جنوب دمشق.. روث الأبقار والأحذية القديمة، بدائل وقود التدفئة


في مناطق جنوب العاصمة دمشق المحاصر، للشتاء إيقاعٌ خاص، إذ تستمر قوات الأسد في فرض حصارها على المنطقة، وتستمر في منع دخول وقود التدفئة بالتزامن مع نقص مادة الحطب في المنطقة نتيجة استهلاكها في السنوات السابقة وارتفاع أسعارها بشكل كبير، إضافة لانتشار البطالة والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها المنطقة بسب الحصار، الأمر الذي أجبر قاطني هذه المناطق على أن يجعلوا من "روث البقر" و"المواد البلاستيكية" و"الأحذية"، بدائل لوقود التدفئة.

صناعة "الجلة" وسيلة جديدة لمواجهة البرد القارص

يحدثنا أبو راتب، أحد أهالي بلدة يلدا، 38 عاماً، عن كيفية صناعة "الجلّة"، حيث يتم تجميع روث الأبقار في إناء بلاستيكي كبير، ويضاف إليه مادتا "التبن" و"القش"، ومن ثم يتم خلطهما ببعض لتصبح الخلطة أكثر تماسكاً، ومن ثم تترك لمدة أقصاها أسبوع، وذلك بعد تغطيتها بشكل محكم، وبعدها يتم الكشف عنها ووضعها تحت أشعة الشمس، ومن ثم تحويلها إلى أقراص صغيرة، لتصبح جاهزة للاستخدام لإشعالها في المدافئ.

ويضيف أبو راتب: "اضطررنا إلى هذه الوسيلة لأنها تعد كبديل عن وقود التدفئة لأن الأهالي في مناطق جنوب العاصمة ليس لديهم قدرة على شراء مادة الحطب الذي يصل سعره 100 ليرة سورية للكيلو الغرام الواحد، وذلك بسب انتشار الفقر بفعل الحصار المفروض على المنطقة منذ ثلاث سنوات"، مشيراً إلى أن أغلب العائلات في بلدات "يلدا, ببّيلا, بيت سحم"، استخدموا "الجلّة" بقصد التدفئة وكبديل عن مادتي الحطب والمازوت.

في مخيم اليرموك.. المواد البلاستيكية والأحذية القديمة والنايلون وسائل للتدفئة

ويقول أبو علي، 40 عاماً, أحد سكان مخيم اليرموك ولديه ثلاثة أطفال، "لا أملك ثمن طعام لأسُدّ به رمقي ورمق أطفالي حتى أتمكن من شراء مادة الحطب. لذلك لجأتُ لاستخدام الأحذية القديمة والمواد البلاستكية والنايلون للتدفئة والطهو بدلاً من الحطب رغم أنها تطلق روائح مضرة ينتج عنها أمراض, لكن ليس لدي وسيلة أخرى". ويردف أبو علي بأن أغلب الأهالي في مخيم اليرموك اعتمدوا هذه الوسائل كبديل عن مادة الحطب للتدفئة بسب استهلاكها في السنوات السابقة.

ومن جانبها، أم محمد, 50 عاماً, من سكان منطقة "الريجة" المحاصرين من قبل قوات الأسد والميليشيات الفلسطينية من جهة، و"تنظيم الدولة الإسلامية" من جهة أخرى, والمُعيلة لخمسة أطفال بعد أن قُتل زوجها نتيجة القصف على المنطقة، تقول لـ "اقتصاد": "ليس لدي أي بديل للتدفئة إلا أن أجمع بعض المواد البلاستيكية والألبسة القديمة والأخشاب الصغيرة من البيوت المدمرة لأستخدمها في الطبخ والتدفئة، فحصار النظام والتنظيم أنهكنا".

ومع كل هذا بسمة الأمل لا تفارق وجوه قاطني جنوب دمشق وهو ما يزيد من عزيمتهم للصمود في وجه طغيان النظام المجرم ومرتزقته وإيجاد الحلول البديلة لمواجهة حصارهم متأملين بأن "يوماً ما ستشرق شمس الحرية ويعيشون بأمان بغير الأسد ونظامه الديكتاتوري".

ترك تعليق

التعليق