صناعة وتجارة الألبسة الجاهزة في سوريا.. تصارع البقاء بالمعارض!!
- بواسطة فؤاد عبد العزيز – خاص – اقتصاد --
- 05 شباط 2017 --
- 0 تعليقات
هل تعلمون ماذا يعني أن يغادر أكثر من عشرة ملايين سوري بلدهم، وأن يلبس أكثر من مليون منهم في الداخل البدلة العسكرية طوال الوقت، بينما اضطر أكثر من نصف هذا العدد لتغيير زيه للباس الأفغاني أو الإسلامي التقليدي..؟!
إنه يعني بالضبط ضربة قاصمة لظهر صناعة وتجارة الألبسة الجاهزة في سوريا، والتي عاشت عصراً ذهبياً امتد لعقود وكان يوصف بأنه القطاع الذي لا تقل أرباحه عن أرباح تجارة المخدرات..!!
فما هي أحوال هذا القطاع في هذه الأيام، وكيف يقاوم أزمته التي فرضتها ظروف الحرب خلال السنوات الست الماضية..؟
خيارات الهجرة والبقاء
منذ مطلع العام 2012، اتضح للرأي العام في سوريا أن الأزمة طويلة وأن مراحلها القادمة سوف تتجه لتدمير كل شيء.. وبالذات بعد أن بدأ النظام بعمليات القصف العشوائي بالمدافع والطائرات دون تمييز بين بيت أو مصنع أو منشأة دينية أو ثقافية أو حتى تاريخية..
ولأن الصناعة النسيجية والمرتبطة بها تشكل أكثر من 70 بالمئة من الصناعة السورية، لهذا كان القطاع الأكثر تضرراً في بنيته التحتية، حيث تعرض لأكبر هزة عنيفة في نهاية العام 2012، عندما تم نهب وحرق وتدمير العديد من المنشآت الصناعية في مدينة الشيخ نجار في حلب، والتي تشكل العصب الرئيسي لصناعة النسيج والألبسة الجاهزة في سوريا.
ومن جهة ثانية، عامل النظام السوريين حسب انتماءاتهم السياسية، وليس بحسب ما يملكون من مال، لهذا عمد إلى ضرب كل القوى الاقتصادية التي كان يشك بانتمائها للمعارضة، الأمر الذي أعطى تنبيهاً مبكراً لأصحاب الأعمال ممن يتعاطفون مع الثورة، بأن يغادروا البلد هم ومنشآتهم..
وبحسب دراسات غير رسمية، فإن صناعة النسيج والألبسة الجاهزة في سوريا انتقل أكثر من 50 بالمئة منها إلى مصر وتركيا ولبنان، بينما تعرض أكثر من 30 بالمئة منها للدمار، وما تبقى لا يزال يصارع البقاء وسط مخاوف في كل لحظة من أن يطالها القصف العشوائي..!!
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ما هي الوسائل التي تقاوم بواسطتها هذه المنشآت من أجل البقاء؟، وكيف تستطيع اليوم الاستمرار وسط كل هذه المخاطر..؟
شروط البقاء المذلة
في حوار مع أحد كبار مصنعي الألبسة في سوريا، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، أشار في تصريح خاص لـ "اقتصاد" إلى أن تجارة وصناعة الألبسة كانت أرباحها قبل العام 2011 تعادل ثلاثة أضعاف تكاليف الإنتاج، بالإضافة إلى أن الطلب عليها كان كبيراً وبالذات في الدول العربية المجاورة، إلا أنه ومنذ العام 2013، ومع بدء الإنهيار الكبير في الليرة السورية وتراجع القدرة الشرائية للمواطن السوري، أخذت الأرباح تتراجع كثيراً إلى حد التكلفة في كثير من الأحيان، أو حتى الخسارة، لافتاً إلى أنه ظهرت بالإضافة إلى كل ذلك، منافسة كبيرة من الألبسة المهربة من تركيا أو المستوردة من الصين والتي كانت تباع بأسعار أرخص بكثير من المصنعة محلياً، الأمر الذي وجه ضربة كبيرة لصناعة الألبسة الجاهزة في سوريا.
وحول تقديره لخسائر هذه الصناعة في سوريا والآفاق المستقبلية أمامها، أضاف هذا الصناعي، أن الخسائر كانت بدون شك بالمليارات وأغلبها سببه الدمار الذي لحق بالمنشآت والبضائع، مشيراً إلى أن هناك الكثير من مصنعي الألبسة الجاهزة المعروفين، أشهروا إفلاسهم وباتوا على "الحديدة" بحسب وصفه، وبالذات ممن كانت منشآتهم وبضائعهم في المناطق الساخنة.. أما عن الآفاق، فيرى أن صناعة النسيج السوري تعرضت لهزة عنيفة وهي لن تعود إلى سابق عهدها بسهولة، وخصوصاً أن الكثير من المصنعين نقلوا معاملهم إلى خارج البلد وبدأوا بالإنتاج واستطاعوا أن يحققوا نجاحات وأرباح كبيرة في مصر تحديداً.. أما من بقي في سوريا، يضيف هذا الصناعي، فإن مصنعي الألبسة يقاومون البقاء ويحاولون الاستمرار بشتى الطرق.. ومع توقف عمليات استيراد الخيوط بسبب العقوبات الاقتصادية على النظام، فإنه ليس هناك من خيارات كثيرة أمام الصناعي سوى أن يلجأ إلى الدول المجاورة وبالذات لبنان وأحياناً العراق، وذلك لتأمين مستلزمات الإنتاج ولكن بأسعار مرتفعة وهو ما أدى إلى تضاعف تكاليف الإنتاج مرات عديدة، بحسب الصناعي نفسه..
وهو يرى اليوم أن المشاركة في المعارض باتت منفذاً جيداً لمصنعي الألبسة وبالذات معرض "سيريامودا" الذي يقيمه منذ خمس سنوات اتحاد المصدرين السوري في بيروت، لافتاً إلى أن ذلك ساعدهم في إيجاد أسواق خارجية لمنتجاتهم بعد أن تراجعت القدرة الشرائية للمواطن السوري إلى حد لم يعد قادراً معه على تغطية تكاليف شراء الألبسة الجاهزة، بسبب ارتفاع أسعارها وبشكل يفوق مستوى الدخل الذي يحصل عليه السوري.
تجدر الإشارة إلى أنه يقام حالياً في بيروت، الدورة التاسعة لمعرض سيريامودا، بمشاركة أكثر من 125 شركة سورية لصناعة الألبسة الجاهزة، فيما أشار مراقبون إلى أن صناعة الألبسة الجاهزة السورية لا تلق رواجاً في لبنان، وذلك بسبب انفتاح السوق اللبنانية على الأسواق العالمية وتنوع الخيارات أمام المستهلك اللبناني.
وبحسب وسائل إعلام موالية للمعارضة، فإن معرض سيريامودا، يقام في لبنان بدعم من حزب الله، على اعتبار أن وزير الصناعة هناك هو حسين الحاج حسن، أحد قيادات حزب الله المعروفين، والهدف منه مساعدة النظام السوري للإبقاء على الحد الأدنى من المشهد الاقتصادي في البلد، ولو شكلياً.
التعليق