم شهير في مصيف صلنفة بجبال الساحل السوري.

واللواء عدنان الأسد، هو أحد أبناء عم حافظ الأسد، وكان قائداً للوحدة (549) التي تُدعى بـ "سرايا الصراع"، التي تمثل حلقة دفاع خارجي للعاصمة دمشق.

عدنان الأسد يغدر بصديقه عصام بدور

غدر اللواء عدنان الأسد بصديقه عصام بدور وأجبره باستخدام القوة على توقيع عدد من الشيكات بدون رصيد، وتقدم محاميه توفيق رجب بدعوى نظامية أمام المحاكم الجزائية بأحد الشيكات، وأصدرت المحكمة قرارها بإلزام عصام بدور بدفع قيمة الشيك مع الفوائد القانونية والحجز على أملاكه المنقولة والغير منقولة.

بدأت المسرحية عندما حاول اللواء "عدنان الأسد" توسيع أملاكه باتجاه بلدة صلنفة وأراد مشاركة "عصام بدور" ابن زعيم عشيرة "الدراوسة"، "عنان بدور"، في "مطعم التنور". رفض "عصام" بلطف واعتبر أن هذا المطعم هو ملك لعائلته التي تترأس عشيرته ولا يستطيع مشاركة أحد به.

اعتبر اللواء "عدنان" هذا الرفض بمثابة إهانة له ولعائلته من قبل "آل بدور"، وأراد إهانة العشيرة بكاملها وترويضها بإذلال زعيمها، ولجأ إلى القوة والقضاء لانتزاع ملكية المطعم.

استيلاء بقوة القانون

بعد أخذ ورد قانوني شكلي أمام دائرة التنفيذ بين المحاميان "توفيق رجب" و"علي طراف" وكيل "عصام بدور"، انتهى الأمر بعد عدد من التهديدات للمحامي "طراف" وأحيل الأمر للتنفيذ الفوري.

في اليوم المحدد للبيع بالمزاد العلني انطلق المحامي "توفيق" إلى بلدة "صلنفة"، وهناك اصطحب مدير التنفيذ "قيس أبو دست" مع عدد من عناصر شرطة الناحية، وتوجهوا إلى مطعم "التنور" الذي يقع شمال شرق صلنفة.

وعلى الفور بدأ مدير التنفيذ "أبو دست" بإجراءات البيع الشكلية، وأعلن بدء المزاد العلني، وافتتح المزاد بالقيمة التخمينية للمطعم والبالغة 20 مليون ليرة سورية.

لم يتقدم أحد للمزاد بسبب خوف المستثمرين والتجار، ومعرفتهم المسبقة أن الأمر مجرد لعبة لاستيلاء "عدنان الأسد" على المطعم، والأمر محسوم والمشاركة بالمزاد والمنافسة ممنوعة وخطرة.

خفض "مدير التنفيذ" المبلغ مراراً وتكراراً حتى وصل إلى 200 ألف ليرة سورية، وعندها أعلن المحامي "توفيق رجب" عن قبوله بالشراء باعتباره موكلاً بالشراء ودفع الثمن عن "ابن عدنان الأسد"، وبدأ برفع السعر بنفسه دون أن يشاركه أحد بالمزاد، حتى وصل إلى 1.150.000 ليرة سورية، وأُقفل المزاد عند هذا الحد، وسطر المحامي شيك بالمبلغ وسلمه لمدير التنفيذ.

وبعد استكمال الإجراءات الشكلية تمت "الإحالة القطعية" لملكية مطعم التنور وما يحتويه من أدوات لصالح ابن اللواء "عدنان" بأمر من مدير التنفيذ.

(مطعم التنور)

إهانة العشيرة بكاملها

حضر هذا المزاد عدد من أبناء "آل بدور" بالإضافة إلى عدد من شبان عشيرة "الدراوسة"، حاولوا منع إتمام عملية البيع وكانت الشرطة لهم بالمرصاد.

سمعت بعض الأصوات من بعيد، تلعن "آل الأسد"، وتهدد بالانتقام باسم عشيرة "الدراوسة" خاصة، وباسم "عشائر الحيدرية" عامة، حيث اعتبروا ما تم إهانة جماعية لهم وقال أحدهم من خلف الأشجار مهدداً، "بدنا نرجعكن عتكنيس السطبلات متل ماكنتو يابيت الوحش".

كان كل شيء مدروساً، جاءت محاولة عدنان الأسد للتمدد باتجاه صلنفة وما حولها بعد مسيرة شعبية قام بها أبناء العشائر الحيدرية تأييداً لترشح "غسان عنان بدور" الأخ الأكبر لـ "عصام بدور" لعضوية مجلس الشعب دون أخذ موافقة آل الأسد حينها، وهو ما اعتبروه تحدياً لسلطتهم في محافظة اللاذقية.

اعتبر "بيت الأسد" أن الحشد الذي استطاع "آل بدور" حشده من العلويين المؤيدين (الحيدرية) تهديداً مباشراً لهم، وأرادوا تأديبهم، وخصوصاً بعد ظهور جرأتهم بالمنافسة الحقيقية، وكذلك بعد تحدي "عصام بدور" لـ "فواز الأسد" بعدد من المواقف في بلدته "صلنفة"، ومحاولته بناء قوة حقيقية تدين له بالولاء.

تشويه الرمز

كان "مطعم التنور" يعتبر رمزاً لسلطة "آل بدور" ومكانتهم في بلدة صلنفة ومكاناً لتجمعهم، واستطاع "عصام" بكرمه الزائد مصادقة عدد كبير من الشخصيات من كافة أنحاء سوريا، كما تمكن من إعادة لم شمل عدد كبير من عشيرته حوله، وكان المطعم مكاناً لالتقاء أصدقاء "آل بدور" وأقربائهم فأراد "الأسديون" تدميره.

جرت محاولات لتسوية الأمر وإجراء مصالحة، وكانت شروط "عدنان الأسد" مذلة، ورفضها "عصام" برغم تعرضه للمضايقات والملاحقة من قبل الشبيحة والأمن والشرطة لتنفيذ أحكام سجن بحقه صدرت برعاية أسدية.

يعلم "بيت الأسد" أنهم لن يتمكنوا من الاحتفاظ بمطعم التنور إلى ما لا نهاية، لذلك عمدوا إلى تشويه سمعته باستثماره بطرق غير أخلاقية، وبتقديم خدمات سيئة وممارسة التشبيح على رواده دون تغيير اسمه، مع جهل الرواد بانتقال ملكيته حيث كان العمال يحرصون على التأكيد بأنه مازال ملكاً لآل بدور.

ترك تعليق

التعليق