الأردن ترفع وتيرة "قذف" اللاجئين السوريين إلى درعا
- بواسطة خاص - اقتصاد --
- 24 كانون الثاني 2017 --
- 0 تعليقات
شهدت الحدود السورية الأردنية المشتركة خلال الأسابيع القليلة الماضية، عبور مئات اللاجئين السوريين باتجاه محافظة درعا الحدودية، بعد أن أبعدتهم السلطات الأردنية قسراً، وذلك بعد فترات طويلة أمضوها في مخيمات اللجوء والمدن الأردنية.
وأشار الناشط الحقوقي أبو قيس الحوراني إلى أن الحدود السورية الأردنية تشهد منذ بداية الثورة السورية، عمليات إبعاد للاجئين السوريين أو ما يسمى "القذف خارج الحدود"، وهو إجراء تتخذه السلطات الأردنية للتخلص من الأشخاص غير المرغوب ببقائهم على أراضيها لسبب أو لآخر، بالرغم من الاعتراضات الكبيرة من قبل المنظمات الإنسانية والحقوقية، التي انتقدت هذه الممارسات بشدة، لافتاً إلى زيادة وتيرة عمليات "القذف" منذ نحو عام، وتزايد المبعدين الذين يصل عددهم إلى الآلاف أسبوعياً.
وأضاف الحوراني أن السلطات الأردنية لا تحتاج لمبررات مقنعة، لقذف اللاجئين، رغم وعيها لحجم المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المبعدون داخل سوريا، في حال وقوعهم في أيدي قوات النظام، موضحاً أن مبررات الإبعاد عادة ما تكون، العمل خارج أماكن اللجوء دون ترخيص، أو انتهاء مدة الأوراق النظامية، أو الخروج من المخيمات بدون إذن السلطات الأردنية، أو بسبب جرائم أخلاقية ومخالفات تنص عليها القوانين الأردنية.
وقال الناشط الحقوقي، إن هذه المبررات عادة ما تُصنف تحت ما يعرف بـ "الخطر على الأمن الوطني"، وهي الشماعة التي تُعلّق عليها السلطات الأردنية أسباب الإبعاد، ضاربة بعرض الحائط كل المناشدات الدولية والإنسانية الداعية لوقف هذه الممارسات بحق اللاجئين السوريين، الذين هربوا من جحيم الحرب في بلادهم.
معتز، 30 عاماً، عسكري منشق تم قذفه مؤخراً إلى الحدود السورية. قال لـ "اقتصاد": "كنت أعمل في مطحنة لتحسين ظروفي المعيشية، ولكن في أحد الأيام داهمت قوات الأمن الأردني المطحنة، وألقت القبض علي"، لافتاً إلى أنه، على الرغم من تقديم الثبوتيات المطلوبة، إلا أن الدورية أكدت على ضرورة ترحيله، فتم قذفه على الحدود، مضيفاً: "ومن هناك عدت إلى بلدتي في الريف الغربي في رحلة محفوفة بالمخاطر، بسبب مرورنا على طريق إجباري يمر بالقرب من قوات النظام، لكن الله سلمنا ووصلنا إلى قرانا، لتبدأ رحلة عذاب جديدة مع تأمين متطلبات الحياة، بعد أن بعت كل محتويات منزلي سابقاً".
من جهته، قال عبد السلام، 45 عاماً، "كنت أعمل في مزرعة حين ألقى الدرك الأردني القبض علي، وطلب مني إبراز الأوراق الثبوتية، وعلى الرغم من أن أوراقي نظامية ومستخرجة وفق الأصول المرعية، إلا أن رئيس الدورية أكد أنها مزورة، حيث تم توقيفي ثلاثة أيام في أحد المخافر، ومن ثم تم قذفي إلى محافظة درعا"، مشيراً إلى أن عائلته مازالت هناك وأنه يعيش حيرة كبيرة بين أن يتركها تعيش هناك في أجواء آمنة تتوفر فيها معظم متطلبات الحياة الإنسانية، وبين أن يجلبها إلى سوريا حيث ما يزال مستقبل الوضع الأمني مجهولاً.
محمد، 25 عاماً، من حمص، قال: "دخلنا الأردن قبل أكثر من عامين أنا وأهلي، وعشنا فترة طويلة في مخيم الزعتري، لكن ومع تزايد ضغوط الحياة المعيشية وبهدف تحسين أوضاعنا، خرجنا للعمل، وانتقلنا للعيش في مدينة الرمثا"، لافتاً إلى أنه ألقي القبض عليه خلال ذهابه إلى مخيم الزعتري لزيارة بعض الأصدقاء، بحجة خروجه بدون إذن، حيث تم قذفه إلى سوريا.
وقال: "المشكلة التي أواجهها الآن أني لا أستطيع الوصول إلى حمص، ثم ليس لي أحد في درعا لأقيم عنده"، مشيراً إلى أنه لم يعثر على عمل، وينوي الانتساب إلى إحدى الفصائل المقاتلة في ريف درعا ليستطيع تأمين مصدر دخل ثابت.
فيما أكد "أبو ناصر"، 49 عاماً، أنه تم قذفه إلى خارج الحدود بسبب تشابه اسمه مع اسم آخر مطلوب للسلطات الأردنية، لافتاً إلى أنه فعل المستحيل لإثبات شخصيته لكن لم يسمعه أحد.
وأضاف: "مضى على وجودي هنا في درعا أكثر من خمسة أشهر، وعلى الرغم من طلبي المتكرر لأسرتي بضرورة العودة إلى البلاد، إلا أن أحداً لا يرغب بالعودة إلى بلاد لم يعد يشعر فيها بالأمان"، مشيراً إلى أنه في سن لا يُعينه على أن يعيش وحيداً في ظروف صحية واقتصادية صعبة.
وعبّر ناشطون وأهالي في المناطق الحدودية عن استغرابهم ودهشتهم من تعامل السلطات الأردنية مع اللاجئين السوريين، وانعكاسات الطرد على أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، في ظل أوضاع أمنية غير مستقرة في الكثير من المناطق المحررة.
وقال المحامي، "أبو فرات الدرعاوي" إن عمليات القذف وإبعاد المواطنين السوريين، تسببت في فرز الكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للأسر اللاجئة، ولعبت دوراً كبيراً في تشتتها وانقطاع مصادر رزقها الأساسية، مشيراً إلى أن الكثير من الأسر فقدت معيلها الأساسي في ظل عدم كفاية المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية، إضافة إلى أنها أسهمت في ظهور حالات طلاق جديدة، بسبب عدم انصياع الزوجات لمطالب أزواجهن بالعودة إلى سوريا، بعد إبعاد أزواجهن.
وأضاف أن الوضع الاقتصادي داخل المناطق المحررة لا يشجع أحداً على العودة، سواءا طوعاً أو قسراً، بسبب توقف دورة الحياة الاعتيادية، وعدم توفر معظم مقومات الحياة الطبيعية، وبسبب الحصار المفروض على العديد من المناطق، وانتشار الفقر، وعدم توفر الأموال لدى المواطنين، لافتاً إلى أن الأوضاع داخل المناطق المحررة صعبة جداً، وزاد من صعوبتها، توقف الكثير من المنظمات عن تقديم المساعدات العينية للمواطنين، الأمر الذي جعل الحياة في أسوأ حالاتها.
التعليق