قصة "الشيف وريف".. الذي نقل المطبخ الحلبي إلى غزة المحاصرة
- بواسطة فارس الرفاعي- خاص - اقتصاد --
- 11 كانون الأول 2016 --
- 0 تعليقات
من تحت القصف والحصار وأهوال الحرب، فرّ الشاب السوري "وريف حميدو"، منذ سنوات، حاملاً عشقه للمطبخ الحلبي إلى قطاع غزة في فلسطين المحتلة، وغدا الشاب الثلاثيني القادم من حي الخالدية الحلبي الشيف الأشهر في المدينة المحاصرة بعد أن نقل إلى الغزيين بخبرته الغنية أكلات وأصناف طعام لم يألفوها من قبل.
عمل وريف /35 عاماً/ كشيف في العديد من المطاعم المعروفة في حلب منذ سنوات، وبعد أن حلّت الحرب وساءت الأوضاع الإنسانية في المدينة عام 2012 قرر النزوح إلى تركيا التي تنقّل فيها بين "مرسين" و"الإسكندرون" ولم يكن هناك ظروف مناسبة للعمل بالنسبة للسوريين، ونظراً لطموحه بعدم الاكتفاء بصفة اللاجئ والبحث عن عمل سافر بحراً إلى مصر ليعمل في محل صغير كان دون طموحه، وشاءت الصدفة أن يتعرف الشاب الحلبي على شخص فلسطيني يملك مطعماً في غزة عرض عليه أن يذهب معه إلى هناك ويديره بنفسه، وبالفعل دخل وريف غزة عام 2013 من أحد أنفاق التهريب، قبل أن يدمّرها بعد ذلك الجيش المصري.
وهناك شعر وريف بالتشابه بين وضع السكان وأجواء القطاع، وبين الأجواء التي كان يعيشها في سوريا فقرر البقاء فيه وترك عمله في مصر، ليعمل بداية في مطعم أطلق عليه أسم "أزمير" –كما يروي لـ"اقتصاد"- مضيفاً أنه تعرّف بعد أشهر من وجوده في غزة على الصحفية الفلسطينية "مها أبو كاس" مراسلة القناة الفرنسية التي جاءت لكتابة تقرير عن نجاحه داخل غزة المحاصرة فاقترن بها، والمفارقة أن حفل زفافه أقيم في ذات المطعم الذي يعمل فيه لعدم وجود أسرته أو أحد من أقاربه في القطاع.
وحضّر وريف–كما يقول-طعام المدعوين بيديه وتم تغطية الحفل من قبل وكالة الأنباء الفرنسية وتصدّرت صور الزفاف الصفحة الرئيسية للوكالة.
وبعد اندلاع الحرب في غزة عام 2014 أُغلق المطعم، فخرج وريف مع زوجته لتغطية الحرب في أرض الميدان لأكثر من أربعين يوماً، وعقب انتهاء الحرب عاد إلى المجال الذي يعشقه ليعمل في مطعم افتتحه بالاشتراك مع مستثمر فلسطيني ودُعي هذا المطعم الذي يقع وسط مدينة غزة بـ "سوريانا" نسبة الى بلده الأم سوريا.
وخلال هذه الفترة اتفق محدثنا –كما يقول- مع شركة إنتاج على تقديم برنامج للطبخ باسم "الشيف وريف" في شهر رمضان، وتناولت حلقات البرنامج الذي تم عرضه على قناة "الكتاب" وقناة "الكوفية" الفلسطينيتين تعريفاً بالأكلات والشوربات غير الموجودة في غزة.
وأشار محدثنا إلى أن "المطبخ السوري هو نتاج ثقافة وخبرات وتراث وعادات سوريا وهو جزء لا يتجزأ من ثقافة المجتمع السوري عبر الأزمان"، وشيف المطبخ–كما يقول- لا يختلف كثيراً عن الطبيب أو المهندس أو الصيدلي وجميع أصحاب المهن والاختصاصات الأخرى، لأنه من يطعم الناس ويحدد نوعية الأكل لهم، وهو من يميز فيما إذا كان هذا الأكل صحياً أم غير صحي.
ولدى سؤاله عما تبقى من المطبخ الحلبي بعد خمس سنوات من الحرب الدامية أجاب "وريف حميدو" أن المطبخ الحلبي صامد وإن طاله بعض التعب بفعل الحرب، مضيفاً أن الحلبيين ممن خرجوا من حلب "حملوا المطبخ الحلبي بعاداته وتقاليده وتنوع أكلاته أينما حلوا".
وعبّر حميدو عن أمله بأن ينقل بدوره ثقافة المطبخ الحلبي على أصولها إلى كل العالم.
وحول سمات هذا المطبخ وما الذي يتميز به أوضح محدثنا أن "ثقافة المطبخ الحلبي تختلف باختلاف التضاريس والفصول وتقلبات الجو وتباين درجات الحرارة وفي الوقت نفسه اختلاف المراعي"، مشيراً إلى أن "هناك لحم الخاروف السرحي الذي يتناول العشب الطبيعي والذي يختلف طعم لحمه حكماً عن الخروف الذي يتغذى على العلف الصناعي"، وحلب-كما يقول-أبهرت العالم بطعامها المتنوع وأصنافه الذكية والشهية، والدليل على ذلك-حسب وصفه- أن المطبخ السوري الذي مثلته حلب خير تمثيل نال جائزة مرموقة في باريس عام 2007.
وأشار الشيف وريف إلى ما أسماها جزئيات التميز في المطبخ الحلبي منوّهاً إلى أن هناك مثلاً 25 نوعاً من الكبة في حلب كـ"السماقية" و"السفرجلية" و"الصاجية" و"القرفلية "... إلخ وهذا يشكّل تميّزاً بحد ذاته، ومضى محدثنا شارحاً بحماس تميّز الأكل الحلبي عن غيره بإدخال الحلو مع المالح كأكلة الكباب بكرز المعروفة في حلب وإدلب وأريحا أو اللحمة بالصينية مع الخبز، وكذلك الزلابية الحلبية التي تم إدخال البطاطا المسلوقة فيها مع الطحين كما تُصنع منها الحلويات بإضافة القشدة والقرفة، وهناك-كما يقول وريف- دبس الرمان الذي أضيف إلى الفتوش والجبنة البلدية والسماق، ولذلك يتنوع المطبخ الحلبي بتنوع الثقافات في حلب.
التعليق