فلاحو حوض اليرموك.. مستثنون من الأمل بموسم زراعي جيد في درعا


شهدت محافظة درعا، منذ عدة أيام، فعاليات منخفض جوي ماطر، سقطت خلاله كميات كبيرة من الأمطار، أسهمت في إعادة الحياة إلى بعض الأشجار العطشى، وأنعشت الآمال بموسم زراعي جيد، وذلك بعد سنوات عجاف مرت بها المحافظة بشكل خاص، وسوريا بشكل عام.

وأشار المهندس الزراعي، صلاح المحمد، إلى أن "الأمطار الهاطلة في مثل هذا الوقت من السنة، من شأنها أن تسهم في ري الأشجار المثمرة، وتحسن من واقع المراعي والحراج، وتؤمن بعض النباتات الرعوية بشكل مبكر"، لافتاً إلى أن المزارعين والفلاحين سيباشرون بتهيئة الأرضي الزراعية والحقول لزراعة المزروعات الحقلية الشتوية، ولاسيما القمح والشعير".

وأضاف المحمد أنه على الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها المزارع وعدم توفر مستلزمات الإنتاج، إلا أنه يسعى جاهداً لزراعة أرضه وعدم تركها بوراً، مشيراً إلى أن فلاحنا ومنذ القديم يزرع أرضه على الأمل، رغم توقعه أحياناً بأن زراعته خاسرة، حسب وصفه.

ويقول أبو عاصم، 65 عاماً، وهو فلاح من ريف درعا الغربي، "على الرغم من توالي سنوات الجفاف التي شهدتها المنطقة، بسبب قلة الأمطار، لكننا سنقوم بزراعة الأراضي الزراعية بالمحاصيل الموسمية، لأن الفلاح تعود عندنا بألا يترك أرضه بوراً، فهو يزرع ويتوكل على الله، ومهما كان الحصاد في نهاية الموسم فهو نعمة من الله"، لافتاً إلى أنه إذا تأمن من المحصول بذار للموسم القادم، وبعض القمح الكافي لاحتياج الأسرة، فهذا جيد.

وأضاف: "في قاموس الفلاح الحوراني لا تراجع عن فلاحة الأرض، لأنه لو تراجع كل فلاح عن زراعة أرضه، لما كان في كل المنطقة حبة قمح واحدة"، معقباً: "إن الله رزاق وعلى العبد دائماً أن يسعى إلى رزقه باتكاله على الله"، مشيراً إلى أن خسائره الزراعية في الأعوام السابقة، وصعوبة الوضع بالنسبة للفلاح في ظل الحصار، وعدم توفر مستلزمات الإنتاج، لن تثنيه عن زراعة أرضه، كما قال.

ويرى أبو مضر، 49 عاماً، وهو فلاح أيضاً، أن الفلاح لا يجب أن يترك أرضه بوراً، حتى لو حرثها بيديه، مشيراً إلى أن الأسر وخاصة في ظروف الحرب، تحتاج إلى كل حبة قمح، متسائلاً إذا لم يؤمنها الفلاح فمن سيؤمنها في ظروف الحرب والحصار هذه؟، لافتاً إلى أن خبرة خمس سنوات من الحصار الجائر على المواطنين في المناطق المحررة علمتهم الاعتماد على الذات، واستثمار الإمكانات المتوفرة بشكل جيد.

ويقول المهندس الزراعي، سمير، إن سقوط الأمطار في مثل هذا الوقت من العام يبشر بموسم زراعي جيد، لافتاً إلى أنه إذا استمر سقوط الأمطار خلال أشهر الشتاء القادمة، بهذه الوتيرة، فإنه سيسهم أيضاً بتحسين المخزون المائي في السدود، التي شهد عدد منها وعلى مدار السنوات الماضية من عمر الثورة جفافاً تاماً، كما حدث في سد درعا الشرقي وسد عابدين في ريف درعا الغربي.

ولفت إلى أن "تحسين الوضع المائي في السدود، وتوفر الحد الأدنى من المياه فيها، من شأنه أن يسهم أيضاً في إنجاح الزراعات الصيفية، ولاسيما الخضار، مثل البندورة والكوسا والخيار والباذنجان التي تعتمد بشكل أساسي على الري الزراعي".

وإذا كان الوضع مقبولاً للفلاح في درعا المحررة رغم مرارته، إلا أن الوضع يبدو أكثر سيئاً وسوداوياً بالنسبة لفلاحي حوض اليرموك، الذين يفتقدون لأبسط مستلزمات الإنتاج الزراعي بسبب الحصار الخانق المفروض على المنطقة.

ويقول محمد، 34 عاماً، من حوض اليرموك، إن الأمور بما فيها الزراعية، كلها سيئة في المنطقة، بسبب الحصار المزدوج المفروض عليها، لافتاً إلى أن انقطاع مادة الخبز والطحين عن المنطقة منذ أكثر من شهر، دفع بالمزارعين إلى طحن كميات القمح المخصصة للبذار لتأمين لقمة الخبز.

وأضاف أن أكثر ما يزيد الأمور صعوبة في منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، هو عدم وجود أي مواد نفطية لتشغيل الآلات الزراعية في عمليات النقل والحراثة بسبب منع دخولها إلى منطقة الحوض، وأن الفلاح فقد كل المبادرات للقيام بأي نشاط، بسبب الأوضاع القائمة، وفقد الأمل أيضاً بإيجاد حلول قريبة تنهي الوضع القائم الذي يزداد صعوبة كل يوم.

وأشار إلى أنه إذا ما استمر الحصار المفروض على المنطقة، "فلن نجد بذاراً لزراعة الأراضي"، موضحاً أن المنطقة بسبب الحصار ستخرج من دورة الإنتاج الزراعي، وستبقى كل أراضيها الزراعية بوراً، كما قال.

ترك تعليق

التعليق