"اقتصاد" يخوض في سوق السلاح بسوريا.. ويكشف جوانب من النوعيات والأسعار


شكلت الحرب السورية مناخاً خصباً لانتشار تجارة السلاح بين الأفراد في المناطق التي تحررت من قوات النظام وسادت فيها مظاهر الفوضى والاقتتال الداخلي بين الفصائل العسكرية التي تحاول كل منها بسط سيطرتها على حساب الأخرى وطغت فيها طبيعة الحياة العسكرية على الحياة المدنية أو اختلطت لحد بات من الصعب الفصل بينهما.

فاليوم باتت تجارة الأسلحة الفردية كالبنادق والمسدسات الحربية وقطعها ولوازمها، إضافة لمختلف أنواع الذخائر، أحد أبرز أشكال  التجارة والأكثر والأسرع ربحاً بين الأفراد في المناطق المحررة. وتمارس بشكل علني أمام أعين جميع الهيئات القضائية والمجالس المحلية المسيطرة على المدن والبلدات وبعيداً عن أي رقابة أو رادع لها. وأصبح لها أسواقها الخاصة داخل المدن والبلدات المحررة وعلى صفحات الفيسبوك ومجموعات الواتس أب.

حيث رصد "اقتصاد" بعد متابعة دقيقة لعدد من الصفحات ومجموعات الواتس أب، الآلية التي تقوم عليها تلك التجارة والتي لا تختلف عن غيرها من مجالات التجارة الأخرى كتجارة السيارات أو الأدوات المستعملة. 


فالتجارة بالأسلحة الفردية تخضع  للعرض والطلب من خلال نشر الأشخاص لصور الأسلحة المطلوب بيعها أو المطلوب شرائها ومواصفات قطع الأسلحة المعروضة للبيع والتي غالباً ما تحمل تسميات محلية معروفة بين المهتمين بتلك التجارة أو بين من يحمل سلاحاً في تلك المناطق.

وتشكل البنادق الحربية (الكلاشنكوف) والتي تختلف أنواعها باختلاف البلد المصنع لها، إضافة للمسدسات الحربية ذات العيارات المختلفة والذخائر اللازمة لهما، غالبية القطع التي يتم عرضها للبيع في سوق السلاح. كما يتم أحياناً عرض بعض الأسلحة الرشاشة الخفيفة والقناصات.


أما عن أسعار قطع السلاح، فالقائمة تطول حيث لا يوجد معيار ثابت للأسعار فهي تختلف من قطعة إلى أخرى بحسب جودتها ومدى مطابقة أرقام أجزاء القطعة لبعضها. كما تتأثر تجارة السلاح بالظروف العسكرية المحيطة بها وفق ما ذكره لـ "اقتصاد" مصدر خاص على دراية بتلك التجارة وأسرارها.

فبالنسبة لبنادق (الكلاشنكوف) المستخدمة، أسعارها تبدأ من 200 دولار وتصل حتى 500 دولار حسب نوع السلاح وجودته ومنشأه. أما البندقية الجديدة فقد يصل سعرها إلى 700 دولار أو يزيد على ذلك تبعاً لاختلاف البلد  المصنع لها. فيما يصل سعر الطلقة اليوم إلى 85 ليرة سورية فقط. وسعر مذخر الطلاقات (المخزن) الفارغ 5000 ليرة سورية.


فيما ترتفع أسعار المسدسات الحربية عن أسعار البنادق حيث يصل متوسط أسعارها إلى 1000 دولار ويزيد عن ذلك تبعاً لاختلاف أنواعها وأصنافها وعياراتها.


وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، أن تجارة السلاح في المناطق المحررة من النظام انتشرت بكثرة بسبب الوضع الأمني غير المستقر في تلك المناطق، والذي سمح لبعض الأشخاص بامتهان تلك التجارة للربح وكسب المال، مضيفاً أن تلك التجارة  لا تقتصر فقط على تجارة السلاح الخفيف وحسب، بل تتعداها إلى السلاح الثقيل.

فأغلب التجار الكبار هم غالباً إما سماسرة أو  تابعين أو مرتبطين  ببعض الفصائل العسكرية، وتدر تجارة السلاح  عليهم  أرباحاً كبيرة وخصوصاً عند تهريب وبيع  السلاح إلى المناطق المحاصرة.

واستطرد المصدر متابعاً حديثه عن مصدر تلك الأسلحة التي باتت منتشرة بين الأفراد في المناطق المحررة قائلاً، إن غالبية قطع الأسلحة الفردية هي من الثكنات والحواجز العسكرية للنظام التي سقطت بيد الثوار، أو الفصائل التي تفككت أو انحلت بسبب الاقتتال بين الفصائل.

في المقابل، قال مصدر آخر لـ "اقتصاد"، "ليس كل ما يعرض من قطع السلاح هو للاتجار بها حيث  أن الكثير من المقاتلين الذين تركوا القتال وخصوصاً المُهجرين منهم اضطروا لبيع سلاحهم لإطعام أطفالهم. فعلى سبيل المثال إذا كنت تملك قطعتين من السلاح ولديك أطفال جياع فما هي الفائدة من السلاح؟". وأضاف: "أنا نازح حالياً وأسرتي أهم من السلاح بالنسبة لي".

أما من الناحية القانونية وأثر انتشار وتداول السلاح بين المواطنين، فهو بحسب المحامي غزوان قرنفل، عضو اللجنة التنفيذية في مجموعة العدالة الانتقالية، يشكل أبرز التحديات التي ستواجه أي هيئة حكم انتقالية قادمة مستقبلاً، إذ يعتبر نزع السلاح من يد المواطنين من أهم مهامها لإعادة الأمن والأمان لفئات المجتمع.

وبالتالي فإن نزع السلاح الفردي وإيقاف الاتجار به يجب أن يكون ضمن برامج تشرف عليها منظمات المجتمع المدني وتساعد من خلالها الحكومة الانتقالية على نزع السلاح من الناس من خلال إتباع  وسائل الترغيب والترهيب، والذي يتم وفق  قرنفل من خلال برنامج تعده الحكومة الانتقالية لشراء السلاح من المواطنين خلال فترة زمنية معينة، وملاحقة كل من يتخلف عن تسليم سلاحه بموجب قانون يوضع لهذا الغرض.

كما أن ضمان حسن سير العدالة الانتقالية، وطرح الحكومة الانتقالية لعدد من البرامج الاقتصادية، والتي تؤمن فرص عمل وصرف مكافئات للأفراد، سيكون عاملاً مهماً في ترك وتسليم السلاح من قبل الكثير من الناس، وإيقاف تداوله والاتجار به فيما بينهم.

ترك تعليق

التعليق