قبل سفرهم بأيام، أو ساعات.. لاجئون سوريون يروون لـ "اقتصاد" تفاصيل صدمتهم بقرار ترامب


أُوصدت معظم أبواب الدول في وجه اللاجئ السوري فأصبح يحتاج فيزا حتى إلى دول لم يسمع بها من قبل أو يراها على الخريطة. ومع إيقاف طريق الهجرة إلى أوربا حتى عن طريق البحر لم يبق أمامه خيار سوى إعادة التوطين في بلد آخر عن طريق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وحتى هذا الباب أصبح في خطر بعد قرار الرئيس الأمريكي الجديد، إذ وقّع دونالد ترمب قراراً تنفيذياً يحظر دخول اللاجئين السوريين إلى الأراضي الأميركية، ويمنع إصدار تأشيرات دخول لمواطني ست دول إسلامية أخرى، وهو ما عدّه حقوقيون تمييزاً ضد المسلمين ومخالفاً للدستور الأميركي.

بهذا الصدد، حاور "اقتصاد" عدداً من اللاجئين السوريين في الأردن الذين أوشكوا على السفر إلى أمريكا من خلال برنامج اعادة التوطين.

كمال الحمصي، يؤكد لـ "اقتصاد" أن قصته مختلفة جداً، حيث تم قبول ملفه في برنامج إعادة التوطين إلى أمريكا وأجرى جميع المقابلات اللازمة، وتم تحديد موعد سفره في التاسع عشر من الشهر الجاري، لكن قبل السفر بخمسة أيام توفيت ابنته الصغيرة بحادث سير, فسارع لإبلاغ منظمة الهجرة الدولية بضرورة تأجيل موعد سفره لمصابه العظيم بابنته وفعلاً تم تحديث ملفه وتأجيل سفره, علماً أنه قد تم ترتيب منزل له في أمريكا ينتظره وعائلته.

يضيف كمال أن خبر منع السوريين من السفر إلى أمريكا شكل صدمة كبيرة له، فهو الآن في وضع لا يحسد عليه, فقد باع أغراض بيته ويجلس عند صديق له, ولا يعرف متى يمكن أن يسافر أو حتى إن سيُلغى سفره تماماً.

أما "أم سلام"، فلها قصة أخرى، إذ توضح لـ "اقتصاد" أنه تم تبليغها من قبل المفوضية بتحويل ملفهم للهجرة إلى أمريكا وأنهت جميع المقابلات في الشهر الخامس من السنة الفائتة، ووصلت مرحلة التدقيق الأمني على ملفها، وقد صدمها الخبر كثيراً، فزوجها منذ أربع سنوات بدون عمل وهم كانوا ينتظرون هذه الفرصة بفارغ الصبر, ولا تعلم الآن هل سيتم تحويل ملفها الى دولة أخرى أو أنها ستنتظر. تضيف أم سلام أن حالة القلق التي تنتابها قوية، خاصة جراء تناقل الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعدم وضوح مستقبلهم في السفر.

أما اللاجئ السوري عمار الحلبي، الذي تم الاتصال به من قبل المفوضية لإخباره أنه تم ترشيحه للسفر إلى أمريكا من أجل اعادة التوطين يؤكد أنه كان قد اجتاز مقابلتين عندما سمع الخبر الصاعق. ويشرح عمار أن حزنه كان منبثقاً من السبب الرئيسي لسفره، فهو مريض بمرض القلب، ويحتاج إلى عملية تصل كلفتها إلى عشرة آلاف دولار, وهذا ما لا تغطيه المفوضية, وبالتالي لا يستطيع العمل فوضعه المادي والمعاشي صعب جداً، لذلك كان يأمل بالسفر من أجل علاجه إضافة إلى حلمه بأن يتعلم أبناؤه في الجامعات، ويرى ابنه الكبير طياراً، وابنته طبيبة، ينعمون ببيت كبير دافئ، وأن يشفى ليعيش بدون ألم.

