بشهادة حكومة النظام.. أرقام مرعبة للتضخم شهدها الاقتصاد السوري عام 2016


أصدر المكتب المركزي للإحصاء في سوريا التابع لحكومة النظام تقريراً سنوياً عن التضخم الذي شهده الاقتصاد السوري خلال سنوات الثورة في سوريا، حيث أظهر التقرير أرقاماً مرعبة تحمل في طياتها الكثير من التساؤلات حول الوضع الاقتصادي وكيف ساهم النظام السوري في زيادة معدلات التضخم السنوي في كل عام بدءاً من 2010 وحتى نهاية 2016.

كان الاقتصاد السوري يُوصف قبيل الثورة أنه اقتصاد متنوع (وإن كان يهيمن عليه في كل الأحوال كبار رجال الأعمال الفاسدين المقربين من الطبقة الحاكمة)، فالخدمات تشكل 54% من الاقتصاد، الصناعة تشكل 28% من الاقتصاد، الزراعة تشكل 17% من الاقتصاد السوري في عام 2010.

 إلا أن التضخم قد ابتلع الإقتصاد السوري وازدادت معدلاته بشكل طردي (بعد عام 2011) حتى وصلت إلى ما نسبته 510% (وهو معدل مرتفع جداً) يظهر من خلاله عجز الحكومة السورية عن إدارة الاقتصاد الداخلي.

 والمخطط التالي يُظهِر نسب تضخم الأسعار في سوريا على أساس سلعي
(حسب التقرير الصادر عن المكتب المركزي للإحصاء في سوريا)



 وتحدث التقرير عن معدلات تضخم الأسعار في بعض المحافظات السورية بالتفصيل على الشكل التالي:

 دمشق: 472%، اللاذقية: 472%، حمص: 512%، حلب: 556%، السويداء: 515%، الحسكة: 592%.

 ومما لا شك فيه أن تمويل النظام السوري للحرب على الشعب السوري كان عن على حساب المواطن، الذي دفع الفاتورة الأكبر منها، فالأسرة المكونة من خمسة أشخاص كانت (في عام 2010) تحتاج إلى 35000 ليرة سورية كدخل شهري، أما الآن (في عام 2016) فنفس الأسرة تحتاج إلى ما يزيد عن 142000 ليرة سورية.

 أي ازداد الإنفاق حوالي أربعة أضعاف عما كان عليه قبل ست سنوات، فعلى الرغم من ارتفاع الأجور بنسبة (60%) إلا أن هذه النسبة لا تواكب التضخم الحاصل في الإقتصاد ولهذا السبب ارتفعت مستويات الفقر في سوريا حتى وصلت إلى 85% في عام 2016.

 فالتضخم بسوريا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتدهور قيمة العملة المحلية بحسب الأستاذ "غالب أمين" أحد المتخصصين في الشؤون الاقتصادية في الغوطة الشرقية، بالإضافة إلى خروج قطاعات هامة عن الخدمة كحقول النفط بنسبة 96% وفقدان مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة وتعطل عناصر إنتاجية كثيرة كالمعامل والمرافق الحيوية وتدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية بما يقارب 137.5 مليار دولار (حسب تقارير صندوق النقد الدولي)، بالإضافة إلى تهريب رؤوس الأموال والحد من تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، وهناك عوامل تتعلق بفقدان الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي هو من أساسيات أي نهوض أو استقرار اقتصادي.

 وأضاف "أمين" أن التمويل بالعجز المتزايد أدى الى حدوث فجوة كبيرة في الاقتصاد السوري مما سبب تزايد في نسب التضخم بشكل غير طبيعي. حيث أن التمويل بالعجز يتم عن طريق المصرف المركزي بضخ كميات كبيرة من العملة المحلية التي لا يقابها أي رصيد ذهبي أو قطع أجنبي أو إنتاج، الأمر الذي أدى إلى تراجع قيمة الليرة تراجعاً كبيراً، حيث فقدت حوالي ثمانية أضعاف قيمتها، ومن مقارنات تراجع موازنة الدولة أنها كانت بعام 2010 م 835 مليار ليرة سورية أي حوالي 16.4 مليار دولار أمريكي بسعر الصرف السائد بوقتها، أما موازنة 2016 م فكانت 2660 مليار ليرة وتقدر بـ 5.1 مليار دولار بسعر الصرف السائد أي تراجعت الموازنة لثلث ما كنت عليه عام 2016 م.



وختم "أمين" بالتنويه إلى أن التضخم و تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية في مناطق التي يسيطر عليها النظام وحلفاؤه لا يمكن مقارنتها بما تعانيه المناطق المحاصرة (الخارجة عن سيطرته) التي تعتمد بشكل شبه كامل على الدعم الخارجي وحوالات الأشخاص حيث أن مستويات التضخم والتدهور الاقتصادي أكبر بكثير جراء ندرة الدعم بالمقارنة بالاحتياجات الأساسية والحصار الجائر وبسبب القصف العشوائي وعدم توافر مقومات للإنتاج وعدم توافر بيئة مستقرة للنهوض.

 ومع كل ما شهدته الساحة السورية من تراجع إقتصادي خطير وأوضاع إنسانية صعبة وتدهور أمني متزايد، تبقى الأسرة السورية هي الضحية الأولى جراء تلك السياسيات التي مارسها النظام بشتى أنواعها (سياسية – اقتصادية – أمنية – إجتماعية ...إلخ) ليدخل البلاد في نفق مظلم لا تكاد ترى النور فيه إلا مع سقوط العقلية التي تحكم بهذه الطريقة.

ترك تعليق

التعليق