الشتاء يكشف عورات الاهتراء في مخيمات الجنوب السوري


كشفت الظروف المناخية الصعبة السائدة في المنطقة، مع ما يرافقها من هطول للأمطار والبرد القارس، حجم معاناة الأسر النازحة في مخيمات النزوح في مناطق درعا المحررة، وذلك بسبب فقدان تلك المخيمات لأدنى الخدمات الضرورية ومقومات الحد الأدنى للحياة الإنسانية.

ويقول الناشط الإعلامي "قصي"، إن معاناة الأهالي في مخيمات النزوح في المناطق المحررة هي نتاج طبيعي لممارسات قوات النظام طيلة السنوات الماضية من عمر الثورة، وإن ما تفتقده هذه المخيمات من خدمات هو نتيجة الحصار المفروض على جل المناطق المحررة، في ظل غياب الإمكانيات أو الجهات القادرة على تقديم أية خدمات أو مساعدات تفي باحتياجات هذه المخيمات، لافتاً إلى القصور الواضح في الخدمات التي تقدمها بعض المنظمات، رغم سعيها لذلك، بسبب قلة الدعم وعدم توفر الأموال اللازمة لذلك.

وأضاف "إن قلة الإمكانات المادية، وتنصل الكثير من الجهات عن تقديم الدعم للأهالي في المناطق المحررة، زاد الطين بلة، وفاقم من تدهور أمور حياتهم المعيشية"، موضحاً أن الكثير من الأسر هنا لم يتبق لها ما تعتمد عليه سوى بعض المساعدات العينية، التي بالكاد تسد رمقها.

ويقول "أبو قاسم"، 51 عاماً، وهو أحد سكان مخيم زيزون، "الوضع في المخيم مزرٍ، فالخدمات فيه متواضعة جداً"، مشيراً إلى أن الأمور ازدادت سوءاً مع حلول فصل الشتاء، ببرده القارس، ودخول مياه الأمطار إلى خيم النازحين المهترئة أصلاً.

وأضاف: "لا يوجد لدينا ما نتدفأ به في هذا البرد القارس، لأنه لا إمكانات مادية لدينا"، مشيراً إلى أن كل سكان المخيم هم من النازحين الذين تركوا بيوتهم بسبب قصف النظام لها، وأنهم خرجوا بأنفسهم دون أن يتمكنوا من حمل أي شي معهم.

ولفت إلى أن بعض الجهات والمنظمات قدمت لهم بعض المساعدات في البداية، لكن هذه المساعدات تراجعت ولم تعد كالسابق، داعياً المنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل، وتأمين متطلبات النازحين، الذين يعانون من ظروف إنسانية صعبة.

"أم جاسر"، 45 عاماً، أم لأربعة أطفال من مخيم زيزون، قالت: "نزحنا من ريف دمشق ووصلنا إلى هذا المخيم، وتأملنا بأن تُؤمن احتياجاتنا المعيشية، لكن الأمور صعبة هنا على الجميع، والمساعدات والإعانات لا تكفي"، مشيرة إلى أن لا معيل لها إلا الله، بعد أن فقدت زوجها في المعارك مع قوات النظام.

وأشارت إلى أن الخدمات شبه معدومة، والطعام لا يكفي، إضافة إلى أن الخدمات الطبية والعلاجية لا تفي بالغرض، كما أن الناس هنا بلا وقود أو وسائل تدفئة، داعية المسؤولين في الحكومة السورية المؤقتة والائتلاف إلى زيارة المخيم للوقوف على احتياجات النازحين فيه.

الناشط في المجال الإغاثي، "أبو مروان"، أكد أنه يوجد في الجنوب السوري عدة مخيمات أقيم بعض منها   على عجل لإيواء النازحين، وهي منتشرة في القرى الحدودية مع الأردن، وتضم آلاف العائلات من محافظة درعا وحمص وريف دمشق والقنيطرة، كلها  فرت من مناطق القتال الساخنة، موضحاً أن معاناة النازحين فيها متشابهة إلى حد كبير، وهي  تتركز في نقص كبير في الخدمات، مع بعض التفاوت من مخيم لآخر، لكنها تشترك جمعيها بغياب العناية الطبية والصحية والخدمات التعليمية، واهتراء الخيم بسبب الظروف المناخية، وقلة عددها، وعدم كفايتها لاحتياجات الأسر، إضافة إلى عدم توفر خدمات المياه والكهرباء لأن المناطق المحررة برمتها محرومة منها.

ولفت إلى أن "المنظمات والجمعيات الإغاثية، يبدو باتت عاجزة عن تقديم أية خدمات لهذه الأعداد المتزايدة من النازحين، بسبب قلة الإمكانات، وتوقف الكثير من الجهات الداعمة عن الوفاء بوعودها، بسبب استنزاف كل إمكاناتها، مع استمرار الوضع القائم  في سوريا".

من جهته، أكد المحامي عبد المنعم خليل، عضو المكتب التنفيذي لمجلس محافظة درعا المحررة، رئيس المكتب الإعلامي، أن "المجلس يسعى جاهداً وضمن إمكاناته المتاحة، لتقديم ما يمكن من خدمات للعائلات النازحة"، لافتاً إلى أن إمكانات المجلس المادية محدودة جداً، وغير كافية لتغطية احتياجات النازحين.

وأضاف أن "المجلس نظم عدة فزعات لمساعدة النازحين، وقام بتوزيع ما تم جمعه من مساعدات على المخيمات"، مبيناً أن الفزعات لم تكن على المستوى المتوقع ولم تحقق ما كان متوقعاً منها، بسبب الظروف المادية والاقتصادية الصعبة للمواطنين، وضعف الإمكانات المادية لبعض الفعاليات الاقتصادية.

وحول عمل المنظمات، قال إن "المنظمات موجودة، وتسهم في تقديم المساعدة للنازحين، لكن ينقصها التعاون والتنسيق والتنظيم"، لافتاً إلى أن بعض المخيمات تحصل على مساعدات مستمرة من هذه المنظمات، وبعضها الآخر أحياناً لا يحصل على شيء.

ودعا خليل هذه المنظمات إلى التعاون والتنسيق مع مجلس محافظة درعا الحرة وتنظيم أنشطتها، كي تطال مساعداتها وخدماتها كل المحتاجين والنازحين في مخيمات الإيواء في المحافظة.

يشار إلى أنه يوجد في منطقتي درعا والقنيطرة أكثر من 15 مخيماً للنازحين من حمص وريف دمشق ودرعا وبعض المحافظات الأخرى وصلوا إلى محافظة درعا بهدف الدخول إلى الأردن الشقيق، لكنه لم يسمح لهم بالدخول، ما اضطرهم إلى الإقامة في هذه المخيمات التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة البشرية، في ظل تزايد حالات الفقر والمرض وانتشار الأوبئة، وتفاقم الظروف الاقتصادية والإنسانية، وغياب الجهات الدولية الفاعلة، الأمر الذي يتطلب وقفة إنسانية من المجتمعات البشرية مع هؤلاء الناس، وتقديم بعض الاحتياجات الإنسانية لهم.

ترك تعليق

التعليق