في سوريا.. مدفأة المازوت أصبحت حلماً، قد يحتاج الفرد خمس سنوات لتحقيقه
- بواسطة يسرى أحمد – خاص – اقتصاد --
- 20 كانون الأول 2016 --
- 0 تعليقات
أخيراً، استطاعت السيدة مها، 34 عاماً، أم لطفلين، من اللاذقية، الاستمتاع بدفء مدفأة المازوت في منزلها بعد أن قضت العام المنصرم تحت رحمة مدفأة الكهرباء والتي لم تستطع استعمالها أكثر من ساعتين باليوم حسب أوقات التقنين.
"لم أتمالك نفسي من البكاء عندما شعرت بدفء النار المشتعلة في مدفأة المازوت في المنزل ورأيت ولدي يجلسان حولها، تذكرت العام المنصرم والبرد الذي كنا نعاني منه طوال اليوم وخاصة ليلاً لأننا لم نستطع توفير المال الكافي لتغطية تكاليف التدفئة لأن زوجي لم يستطع أن يجد عملاً إضافياً، على الرغم من أن مجموع راتبه وراتبي حوالي 75 ألف ليرة سورية".
أضافت أنها كانت تضطر للحفاظ على ولديها مرتديان القبعات والسترات السميكة حتى داخل المنزل بسبب البرد، كما أن مناعتهما تأثرت وتعرضا أكثر من مرة لالتهابات بالبلعوم والرئتين.
بجلوسها أم المدفأة تراقب النار، تذكرت معاناتها مع البرد أيضاً العام المنصرم حيث أنها لم تستطع شراء حذاء شتوي وقضت كل الشتاء بحذاء صيفي، كانت تشعر بالدماء تتجمد في أصابع قدميها من البرد، كما أنها لم تستطع شراء سترة سميكة شتوية ولكن من حسن حظها أن شقيقتها تبرعت لها بواحدة.
عند سؤالها عن وسيلة التدفئة التي كات تستخدمها من قبل، أوضحت السيدة مها: "قبل الحرب، كنا نعتمد على الكهرباء والغاز، وفي أول سنتين من الحرب (2011، 2012) كان الوضع لا زال مقبولاً، وفي العام الثالث من الحرب، 2013 استعملت النقود التي تلقيتها كهدية لمولد ابني الثاني، وكنا نستعمل مدفأة الغاز بتكلفة 5000 ليرة سورية أسبوعياً، ونفس الشيء في السنة الرابعة حيث كان زوجي يحصل على دخل إضافي من عمله بأعمال الدهان بالإضافة لعمله كسائق، ولكن في العام الماضي كان الوضع قاسياً جداً إذ لم نستطع توفير نقود لأي شيء سوى الطعام".
وهي الآن تشعر بسعادة أكبر ومضاعفة بمدفأة المازوت، وخاصة بعد الأخبار الأخيرة عن سيطرة "الدولة الإسلامية" على آبار الغاز في ريف حمص الشرقي وندرة الغاز وارتفاع أسعاره، في حال توفره، إلى الضعف مقارنة بالعام الماضي ( من 1800 لاسطوانة الغاز إلى 2800 أو 3000 ليرة حالياً). كما أن توفير الغاز لمراكز التوزيع انخفض من مرتين كل أسبوع إلى مرة واحدة كل 10 أيام.
وعند سؤالها عن سبب معاناتها في تغطية تكاليف العيش رغم دخلهم الذي يقترب من 75 ألف ليرة سورية أوضحت أن المعدل الوسطي لمصروف عائلة من أربعة أفراد لا تقل عن 3000 ليرة سورية يومياً، أي بحساب بسيط يحتاجون 90 ألف ليرة سورية شهرياً.
"لنحسب تكلفة ابني الصغير وهو لا يتجاوز 3 سنوات من العمر، سعر كيلو حليب النيدو 3800 ليرة والنوع الآخر الذي يتم إنتاجه محلياً حوالي 2000 ليرة وهو يحتاج 2 كيلو حليب شهرياً، وأرخص نوع للحفاضات حوالي 50 ليرة للواحدة، وسعر التفاح 250 ليرة والموز 400 ليرة وباقي الحمضيات لا تقل عن 150 للكيلو، بالإضافة للسعر الجنوني للجبن والزيت والبيض حيث يبلغ سعر البيضة 50 ليرة سورية وتكلفة الحضانة التي أتركه بها عند الذهاب إلى العمل تبلغ 5000 ليرة سورية شهرياً، وبالتالي تبلغ تكلفة رحلته اليومية إلى الروضة إذا أردت ارسال تفاحة وموزة وسندويشة جبنة مثلاً مع ما يحتاجة من أشياء أخرى مع أجرة الحضانة تبلغ 175- 225 ليرة يومياً، وإذا افترضنا أن تكلفة ابني الأكبر الذي يذهب إلى المدرسة أقل بقليل (150 ليرة باليوم) سأحتاج لـ1000 ليرة سورية فقط عند كل صباح".
أضافت مها أن تكلفة أرخص وجبة لا تقل عن 3000 ليرة سورية، بالكاد يمكن أن تبقى ليومين.
في النهاية، لا تريد مها أن تفسد فرحتها الآن بالتمتع بالدفء بكل هذه الحسابات، ستجلس بجانب ولديها حول المدفأة وتدعو أن تنتهي هذه الحرب بأسرع وقت، وقبل أن يمر فصل شتاء آخر على الناس المشردين من دون حتى سقف يغطي رؤوسهم أو حائط يستر خصوصيتهم.
التعليق