مُعدّل: توقف الدعم عن المشفى الميداني الوحيد في حوض اليرموك
- بواسطة خاص - اقتصاد --
- 11 كانون الثاني 2017 --
- 0 تعليقات
أعلن المشفى الميداني الوحيد في بلدة الشجرة الواقعة في منطقة حوض اليرموك، في ريف درعا الغربي، عن تقليص معظم خدماته الطبية والعلاجية الرئيسية، والإبقاء على تقديم الخدمات الإسعافية البسيطة، وفق الإمكانات المتاحة، وذلك بعد أن توقفت الجهات الداعمة عن تقديم الدعم الطبي والمالي لكوادره، والذي ترافق أيضاً مع منع الأدوية والعقاقير والمستلزمات الطبية من الدخول إلى منطقة الحوض، نتيجة الحصار المفروض عليها.
مصدر مطلع عبّر عن اعتقاده أن "وقف الدعم عن المشفى وعن المراكز الصحية الأخرى في منطقة الحوض جاء على ما يبدو بسبب وقوع المنطقة تحت نفوذ جيش خالد بن الوليد، المتهم بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية، وهو يأتي أيضاً في إطار استكمال الحصار المفروض على المنطقة، للتضييق على عناصر هذا التنظيم، ودفعهم للخروج منها، دون النظر إلى الوضع الإنساني لسكان المنطقة البالغ عددهم نحو 45 ألف نسمة"، حسب وصف المصدر.
وأضاف المصدر أنه وخلال سنوات الثورة التي شارفت على الدخول في سنتها السابعة، "لم نر ما يحدث كما يحدث في منطقة حوض اليرموك، التي تعيش حصاراً خانقاً منذ أكثر من شهر ونصف، إذ لم يدخلها منذ ذلك الوقت حفنة طحين واحدة أو رغيف خبز أو علبة دواء رغم المناشدات الإنسانية التي توسلت لأصحاب القرار وهم أخوة لنا بأن يسمحوا بدخول بعض الخبز للمنطقة".
وأشار إلى أن "المنطقة حوصرت عدة مرات في السابق، لكن كانت تفتح بين الفينة والأخرى ممرات آمنة، لإدخال المواد الأساسية والخبز والطحين والأدوية"، لافتاً إلى أن الحصار المفروض هذه المرة يختلف بشكل كبير عن الحصارات المفروضة سابقاً، وأن الأهالي استنفذوا كل مدخراتهم من المؤن والطعام والشراب بما فيها البذار المخصص لزراعة الأرض، التي يبدو ستبقى بوراً هذا الموسم، حسب وصفه.
مجلس محافظة درعا الحرة، بذل جهوداً كبيرة للتخفيف عن الناس في المنطقة وذلك من خلال التواصل والتنسيق مع الجهات الفاعلة لفتح ممرات آمنة، لكن جهوده لم تثمر بعد عن تحقيق أي شيء على الأرض هذه المرة، بالمقارنة مع مرات سابقة قام بها.
وقال المجلس في بيان أصدره قبل بضعة أيام، إنه "بعد التواصل مع غرفة عمليات المنطقة الجنوبية، وبسبب الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها أهلنا في حوض اليرموك، فقد تم الاتفاق على أن يكون حاجز /العلان/ هو الطريق الرئيسي لقرى وبلدات حوض اليرموك، للتعامل مع جميع الحالات الإنسانية، وذلك طوال ساعات النهار اعتباراً من يوم الثلاثاء العاشر من الشهر الجاري".
مصدر من أبناء الحوض وصف هذا القرار بالجيد، لكنه يحتاج إلى تنفيذ فعلي على الأرض، ويحتاج إلى قوة تنفيذية، وتوافق وقبول جميع الأطراف الفاعلة لتنفيذه، داعياً جميع الجهات المسؤولة والمعنية إلى النظر بعين الأخوة والرحمة والإنسانية والعمل على فتح الطرق بصورة عاجلة لإنقاذ هؤلاء الناس من المرض والفاقة والجوع، بعد أن تقطعت بهم جميع السبل، واستنفذوا جميع مدخراتهم المالية ومؤنهم الغذائية، كما قال.
