دمشق بلا ماء.. دعوات همجية للسيطرة على النبع، واستثمارات مائية


"عجبت ممن لا يجد في بيته ماء يشربه ولا يخرج شاهراً سيفه ليحرر نبع الفيجة من الإرهابيين أعداء الإنسانية والحياة؟".. هكذا يدعو صحفي مؤيد للنظام إلى قصف وقتل أهالي وادي بردى بعد توقف ضخ مياه النبع إلى العاصمة، وتحميل الأهالي وثوار الوادي مسؤولية تدمير النبع ووقف تزيد دمشق بالمياه.

 ووسط تزايد الدعوات لما يسمى تحرير النبع بدأ تجار الأزمات باستغلال انقطاع الماء وبيعه بأسعار خيالية ووصل سعر لتر الماء إلى 150 ليرة سورية، وأعلن بعضهم على صفحات مواقع التواصل استعدادهم لتلبية حاجات الناس من الماء بواسطة الصهاريج في ظل استهجان من المواطنين لهذا الاستغلال جهاراً نهاراً.

 دمشق بلا ماء

 وهذه هي الحقيقة الوحيدة بالرغم من إعلان حكومة النظام عن استخدام كل الموارد والآبار الاحتياطية لزيادة كمية المياه بعد خروج نبع الفيجة وعين حاروش ونبع بردى من الخدمة.

فمنذ خمسة أيام تعاني أحياء العاصمة من انقطاع المياه إلا من ساعات ضخ قليلة تحكمها الواسطة حيث يتمكن الأهالي من تعبئة كالونات الماء للشرب فقط مع حالة ذعر من تلوثها بعد إعلان النظام عن تلوث الماء الواصل من نبع الفيجة، وإنكاره قصف النبع بالبراميل وتحميل الثوار مسؤولية ذلك.

 في حي ركن الدين الدمشقي الذي لم تصله المياه سوى لساعتين أول أمس، وفق أحد الأهالي، يقوم الأهالي بشراء كالون المياه من الصهاريج بمبالغ كبيرة، ويبدون استهجانهم من ضخ المياه إلى المزة وأحياء موالية كـ مزة 86 والسومرية.

(صورة نشرتها صفحة موالية)

تطمينات ودعوات همجية

في الوقت ذاته، انتشرت تطمينات من الوزارات وبعض مراكز البحث عن عدم تعرض النبع للأذى، وأن ما يشاع عن إمكانية أن تغور مياهه مستبعدة كما جاء في تصريح للدكتور محمود بوظو، مدير قسم المياه في منظمة الصحة العالمية في سوريا، في أن عودة مياه الفيجة ستكون خلال أيام بمجرد إمكانية الوصول إلى عين الفيجة من قبل الفنيين، وأن مياه الفيجة مخزنها الأساسي في الجبال الممتدة حتى القلمون على مئات الكيلومترات المربعة ما يجعل إيذاءها مستحيلاً إلا بقنابل نووية، وأن ميلان الأرض يجعل الماء يسيل إلى الشام المباركة بدون الحاجة إلى مضخات حتى شهر نيسان.

 أما دعاة القتل من الشبيحة وبعض إعلاميي الطائفة، فانبروا إلى التحريض على أهالي الوادي.

كتب أحدهم: "سلامة النبع مقابل خروج مسلحي الوادي مع عائلاتهم سالمين إلى إدلب وأيةُ أذية لنبع عين الفيجة من الداخل تعني قتل جميع مسلحي وادي بردى ومنعهم من الاستفادة من فرصة الخروج سالمين إلى إدلب".

 فيما تندر البعض عن أوضاعه من شح وقود وماء وصل إلى بيع موبايل حديث مقابل كالون مازوت وماء: "مين بيداكشني ببيدون مازوت وبيدون مي.. مقابل Sony z5".

 الشبيح الإعلامي، نبيل صالح، وعضو مجلس الشعب، كتب عن قدرة الدولة في مواجهة تحدي المياه وأنها استعدت بحفر آبار احتياطية للاستغناء عن الفيجة: "المسلحون فجروا مضختي عين الفيجة ولا تصل نقطة ماء إلى دمشق من النبع المذكور، ويغذي دمشق حالياً 183 بئراً احتياطية بينها 67 بئراً كانت مخصصة للحدائق، كما بوشر بحفر 40 بئراً في الربوة وصحنايا والكسوة وجرمانا، والمياه توزع على أحياء دمشق بالتناوب كل ثلاثة أيام مرة، من 5 ساعات في المناطق المنخفضة إلى 16 ساعة في المناطق المرتفعة. وأما المناطق التي لم تصلها المياه بعد فستصلها خلال 48 ساعة، وهناك صهاريج عسكرية توصل المياه إلى المشافي والمدارس والمؤسسات ليلاً، وبخصوص الصراع على نبع الفيجة فإن الجيش يسيطر الآن على 75% من منطقة بسيمة".

(بائعو ماء في دمشق - صفحة موالية)

 استثمارات مائية

 الانتهازيون جاهزون لاستثمار أي حاجة للمواطنين بالتعاون مع أجهزة أمن النظام التي تسهل هذه الحالات بعمولات اعتادت عليها، ومنذ اليوم الأول لانقطاع المياه بدات الصهاريج بنقل المياه من الريف الغربي لدمشق وبيعها في أحياء العاصمة وبأسعار خرافية، كما يقول الأهالي.

 هؤلاء تجاوزا حدود الوقاحة بالإعلان عن أرقامهم الخليوية لتأمين حاجات المواطنين على الهاتف، ويمكن أن تصلك المياه أينما كنت وفقط عليك بالدفع.

(متاجرون بالماء)

 الجهات الحكومية بدأت بتوزيع عبوات المياه المعدنية المخزنة لديها، وعبر سيارات حكومية تجوب الأحياء حيث أصبح مشهد طابور المياه أوسع من طابور المازوت والغاز أي أن كل حاجيات الناس الأساسية أصبحت على الطابور ويعود كثيرون بعد ساعات انتظار دون الحصول عليها.

فيما سخر بعض المواطنين مما وصلت إليه البلاد من قلة وتبعية: "شو رح ينزلو مي للبيع بدل الفيجه.. اكيد مجهزين ماء مستورد من ايران او لبنان . وادفع يا شامي".

 خطر محدق

يبدو أن أزمة المياه وما يمكن أن ينتج عنها في ظل إصرار النظام على استعادة النبع وإفراغ وادي بردى من ثواره وأهله ستودي بملمح آخر من ملامح المدينة التاريخية، وهو كما بات واضحاً غير آبه بكل تاريخ البلاد، ولا يمكن أن توقفه قلعة تاريخية أو مدينة قديمة أو كنيسة تاريخية أو مسجد عن نواياه التدميرية.

 نبع بردى والفيجة وكل مناهل العاصمة في خطر محدق وسط إصرار إيران وحزب الله على تغيير هوية الشام وتبديل ديموغرافيتها لتصير مجرد صحراء تمجد بحمد الولي الفقية.

ترك تعليق

التعليق