دكاكين الأدوية تجتاح درعا دون أي رقيب أو محاسبة
- بواسطة خاص - اقتصاد --
- 06 كانون الثاني 2017 --
- 0 تعليقات
شهدت محافظة درعا، وفي ظل الفوضى التي تعيشها البلاد، انتشاراً واسعاً للصيدليات غير المرخصة، أو لما يسمى بدكاكين بيع الأدوية.
ويشير الصيدلاني "محمد" إلى أن "الصيدليات في المناطق المحررة باتت أكثر من الدكاكين ومحلات السمانة، وأصبح من هب ودب يفتح صيدلية، وكأن العمل الصيدلاني لا يحتاج لأي خبرة أو دراسة أو مزاولة مهنة، ما تسبب في الوقوع في الكثير من الأخطاء الطبية نتيجة صرف الدواء الخطأ، والتسبب بحالات تسمم وإصابات شديدة لعدد من الناس".
وأضاف أن "كل من يملك رأس مال في هذه الظروف، بات يفتح صيدلية مستغلاً غياب الرقابة والقوانين والأنظمة الناظمة لذلك، لأن الربح أصبح الهدف الأساسي للعديد من تجار الأزمات، بغض النظر عن مصدره وأشكاله"، مشيراً إلى أن الصيادلة الجدد هم غالباً ممرضون، أو ممن درسوا التمريض، يصرفون الأدوية دون أدنى معرفة بالأمور الدوائية، ما جعل مهنة الصيدلة التي تعتبر من المهن التخصصية، عرضة للأخطار.
وقال الصيدلاني "عبد العزيز"، "في بلدتي البالغ عدد سكانها 10 آلاف نسمة، يوجد نحو 12 صيدلية، منها فقط ثلاث مرخصة، يديرها صيادلة مختصون، فيما الباقي هي عبارة عن دكاكين، يديرها باعة لا خبرة لهم بأي عمل صيدلاني، أوقعهم صرفهم لبعض الأدوية بأخطاء طبية جسيمة، لو توفرت المحاسبة القانونية، لكانوا أمضوا سنوات طويلة في السجون نتيجة ذلك"، حسب وصفه.
وأضاف أن "ما يحز بالنفس أن الصيدلاني يقضي سنوات طويلة من عمره في الدراسة للحصول على شهادة الصيدلة، ويأتي غيره وتحت ما يسمى بالظروف، وبدون أي دراسة أو تعب، ينافسه على مصدر رزقه"، مشيراً إلى أن هذه الممارسات هي بحد ذاتها إهانة لهذه المهنة العريقة.
"أبو شادي"، مساعد صيدلي، يقول: "أنا أعمل في الصيدلة منذ أكثر من 25 عاماً، ورغم ذلك أشعر أحياناً، بأني غير ملم بأشياء كثيرة تتعلق بالمهنة، وأحياناً أحتاج لمشورة الصيدلاني الذي أساعده بالعمل"، مبيناً أن العمل في هذا المجال ينطوي على مسؤوليات كبيرة، ولا مجال هنا للتهاون، لأن الأمر متعلق بحياة الناس، وأي خطأ ممكن أن يكون قاتلاً.
وأضاف أن "الصيدليات غير المرخصة تبيع بأسعار عالية، دون أي حساب لظروف الناس، لأن الهدف دائماً الربح بغض النظر عن مشروعيته"، مشيراً إلى أن الأدوية مربحة بالعادة، وأن هامش الربح جيد، لكن بعض باعة الصيدليات غير المرخصة لا يلتزمون بهذه الهوامش.
"أبو عدنان"، موظف متقاعد، يقول إن "الصيدليات كثيرة في المنطقة، ولكن لا يوجد لديها أسعار موحدة أبداً"، مبيناً أن علبة الدواء مهما كان نوعها أصبحت تباع حسب مزاج البائع، دون الالتزام بالأسعار المحددة ودون حساب لأدبيات المهنة وأصولها.
وأشار إلى أنه "في حال اعتراض الزبون على السعر، تساق دائماً الكثير من المبررات، لتبرير ارتفاع الأسعار، كعدم وجود الأدوية وصعوبة الحصول عليها بسبب الحصار، وإغلاق الطرق وارتفاع أجور النقل والمبالغ الإضافية التي تدفع على حواجز قوات النظام لتمريرها".
مجلس محافظة درعا الحرة، أكد غير مرة على محاربة الانتشار العشوائي للصيدليات غير المرخصة، في المناطق المحررة، بسبب ممارساتها الخاطئة وعدم التزامها بتعليمات العمل الصيدلاني، وذلك بعد أن لوحظ أن الكثير من هذه الصيدليات تبيع أدوية ممنوعة وخطيرة على حياة الناس بدون وصفات طبية.
ودعا المجلس في بيانات أصدرها إلى ضرورة التعاون بين جميع الفعاليات والناس لمحاربة هذه الظاهرة، ولكن وعلى الرغم من مطالبة المجلس للمجالس المحلية، بتزويده بأسماء الصيدليات ومستودعات الأدوية المخالفة لاتخاذ الإجراءات الممكنة بحقها، إلا أن هذه الصيدليات لازالت موجودة وتمارس عملها بحرية.
مصدر مطلع أكد أن "غياب القوة التنفيذية، والجهات الفاعلة الملزمة بتنفيذ القرارات على الأرض، يجعل هذه القرارات ومهما كانت أهميتها، غير قابلة للتنفيذ، لأنه يوجد هناك العديد من المناطق المحررة التي لا تخضع لأي سلطة محددة"، لافتاً إلى ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لكبح جماح هذه الظاهرة التي باتت تشكل خطراً إضافياً على حياة الناس، إلى جانب عمليات الحصار والقتل والتدمير شبه اليومي، الذي يتعرض له المواطنون في المناطق المحررة.
وأضاف المصدر أن "الكثير من المناطق في محافظة درعا بما فيها المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، تعاني من غياب العديد من أنواع الأدوية، ولاسيما أدوية الأمراض المزمنة، والمضادات الحيوية، وارتفاع أسعارها بسبب توقف بعض معامل الأدوية عن عملها، لعدم توفر المواد الأولية الداخلة في التراكيب الدوائية، وقلة الكميات المخصصة الواصلة إلى محافظة درعا، ما يجعل المرضى مضطرين إلى شراء أدويتهم من السوق السوداء وبأسعار عالية".
التعليق