وأشار المصدر إلى "أن أكثر ما يؤلم أبناء المنطقة أنهم من أبناء الوطن، ومن أبناء المناطق المحررة التي دفعت خيرة شبابها في سبيل تحرير الأرض والعرض، وكانت موئلاً لإيواء عشرات الآلاف من النازحين الفارين من جحيم ممارسات قوات النظام الإجرامية، حيث قدم الأهالي لهم كل الإمكانات المتاحة من طعام وشراب ومساكن ليس منة على أحد، بل انطلاقاً من روابط الوطنية والإخوة والمصير الواحد والإنسانية".
وتساءل: "كيف يقبل من يحاصر المنطقة بهذه الممارسات؟، ولماذا؟، وما المطلوب من هؤلاء السكان الذين قادهم حظهم العاثر للعيش في هذه المنطقة الجغرافية؟، ما ذنب الأطفال والمرضى في كل ذلك؟".
ويقول "أبو محمد"، 75 عاماً، وهو من سكان المنطقة، "لم يعد لدينا أي شيء نأكله، ولا يوجد في الأسواق أي مادة غير مواد التنظيف، نحن محرمون من كل شيء، من الطعام والشراب والتدفئة والإنارة وكل المواد الأساسية وغير الأساسية، ونأكل في اليوم وجبة واحدة فقط، قوامها البرغل أو العدس، وهي من نتاج حقولنا الزراعية"، مشيراً إلى أن الأهالي طحنوا في البداية ما في حوزتهم من قمح لصناعة الخبز، لكن لم يعد هناك مشتقات نفطية لتشغيل المطاحن، ما يشكل مصاعب جديدة تحول دون الاعتماد على الذات لمواجهة الموت جوعاً.
وأضاف أن "من محاسن الصدف أننا من سكان الريف، وأن معظم الأهالي هم من الفلاحين، وأرضنا خيرة ومعطاءة، ولولا ذلك لكنا متنا جوعاً"، لافتاً إلى أن الفلاحين احتاطوا للأمر من تجربة المرات السابقة، وأبقوا كميات من المحاصيل الزراعية لحالات الطوارئ والحصار، ليقتاتوا عليها، لكن لم يتبق منها شيء.
من جهته، قال "أبو عصام"، 48 عاماً، "نعيش هنا ننتظر الموت في أي لحظة، وكل مقومات الحياة مفقودة، ما عنا شي، حصار مطبق هذه المرة، لا يسمح بدخول أبسط مقومات الحياة، وكأننا في عالم آخر لا علاقة له بالإنسانية، أصواتنا غير مسموعة، مناشداتنا غير مسموعة، أطفالنا يموتون جوعاً، نسوا السكاكر نسوا الحلويات، لم يعدوا يطلبون /الخرجية/ اليومية، لأنه لا يوجد ما يشترونه بها، أصبح همنا كيفية تأمين لقمة خبزنا".
فيما أكد "ضرار"، 28 عاماً، وهو مدني أصيب بشظية في ساقه، أن ساقه باتت في خطر، بعد أن توقف العمل في المشفى الميداني الوحيد في المنطقة، وتساءل كيف سيكمل علاجه، ومن سيساعده بذلك، لافتاً إلى أن الطرق نحو المشافي الميدانية خارج الحوض مغلقة، وأن ساقه قد تبتر إذا لم يتم استكمال علاجها في الوقت المناسب.
وناشد المواطنون والأهالي، باسم المقدسات الدينية والمبادئ الإنسانية، الشخصيات الفاعلة ووجوه حوران، ومحكمة دار العدل، وكل من يسهم في إطباق الحصار على المنطقة، بفتح الطرق أمام الخبز والطحين والأدوية، والسماح بممرات آمنة يُسمح خلالها بإدخال المواد الأساسية للمنطقة التي أصبح وضعها كارثي كما يقولون.
التعليق