"صخرة الحب والسلام" صامدة في درعا البلد.. فهل تصل إلى مبتغاها بعد حين؟




من مهد الثورة السورية، وتحديداً من ساحات مخاضها الأول في درعا البلد، حاول النحات الهاوي، إبراهيم ابازيد، قبل انطلاق الثورة السورية، أن يبعث "رسالة حب وسلام للبشرية جمعاء"، وذلك من خلال عمل نحتي فريد، لكن عمله هذا الذي أُنجز معظمه، توقف مع قيام الثورة السورية قبل نحو ست سنوات، بسبب الظروف الأمنية التي فرضتها حرب النظام على شعبه منذ ذلك الحين.




وقال الثلاثيني ابازيد: "أردت أن أنجز منحوتة فريدة، مليئة باللوحات الفنية المعبرة، تجمع الحضارات الإنسانية المعروفة، وذلك على صخرة من البازلت الأسود القاسي، يبلغ طولها 7 أمتار، وعرضها متران، وارتفاعها 3  أمتار، وتزن نحو 117 طناً، قمت بنقلها من وادي الزيدي بواسطة معدات نقل ثقيلة إلى أمام محلي الذي كنت أعمل فيه ميكانيكي جرارات في درعا البلد، وذلك في العام 2006".



ولفت النحات الهاوي إلى أنه أراد من خلال هذا العمل إرسال رسالة حب وسلام إلى البشرية بطريقته الخاصة، فبدأ بمطرقته وأزميله بنحت الحضارات الإنسانية، بدءاً من نزول آدم عليه السلام وبداية تطور البشرية على الأرض، مروراً ببعض الحضارات الإنسانية القديمة التي عرفها التاريخ، فنحت الكعبة المشرفة، وحضارة سبأ في اليمن، والمسلة الفرعونية بمصر، والحضارة الفينيقية والبابلية والكنعانية والفارسية والقيصرية الروسية، وتاج محل في الهند، والحضارة الكونفوشيوسية في الصين، والبوذية في كمبوديا، ومعبد آن جاكور، والحضارة اليابانية ياماتو، وغيرها من الحضارات الإنسانية، التي قرأ عنها أو سمع عنها في القرآن، والكتب التاريخية.



وأشار إلى أنه لولا الحرب، لكانت الآن لوحته مكتملة، لافتاً إلى أن هناك العديد من الحضارات التي ينبغي عليه إنجازها فور انتهاء الحرب، وتوفر الظروف المناسبة، ومنها الحضارة السومرية والإفريقية والرومانية والمايا والازدك والاسبانية، والمنجزات الحضارية الحديثة التي يشهدها العالم الحديث.



وعن بداياته، يقول الفنان إبراهيم ابازيد، "ولد حب النحت لدي منذ أن كنت في الرابعة من عمري، فكنت أمسك مسماراً أو سكيناً، وأحفر به بعض الرسوم على ألواح الصابون الطرية، أو على الصخور الكلسية الهشة"، لافتاً إلى أن عمله الاحترافي باستخدام المطرقة والازميل بدأ عندما كان في الصف السادس الابتدائي، حيث أنجز منذ ذلك الحين أكثر من 400 عمل نحتي على صخور البازلت القاسية، التي يشتهر بها الجنوب السوري.



وأضاف أن من أبرز أعماله النحتية لوحات فنية على صخرة تزن ستة أطنان، نحت عليها قصص الأنبياء عليهم السلام، استغرق العمل فيها  أكثر من ست سنوات، ونحت عليها قصة النبي يوسف وإدريس، ومدن صالح، وقبائل عاد وثمود وأهل الكهف، وغيرها من لوحات، وهي عبارة عن شجرة جذورها في فلسطين، وأغصانها في السماء، مشيراً إلى أن هذه المنحوتة مدفونة الآن تحت التراب، خوفاً من أن تصيبها قذائف قوات الأسد.



وقال: "هناك أعمال نحتية أخرى ولوحات فنية كثيرة أنجزتها منذ بداياتي وحتى العام 2011، من أبرزها، كسوف الشمس عن فلسطين، ومنحوتة (أرض وعرض) و(امرأة تحكم العالم)".




وحول تعليمه، قال النحات ابازيد: "أعمل بالفطرة ولم أتعلم أو أدخل مدرسة فنية"، لافتاً إلى أنه وصل إلى الصف السادس الابتدائي، وبسبب ظروفه الاقتصادية الصعبة، بدأ العمل كميكانيكي جرارات في ورشة والده الخاصة، التي اكتسب فيها أيضاً الخبرة بإصلاح الجرارات الزراعية.



وأشار إلى أن عمله، سواء النحتي أو المهني، متوقف منذ العام 2011 بسبب الأحداث التي تشهدها درعا البلد منذ ذلك الحين، لافتاً إلى أنه وعلى الرغم من أهمية إنجازاته النحتية، لم يلق أي اهتمام من أي جهة كانت سواء في عهد النظام البائد، أو في الوقت الحالي.



يشار إلى أن صخرة الحب والسلام، التي أراد الفنان ابازيد من خلالها إيصال رسالته إلى البشرية، لازالت تقف بصمود وتحدٍ أمام محله الخاص بصيانة الجرارات الزراعية في درعا البلد، "وكأني بها تقول لابد أن أصل إلى مبتغاي ولو بعد حين".

ترك تعليق

التعليق