في مناطق محررة.. الفرق بين الدواء التركي والسوري حسب استخدام الناس له


الدواء حاجة شبه يومية للناس، ولا يقل أهمية عن الغذاء والماء، وبحكم توافر الدواء التركي بكثرة في المناطق المحررة دون غيره من الأدوية، فكان لا بد لنا من التطرق إلى هذا الموضوع، ولدى أخذ آراء عينة من الناس عن فعالية الدواء التركي وثقة الناس به، كان هناك من هو مشكك بفعاليته، ومن هو مؤيد وراض بها.

 وخلال زيارة لبعض النقاط والمراكز الصحية والتي يُقدر نسبة الدواء التركي فيها بـ 90%، التقينا عدداً من الأهالي، في مناطق من ريف حماه الشمالي.



"أبو سامر"، مواطن يبلغ من العمر 58 عاماً، لدى خروجه من مشفى كفرزيتا في ريف حماة، سألناه عن سبب قدومه لهذه المشفى، وعن الخدمات التي تلقاها، فأجاب: "زيارتي للمشفى من أجل المعاينة وأخذ الدواء، إذ أني أعاني من التهابات مجاري بولية وتضخم بروستات".

 ولدى سؤاله عن الأدوية الموصوفة له، أجاب أنها أدوية تركية لا تقدم ولا تؤخر، على حد وصفه، وأنه سيضطر للذهاب إلى صيدلية خاصة لشراء أدوية سورية، رغم غلاء ثمنها، فهو لا يتناول الأدوية التركية لأنها عديمة الأثر، على حد تعبيره.

 وأضاف "أبو سامر" في تصريح لـ "اقتصاد": "لو وجدوا أرخص منها ما أرسلوها لنا".

"عدنان"، شاب يبلغ من العمر 35 عاماً، مشكلته التهاب قصبات، لمحنا بين يديه بعض الأدوية التركية، ولدى سؤاله عن مدى ثقته بالأدوية التركية، أجاب: "إنها عديمة الأثر"، وعقّب: "الأدوية التركية دواء خال من الفعالية، إنه دواء كاذب أو أنه لا يحوي إلا القليل من من المادة الفعالة، متأكد أنني بعد تناوله لن أتعافى إلا بعد الذهاب إلى صيدلية تحوي دواءً سورياً، وأخذ إبرة ضد الحساسية".

 واعتبر "عدنان" أن تركيا بلد ضعيف طبياً ودوائياً، فيما سوريا أفضل منها في المجال الطبي.

"أم محمد"، سيدة تبلغ من العمر 42 عاماً، تعاني من مرض الربو المزمن بالإضافة إلى مرض السكري، ولدى سؤالها عن الأدوية التركية وفعاليتها، كانت إجابتها مختلفة تماماً عن الحالتين السابقتين، إذ أنها كانت على ثقة تامة أن حالتها لم تتحسن إلا بعد أخذ الأدوية التركية.

 تقول "أم محمد" لـ "اقتصاد": "لولا الله ثم الدواء التركي لكنت الآن في أسوأ حالاتي".

 هذه الآراء المختلفة التي حصلنا عليها قمنا بطرحها على الصيدلي "أحمد الصبيح"، فأجاب: "من خلال مزاولتي لمهنة الصيدلة وخاصة على مدار الثلاث سنوات الماضية فإن حالات مختلفة أتعرض لها ومن هذه الحالات ما ذكرتم حول فعالية الدواء التركي ومقارنته بالدواء السوري، وأتعرض بشكل شبه يومي لهذه الأسئلة من قبل المرضى الذين يحضرون إلى الصيدلية، مثلاً شخص يحضر علبة من الدواء التركي ويسألني ما هذا الدواء أو أعطني مثل هذا الدواء وليكن دواءً سورياً، والأغرب من ذلك أنه في بعض الأحيان يأتي مريض إلى الصيدلية ومعه وصفة طبية ليصرفها وقبل أن أصرفها له يقول لي، دكتور أريد الدواء سورياً".

 واستطرد "الصبيح": "الكثير من المرضى يقولون إن الدواء التركي لا يحوي مادة فعالة، أو أن المادة الفعالة فيه ناقصة أو غير كاملة، بالطبع لا.. هذا الكلام غير صحيح.. فمثلاً، عندما نأخذ دواءً تركياً، وليكن barol 500، فهذا يعني أننا أخذنا حب سيتامول يحوي 500 ملغ من المادة الفعالة بارا سيتامول، والحديث عن أن هذا الدواء المكتوب عليه بارول 500 لا يحوي 500 ملغ بارا سيتامول أو أنه يحوي فقط 200 ملغ أو أقل أو أكثر، هو كلام خاطئ، لأن الدواء عليه رقابة وتدقيق، ولا يجوز أن يكون مخالفاً للقانون، فلو كان هذا الدواء أي /بارول 500/ يحوي فقط 200ملغ بارا سيتامول، لكان مكتوب على العلبة بارول 200، إذاً، هذا الكلام غير صحيح وغير دقيق".

 وتابع "الصبيح": "كثير من الأشخاص حضروا إلي قائلين، كنا في تركيا وعانينا من المرض لمدة طويلة ولكن الأتراك لم يستطيعوا تشخيص حالتنا، رغم أنها حالات بسيطة، وتناولنا الأدوية التركية لمدة طويلة دون أي فائدة، ولكن عند قدومنا إلى سوريا، اختُصر العلاج إلى بضع إبر وحبات بسيطة.. أعود وأؤكد على هذه الفكرة الرئيسية، الأتراك ليسوا أغبياء أو أقل إدراكاً بالطب والأدوية من أقرانهم السوريين أو غيرهم، وعلى العكس تماماً، فـ تركيا بلد متقدم اقتصادياً وعلمياً وفي مجالات عدة، وأن نتهمهم بالنقص وعدم الفهم فهذا إجحاف بحقهم، لأنهم دولة لها نظامها الصحي، والذي للأسف، نحن في سوريا نفتقده، وخصوصاً في المناطق المحررة".

ونوّه الصيدلي: "من باب التوضيح، المضادات الحيوية هي أدوية حساسة جداً، ويجب التروي في وصفها للمريض، أي من غير الممكن كتابتها بشكل كثير للمرضى، لأن استخدام هذه الأدوية بشكل واسع سوف يؤدي إلى خلق جيل من الباكتيريا أو الجراثيم، مقاوم لهذه الأدوية، وبالتالي فإن جميع هذه الأدوية ستصبح من دون فائدة، ويجب التخلص منها، كما أن استخدام المضادات الحيوية بشكل واسع يقضي على بعض أنواع الجراثيم المفيدة بالجسم normal flora، وهذا فيه مشكلة جدية للمريض، والفرق بين الوصفة الطبية التركية والسورية، هو أنه نادراً ما نلاحظ في الوصفة التركية دواء مضاد حبوبي بوصفة طبيب مختص، وإن وجدت، فإنها تكون فموياً، وإن كان الأمر أكثر ضرورة، تكون عن طريق الحقن، وهذا يتطلب وقتاً لتعافي المريض، أما في سوريا تجد خلطة مؤلفة من عدة مضادات حيوية وبعد تناولها بحوالي ساعة من المرض يشعر المريض بالشفاء".

ترك تعليق

التعليق