 أما اللاجئ السوري "رفيق"، فيؤكد أنه للآن لم يستوعب ما حصل فقد كان مقرر سفره اليوم 30/1/2017 لكن اتصلت به منظمة الهجرة يوم السبت الماضي لتخبره بتأجيل سفره إلى أجل غير مسمى وقد أخبره كفيله في أمريكا أنه تم إعلامه بأن السفر تأجل لغاية 1/3/2017, وما يزيد الوضع سوءاً أن حقائبه جاهزة ويقيم عند أقاربه ولا يدري ماذا يفعل، فلم يعد قادراً على التفكير وخياراته محدودة.

(س .ع) بدوره قال لـ "اقتصاد" إنه أنهى مقابلة المحلفين في عملية إعادة توطينه في أمريكا لكن بعد سماعه للخبر قرر هو عدم الذهاب حتى لو اتصلت به منظمة الهجرة لأنه يرى أنه كسوري مسلم غير مرحب به وتصريحات الرئيس الأمريكي غير مطمئنة أبداً.

أما عمر الذي كانت مقابلته اليوم مع منظمة الهجرة الدولية من أجل إعادة التوطين، فتم إخباره أن برنامج التوطين توقف لمدة 90 يوماً فقط , وبعدها سيستأنف مع تدقيق أمني أشد وقوانين صارمة.
 
أما نعيم، فأنهى جميع المقابلات وتم تحديد موعد سفره في 17/2/2017, وقد بدأ بحضور الدورة التثقيفية استعداداً للسفر إلى أمريكا مع عائلته، وكان اليوم الأول له في الدورة في الـ 26 من الشهر الجاري، وفي اليوم التالي تم إخبارهم بإيقاف السفر والدورات إلى اشعار آخر, وقد تواصل مع كفيله بولاية اوهايو الذي أخبره أن الاجراءات الخاصة باستقباله في أمريكا جارية على قدم وساق, فهو الآن في حيرة كيف توقفت الاجراءات في الأردن ومازالت مستمرة في أمريكا.
 
وفي اتصال لـ "اقتصاد" مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأردن، حصل على البيان التالي:

"بيان مشترك بين المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حول قرار الرئيس ترامب الخاص باللاجئين 28 يناير/ كانون الثاني 2017م - جنيف – بلغت احتياجات اللاجئين والمهاجرين في جميع أنحاء العالم مستويات لم تشهدها من قبل، ويعتبر برنامج الولايات المتحدة لإعادة التوطين واحداً من أهم البرامج في العالم. وقد أدت سياسة الولايات المتحدة العريقة والمرحبة باللاجئين إلى إيجاد وضع مربح للجانبين: فقد أنقذت حياة بعض من الأشخاص الأكثر ضعفاً في العالم والذين بدورهم عملوا على إثراء وتعزيز مجتمعاتهم الجديدة. وكانت مساهمة اللاجئين والمهاجرين تجاه أوطانهم الجديدة إيجابية للغاية في كافة أرجاء العالم. وتعتبر أماكن إعادة التوطين التي تقدمها كل بلد حيوية. وتأمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، في أن تواصل الولايات المتحدة دورها القيادي والمتين وتقاليدها المتأصلة في حماية أولئك الذين يفرون من الصراع والاضطهاد. وسوف تبقى المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة ملتزمتين بالعمل مع الإدارة الأمريكية من أجل تحقيق الهدف المشترك المتمثل في ضمان وجود برامج آمنة ومضمونة لإعادة التوطين والهجرة. نعتقد بقوة بوجوب حصول اللاجئين على معاملة متساوية للحماية والمساعدة، وفرص إعادة التوطين، بغض النظر عن الدين أو الجنسية أو العرق. وسوف نواصل العمل بشكل نشط وبنّاء مع حكومة الولايات المتحدة، كما درجنا عليه منذ عقود، من أجل حماية الأشخاص الأشد حاجة لها، وتوفير دعمنا فيما يخص مسائل اللجوء والهجرة".

تبقى الطرق التي لا زالت سالكة أمام اللاجئ السوري قليلة جداً، وتتلاشى مع الوقت، ليبقى مُعلقاً لا يشعر بالاستقرار ولا برغبة وجوده في كثير من الأماكن في العالم.

ترك تعليق

التعليق