اللاجئون يغرقون في "دموع التماسيح" الأوروبية


رغم اللهجة الشديدة في الانتقادات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي والكثير من دوله، للحظر المؤقت الذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على دخول اللاجئين ومواطني 7 دول إسلامية لبلاده، إلا أن ممارساتها على أرض الواقع تظهر "تناقضا"، بحسب مراقبين، بين الأفعال والأقوال، لاسيما مع السعي الحثيث لإغلاق أبواب أوروبا في وجه اللاجئين.

وبينما تذرف دول أوروبية دموع التماسيح عقب قرار ترامب، فارقت رضيعة سورية تدعى نورشان، الحياة جراء البرد والمرض، في اليونان، المحطة التي ينتظر فيها اللاجئون طويلا، قطار الأمل نحو دول أوروبا الغربية.

ودفنت نورشان البالغة شهرين من العمر، بصمت في مقبرة "هالكيدا" باليونان، مطلع شباط/ فبراير الجاري، ليرتفع بذلك عدد اللاجئين الذين ماتوا في اليونان التي تشهد موجة برد قاسية، إلى 4 أشخاص خلال الأسبوع الأخير.

وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن اللاجئين الثلاثة الآخرين (باكستاني ومصري وسوري) فارقوا الحياة تسمما بالدخان المتصاعد من المدفأة التي أشعلوها، في خيمتهم الصيفية.

وتزامنا مع دفن نورشان، كان المسؤولون الأوروبيون في بروكسل، يوصون بتمديد السماح لكل من ألمانيا والنمسا والدنمارك والسويد والنرويج بتعليق العمل باتفاقية "شنغن"، لمدة ثلاثة شهور إضافية، في مواجهة تدفق اللاجئين، ويخططون لعقد قمة مع ليبيا، كي "لا يأتي اللاجئون"، وتجري مناقشة قرار ترامب حول حظر الدخول، في البرلمان الأوروبي.

ووجه المجتمعون انتقادات لاذعة لترامب، وفي مقدمتهم مفوضة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية فيديريكا موغريني، التي قالت:" لا يمكن حرمان أحد من حقوقه بسبب مكان ولادته أو دينه أو جذوره الإثنية، نحن هكذا وهذه هويتنا، نحن نحتفل عندما تنهار الجدران".

واتفاقية شنغن، التي دخلت حيز التنفيذ عام 1995، ألغت قواعد حرية الحركة عبر الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي، ما يسمح بالانتقال بدون جواز سفر في معظم أنحاء الاتحاد المؤلف من 28 دولة، وهو ما يعتبره أوربيون أعظم إنجاز للاتحاد.

وفي هذه الأثناء تعالت أصوات قادة الكتل السياسية في البرلمان الأوروبي، مطالبين بـ"إغلاق أبواب أوروبا في وجه ترامب"، إلا أن الحقائق على الأرض تظهر جليا إغلاق أبواب أوروبا في وجه اللاجئين.

ويوجد في اليونان حاليا نحو 60 ألف لاجئ، يعانون من ظروف الشتاء القاسية في المخيمات، وتصف الأمم المتحدة أوضاهم بالمزرية التي "يرثى لها".

ورغم تعهد الاتحاد الأوروبي بإعادة توزيع 160 ألف لاجئ وصلوا اليونان وإيطاليا، خلال عامين، بين دوله، إلا أنه لم يلتزم إلا حد كبير بتعهده.

ووفق آخر تقرير صادر عن المفوضية الأوروبية بتاريخ 8 كانون الأول/ ديسمبر 2016، بلغ عدد اللاجئين الذين جرت إعادة توطينهم 8 آلاف و162 لاجئا فقط.

كما أن الاتحاد الأوروبي لم يلتزم  بتعهداته حول استقبال لاجئين من دول الجوار لسوريا، فعلى سبيل المثال تعهد باستقبال 54 ألف لاجئ مقيم في تركيا، إلا أن عدد الذين استبقلتهم دول الاتحاد بلغ ألفين و761 لاجئا.

كما رحلت دول الاتحاد 11 ألف لاجئ في 2016، والتزمت بروكسل الصمت حيال قيام المجر بإنشاء جدار على حدودها مع صربيا، للحيلولة دون تدفق اللاجئين، واعتبر الاتحاد الموضوع "مشكلة وطنية" للمجر.

وقالت اليونان إن وزير شؤون الهجرة واللجوء البلجيكي تيو فرانكين، قال خلال اجتماع لوزراء داخلية الاتحاد: "ارمو اللاجئين في البحر، وإذا غرقوا فليغرقوا".

لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، ولكن توجهت دول الاتحاد الأوروبي لإبرام اتفاقيات مع الدول الأخرى، من أجل الحيلولة دون وصول اللاجئين إليها، فجرى توقيع اتقاقية مع أفغانستان لإعادة مواطنيها إليها، دون الاكتراث إلى استمرار خطر حركة طالبان، وغياب الاستقرار في كثير من مناطقها.

وكان الاتحاد الأوروبي أبرم اتفاقية مع تركيا بغية عدم وصول اللاجئين، وتعهد بإحياء مسيرة مفاوضات انضمامها للاتحاد، وإلغاء تأشيرة دخول الأتراك، وتقديم 6 مليار يورو لدعم اللاجئين السوريين، على شكل حزمتين، إلا أن الاتحاد لم يف بوعوده، وأظهر مرة أخرى "عدم مصداقيته".

وبفضل الاتفاقية الموقعة مع تركيا، انخفض عدد اللاجئين الوافدين إلى الجزر اليونانية، إلى نحو 80 لاجئ يوميا، في حين يستعد الاتحاد لإبرام اتفاقية مشابهة مع ليبيا وتقضي بدفع 200 مليون يورو إلى ليبيا ودول أفريقية أخرى، كمساعدات، وتدريب فرق خفر السواحل الليبية، في الوقت الذي ينتقد فيه بشدة سياسات ترامب.

ترك تعليق

التعليق