تكلفة البكالوريا.. قد تتجاوز نصف مليون ليرة سورية


مع بدء الثورة السورية قبل ست سنوات، وما تلاها من صراع مسلح وتدمير للمدن وإجبار للمدنيين على ترك بيوتهم ومدنهم، نزح الكثير منهم إلى المدن الساحلية كاللاذقية وطرطوس، وذلك لهدوئها نسبياً مقارنة مع باقي المدن.
 
النزوح الكبير إلى المدن الساحلية أدى لزيادة الطلب على جميع الخدمات ومنها التعليم، حيث ازداد عدد الطلاب في المدارس بشكل كبير وأصبح متوسط عدد الطلاب بالصف الواحد أكثر من 60 طالباً، وأحيانا تجاوز 75 طالباً، مما اضطر وزارة التربية لتقسيم الدوام إلى قسمين، صباحي ومسائي، ليصبح عدد الطلاب في الصف الواحد بين 30 و35 طالب وطالبة.

وبهذا الصدد، أوضحت السيدة فاطمة، مدرِّسة المرحلة الإبتدائية في اللاذقية: "تم تخفيض عدد الحصص الدراسية إلى خمسة حصص دراسية للدوام المسائي وتخفيض مدة الحصة الدراسية الواحدة خمس دقائق وأصبحت 40 دقيقة في الدوام الصباحي".
 
وفصّلت المدرّسة في تصريحات لـ "اقتصاد": "هذه التغيرات بالحصص الدراسية بالإضافة للعطل الدارسية الطويلة بسبب الظروف السائدة في البلاد بشكل عام، أجبر المدرسين على الإسراع بإعطاء الدروس حتى يتم إتهاء المنهاج قبل نهاية السنة، وذلك انعكس على جودة التعليم، مما اضطر الأهالي للجوء للدورس الخصوصية لمساعدة أبنائهم على فهم المنهاج".
 
بدروها، أكدت السيدة عائشة هذه الحقيقة لـ "اقتصاد"، موضحةً أن صديقتها لجأت للمدرسين الخصوصيين لمساعدة ابنتها في الصف الرابع، في كل المواد، وبتكلفة 7000 ليرة سورية شهرياً.

 وفصّلت عائشة أن تكلفة الدورس الخصوصية تتراوح بين 500 و700 ليرة سورية للساعة الواحدة، وتختلف الأجرة حسب شهرة المدرِّس والصف والمادة، حيث يمكن أن تصل إلى 1000 أو 1500 ليرة سورية في بعض الأحيان للصف التاسع، أما بالنسبة لدورس الشهادة الثانوية فقد تصل التكلفة إلى 3000 ليرة سورية للساعة الواحدة لبعض الدورس، وخاصة عند اقتراب الامتحانات.
 
وحول نفس الموضوع، تحدث "جمال" لـ "اقتصاد" منوهاً إلى أن تكلفة المدرسة الخاصة لابنه في الصف الحادي عشر وصلت إلى 180 ألف ليرة سورية، وسوف تكون التكلفة 200 ألف ليرة سورية للصف الثاني الثانوي، وقد تزيد عن ذلك أيضاً في حال غلاء أسعار المحروقات لتغطية تكلفة المواصلات.
 
أضاف السيد جمال أنه قد خطط لتأمين 500 ألف ليرة سورية للعام القادم لتغطية تكلفة مدرسة ابنه، وهو وزوجته يقومان بالاشتراك في "جمعيات" مالية مع الأصدقاء والأقارب لتأمين المبلغ قبل بداية العام الدراسي القادم.
 
واستطرد "جمال" أن هناك مدارس خاصة في اللاذقية بتكلفة تترواح بين 20 ألف و 50 ألف ليرة سورية ولكن مستوى التعليم منخفض ولا يختلف عن المدارس العامة، حسب رأيه.
 
لقد سببت الحرب في سوريا نزوح أكثر من 7.6 مليون شخص داخلياً، وأجبرت أكثر من 4 ملايين شخص على مغادرة البلاد، وخاصة إلى تركيا ولبنان والأردن.

الحرب في سوريا وصلت لمرحلة جديدة وهي اعتقال الطلاب والمدرسين، كما أن المدارس وأماكن التعليم تم الاستيلاء عليها واستعمالها كمراكز للقوات المتحاربة أو كمراكز إيواء. لا ننسى الفقر الناجم عن النزوح وقلة فرص العمل مما أجبر الأطفال على ترك المدارس بشكل متزايد للبحث عن عمل، والذي غالباً ما يكون في ظروف صعبة وبأجور منخفضة.

أكثر من ذلك، تُجبَر الفتيات بعد سن الخامسة عشر على الزواج للتخلص من العبء المادي  على عائلاتهم.
 
إن عدم ايجاد حلول للصراع الدائر في سوريا سوف يهدد جيلاً كاملاً من الأطفال بالضياع والجهل بالإضافة لتدمير وتخريب النظام التعليمي.

بينت الاحصائيات أن أكثر من ربع المدارس في سوريا لا يمكن استخدامها كمؤسسة تعليمية وذلك لتعرضها للتخريب الكبير أو هدمها أو استخدامها كمركز ايواء أو للعمليات العسكرية. كما أن البيئة غير الآمنة للطرق من وإلى المدارس، التمييز، الفقر وقلة عدد المدرسين وندرة الموارد ووسائل التعليم، سوف تزيد بشكل متسارع من عدم التحاق الطلاب بالمدارس. 

يوجد ما يقارب 700 ألف طفل بعمر الدراسة ولا يذهبون للمدارس في بلاد اللجوء في الدول المجاورة وخاصة في تركيا ولبنان، كما أن المدارس المخصصة للطلاب السوريين تكون مكتظة وغير مهيئة للتدريس بشكل كامل.

في بعض الأحيان تكون المدارس بعيدة عن المنزل مما يجبر الأهالي للتوقف عن إرسال أولادهم للمدارس لعدم قدرتهم على تغطية تكاليف المواصلات.
  
دفع المدرسون السوريون تكلفة عالية بسبب الحرب كذلك، حيث أن أكثر من ربعهم، أي ما يقارب 52500 مدرس ومدرسة، أُجبروا على ترك عملهم، وحتى أولئك المدرسين الذين غادروا البلاد، يواجهون مشاكل جمة لايجاد عمل بمهنتهم في بلاد اللجوء.

ترك تعليق

التعليق