حوض اليرموك يشتعل من جديد.. و50 ألف مدني يفقدون الأمل في أي حلحلة ممكنة


شهدت منطقة حوض اليرموك، في أقصى ريف درعا الغربي، اندلاع معارك واشتباكات عنيفة بين فصائل المعارضة المسلحة من جهة، وبين جيش خالد بن الوليد، المتهم بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية من جهة أخرى. وما تزال تلك الاشتباكات مستمرة منذ يوم الثلاثاء مطلع شهر شباط الحالي، ما بدد الآمال بانفراجة قريبة ترفع الحصار عن أهالي المنطقة، وتتيح دخول الخبز والطحين والدواء، وبعض المواد الأساسية، إلى الأهالي المحاصرين منذ أكثر من شهرين، دون أن تدخل لهم ربطة خبز واحدة.

وأشار مصدر مطلع إلى أن السكان البالغ عددهم نحو خمسين ألف نسمة، فقدوا الآمال في أي حلحلة ممكنة للوضع القائم في ظل تعنت الأطراف المتقاتلة، التي مازالت تتبادل التهم فيما بينها حول المسؤول عن أسباب الوضع الحالي في منطقة الحوض، دون النظر إلى الظروف الصعبة التي يعاني منها الأهالي، والذين فقدوا كل مقومات الحياة نتيجة انعدام وجود المواد الغذائية، وتردي الأوضاع الصحية للسكان والأطفال منهم تحديداً، بسبب توقف معظم المؤسسات الصحية في منطقة الحوض عن تقديم خدماتها العلاجية.

 وأشار المصدر إلى أن آمالاً كانت تلوح بالأفق بقرب حل لقضية أبناء حوض اليرموك المحاصرين، أثمرت عنها مساعي  الجهات الفاعلة في المحافظة، لكن هذه الآمال تبددت مع تجدد المعارك العنيفة، التي انطلقت يوم الثلاثاء بين طرفي الصراع.

من جهته، قال أبو حسان، 45 عاماً، وهو مدرس مفصول من عمله، إن تجدد المعارك فاقم من سوء أوضاع السكان المعيشية، وقطع كل شرايين الحياة عنهم، مشيراً إلى أن الطرق بين مناطق نفوذ الأطراف المتصارعة، كانت تُفتح للمارة سيراً على الأقدام بعض الأحيان، قبل اندلاع المعارك، وكان يُسمح للأطفال والنساء بإدخال بعض المواد الأساسية، كالسكر والطحين والخبز، لكن الآن لم يعد ذلك ممكناً في ظل الاشتباكات العنيفة.

ولفت أبو حسان إلى أن قرى حوض اليرموك أصبحت خاوية على عروشها، وأن الحياة متوقفة فيها تماماً، فلا يوجد فيها أسواق، أو أي أنشطة تجارية، منذ أكثر من شهرين، بسبب عدم  دخول أي مواد غذائية أو أساسية.

من جهتها، قالت أم عزام، 45 عاماً، "كنا نتعرض لكل أشكال الاهانة والذل، وننتظر ساعات طويلة على الحواجز حتى يسمح لنا بالتنقل مشياً على الأقدام، وذلك بسبب الأعداد الكبيرة التي كانت تنتظر هناك، ومع ذلك كنا نحمد الله كثيراً، لأننا في النهاية نستطيع إدخال بعض المواد لأفواه أطفالنا، لكن الآن توقف كل شيء، ويبدو أن الطرق أغلقت أمام المارة ولن تفتح قريباً".

وقال علي، 35 عاماً، وهو مزارع، "كنا قبل اندلاع المعارك نذهب كل يوم إلى بلدة تسيل، وذلك لشراء بعض المواد الأساسية والغذائية، وكنا ننتظر ساعات طويلة، وأحياناً نعود أدراجنا إلى بيوتنا، ونرجع في اليوم التالي بسبب إغلاق الطرق، كل ذلك سيراً على الأقدام"، لافتاً إلى أن الوضع لم يعد يطاق، وفاق قدرة البشر على التحمل.

وأضاف: "أصبحنا نشعر كأننا في عالم آخر لا علاقة له بالناس، لا أحد يسمعنا، ولا أحد يساعدنا بشيء، رغم مناشدات الأهالي والأطفال، برفع الحصار الذي لا ذنب لنا كمدنيين بأسبابه".

وقالت شيماء، 41 عاماً، وهي ربة منزل، "لا يوجد لدينا أي شيء نأكله، نأكل وجبة واحدة فقط، قوامها العدس أو البرغل، وهي من المؤنة التي حضّرناها من حقولنا، والآن بعد الأمطار الأخيرة بدأت النباتات والحشائش تنمو، سنستطيع الصمود لبعض الوقت بالغذاء عليها، لكن لا ندري بعد ذلك ماذا سنفعل، إذا استمر الوضع الحالي"، لافتة إلى أن المهم الآن هو تأمين الطحين، الذي بدأ ينفذ من معظم المنازل ,مع استمرار قطع الطرق.

من جهته، قال الحاج قاسم المحمد، 60 عاماً، وهو مريض كلية، إن الوضع أصبح صعباً، لافتاً إلى أن وضعه الصحي يحتاج إلى إشراف طبي دائم، لكن هذا الأمر ليس ممكناً في منطقة حوض اليرموك، التي أصبحت بحاجة لكل أنواع الأدوية بسبب نفاذها من الصيدليات.

وتشهد منطقة حوض اليرموك في أقصى ريف درعا الغربي، على الحدود مع الأردن والأراضي السورية المحتلة، معارك واشتباكات عنيفة بين فصائل الجيش الحر من جهة، وبين جيش خالد بن الوليد المتهم بمبايعة تنظيم الدولة من جهة أخرى، وذلك منذ أكثر من عامين، دون أن يستطيع أحد الطرفين حسم الوضع لصالحه، ودائماً الخاسر الوحيد في هذا الصراع هم أهالي منطقة الحوض، الذين يدفعون ثمن ذلك قوت يومهم، دون أن يكون لهم أي علاقة بمجرياته، سوى أنهم يعيشون في هذه البقعة الجغرافية.

ترك تعليق

التعليق