أزمة وقود جديدة.. ماذا يحدث في الحسكة؟


تفاقمت أزمة شح المشتقات النفطية في مدن وبلدات محافظة الحسكة، بعد أسبوعين من قرار أصدرته إدارة حزب "الاتحاد الديمقراطي" الذاتية، يقضي باحتكار بيع مواد المازوت والبنزين والكاز في محطات الوقود التابعة لها إلى جانب رفع أسعارها.

وأفادت مصادر أهلية من منطقتي جبل عبد العزيز وتل حميس، بانقطاع بعض المشتقات النفطية، نتيجة منع التجار من بيع المحروقات في المحلات وعلى البسطات المنتشرة على جوانب الطرقات، وحصرتها بمحطات الوقود المرخصة لديها.

وأضافت المصادر أن طوابير الأهالي تصطف أمام المحطات حاملين معهم كالونات بلاستيك للحصول على 30 لتر مازوت، وهي التي تخصصها لكل عائلة مجالس "الإدارة الذاتية" في كل قرية، والتي تسمى "الكومين". كما لم يوزع هذا العام سوى 100 ليتر مازوت للعائلة مخصصة للتدفئة في فصل الشتاء، ومن المفترض أن تحصل كل عالة على 200 لتر (1 برميل).

يتساءل "أبو عبد الله"، ويعمل مدرس في مدينة القامشلي، "هل كتب علينا أن نبقى بحاجة المحروقات، ونحن على مرمى حجر من حقول رميلان النفطية المنتجة لآلاف البراميل من النفط يومياً؟!"، مضيفاً: "خلال الأسبوع الماضي وزعوا للمنازل الدفعة الثانية من محروقات التدفئة لدينا بحي قدوربك، لكن الكمية خفضت إلى النصف بحجة أن الطلب يزيد على المازوت، فأعطونا فقط 100 لتر".

وقال "أبو عبد الله" لـ "اقتصاد" إن مسؤولي حزب "الاتحاد الديمقراطي" حددوا سعر اللتر الواحد بـ 40 ليرة سورية بعد رفعه مؤخراً، "لكنهم أخذوا منّي سعر اللتر الواحد 43 ليرة".

قرار الاحتكار
 
أصدرت ما تسمى بـ "هيئة الطاقة" في "الإدارة الذاتية" ومقرها بلدة رميلان النفطية، قراراً قبل أسبوعين، يمنع منعاً باتاً الاتجار بالمحروقات بشكل حر، ويحصر توزيع المحروقات على جميع كازيات مدن وأرياف المنطقة بشركة "محروقات الجزيرة" (سادكوب)، التي تتولى أيضاً "مهمة استلام المحروقات من الحراقات (مصافي نفط بدائية).

كما رفعت في قرارها سعر لتر المازوت من 35 ل. س إلى 40 ل.س، وسعر لتر البنزين من 50 إلى 75 ل.س، وعزت ذلك إلى اتساع رقعة مساحة سيطرتها، والتي شملت في عام 2016، منطقتي منبج والشدادي وغيرها من المناطق، وفتح الطريق إلى عفرين وريف حلب، ما أدى إلى زيادة الطلب على المحروقات، وخاصة مادة المازوت في فصل الشتاء.

وفي قرى ناحيتي القحطانية وتل حميس جنوب القامشلي، لا تتوفر أي كميات من مادة البنزين في المحطات التابعة للحزب في المنطقة، ما أدى إلى صعود الأسعار حتى وصل سعر اللتر الواحد 150 ليرة سورية حالياً، بينما يباع بمدينة القامشلي بسعر 100 ليرة، وهو ما يفوق السعر المحدد من الإدارة الكردية بـ 25 ليرة، وفق الناشط محمود الأحمد.

وأشار الأحمد إلى أن الكميات التي تصل القرى قليلة جداً، فقرية كاملة يصلها أحياناً 400 لتر تدفئة من "الكومين" (مجالس تابعة للإدارة الذاتية بالقرى)، وهي كمية لا تسد حاجة بيت واحد، التي تقدر وسطياً بـ 300 لتر.

وذكر الناشط أن الأهالي كانوا يشترون في الفترة الماضية المازوت بسعر 45 ليرة للتر المازوت، حالياً يباع في السوق السوداء بسعر 75 ليرة، رغم تحديد السعر بـ 40 ليرة، فيما كان الكاز بسعر 50 ليرة سورية واليوم يباع في السوق السوداء بسعر 100 ليرة.

انعكاسات الأزمة على الزراعة

يقول المزارعون إن نقص كميات المحروقات المطروحة في أسواق الحسكة، وخاصة المازوت، انعكس بشكل سلبي على عمل مضخات الري، التي توقفت عن العمل، وهذا يعني أن موسم القمح المروي في المنطقة بخطر، خاصة في الأشهر القادمة، في حال استمر شح المحروقات، باعتبار أن الحاجة للسقايات سيكون أكبر بعد عمليات التسميد وتناقص كميات الأمطار الهاطلة.

وأكد المزارع "أبو هايل" أن منع "الإدارة الذاتية" لأصحاب الحراقات البدائية من بيع إنتاجهم للناس مباشرة، هو السبب الأساسي في بروز الأزمة بشكل واضح لأن الكثير منها توقفت عن العمل، مشيراً إلى أن بداية ارتفاع أسعار المحروقات كانت في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، لكنها حالياً غير موجودة ما يجعل التجار ومهربي المحروقات يستغلون الناس ويرفعون الأسعار بشكل أكبر بحجة أنها ممنوعة.

 وقال المزارع إن صهاريج شركة "سادكوب" توزع المحروقات على محطات المحروقات التابعة لـ "الآبوجية" (حزب الاتحاد الديمقراطي)، لكنها لا تسد حاجة الناس من المحروقات، هذا عدا المحسوبيات الموجودة خلال عمليات بيع هذه المواد، فطابور المنتظرين يمتد لعشرات الأمتار قرب "كازية الرابطة الفلاحية" بمدخل مدينة رأس العين.

وأضاف "أبو هايل": "لدي سيارة ديزل، وأحياناً يقول لي أحد العاملين في محطات الوقود، ابقى قريباً لأعطيك كمية مخصصة للسيارات، لكنها دائماً محددة بقيمة 500 ليرة سورية، أي ما يعادل 5-6 لترات، فماذا تعمل هذه الكمية لسيارة نحتاجها في أغلب أعمالنا وخاصة للتنقل بين القرية والمدينة".

وشبّه الرجل ما يحصل حالياً، بما حصل خلال سنوات 2011 و2012، من زحام وشح في محطات الوقود، حين كان إنتاج المشتقات النفطية وبيعها حكراً على نظام الأسد، الأمر الذي خلق الكثير من المشكلات بين الناس.

وإلى جانب التدفئة، يُستخدم المازوت في المحركات المخصصة لمضخات الري في الأراضي الزراعية أو توليد الكهرباء وللجرارات الزراعية والسيارات، فيما يستخدم البنزين بشكل رئيسي للسيارات والدراجات النارية ومولدات الكهرباء، في حين يستخدم الكاز للإنارة وتشغيل "بابور" الطبخ التقليدي الذي عاد للاستخدام بعد انقطاع الغاز وارتفاع أسعاره في المنطقة منذ سنوات.

ترك تعليق

التعليق