زيادة مدة تصريح العمل ومكاتب لتشغيل السوريين قريباً في الأردن


يعد العمل وتأمين لقمة العيش هو الهم الأكبر للسوري في بلاد اللجوء بعدما ترك ورائه كل ما يملك في سوريا ليحيا حياة كريمة.

وفي الآونة الأخيرة صدرت بعض القرارات التي من شأنها تسهيل عمل السوريين في الأردن، إذ كشف أمين عام وزارة الصناعة والتجارة والتموين، يوسف الشمالي، مؤخراً، لوكالة الأنباء الأردنية "بترا" عن قرار حكومي سيصدر قريباً يقضي بمنح تصاريح عمل للسوريين من 3 إلى 5 سنوات، لتحفيزهم على الإقبال على العمل بالقطاع الصناعي بهدف الاستفادة من قرار تبسيط قواعد المنشأ الموقع بين الأردن والاتحاد الأوروبي.

بهذا الصدد، التقى "اقتصاد" بـ "أبو محمد"، الذي يعمل في مهنة البلاط، والذي أكد أن هذا القرار مهم للغاية للعمالة السورية، وذلك لأن إصدار تصريح لـ 3 أو 5 سنوات يشعر العامل بالأمان في عمله، ويوفر عليه التجديد كل سنة.

 لكن هذا القرار سيشمل العاملين في مجال الصناعة فقط، أما في مجال الحرف الأخرى، فيرى "أبو محمد" أن الأهم هو إصدار شهادة مزاولة مهنة بالإضافة إلى التصريح، بحيث يستطيع العمل عند أي شركة أو حتى أشخاص، لفترات محدودة، لأن عمله ينتهي بانتهاء الورشة.

أما سليم الأحمد، الذي يملك منشأة صناعية، فقد رأى بأن هذا القرار بداية حقيقية للاستفادة من الخبرات السورية في مجال الصناعة، مما يشجع الشباب على إصدار تصاريح عمل بحيث يضمن العمل لفترة طويلة ويأخذ كامل حقوقه كعامل، من تأمين صحي واجتماعي.

 يضيف الأحمد أن الدورات الحرفية والمهنية التي تقام للعمالة السورية في الأردن تسهل دخول سوق العمل وتخفف من نسب العاطلين عن العمل.

في نفس السياق، التقى "اقتصاد"، منسقة الاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين في منظمة العمل الدولية، الدكتورة مها قطاع، التي أكدت بدورها ابتداءً، أهمية إعفاء السوريين من تصاريح العمل لتشجيعهم على استصدار تصاريح تتيح العمل لهم بشكل قانوني، وخاصة بأن المبلغ المتوجب دفعه قبل الإعفاء لا يستطيع معظم السوريين تأمينه، مشيرة إلى أن عدد تصاريح العمل الصادر حتى تاريخه بلغ 33 ألف تصريح عمل  في مختلف القطاعات، وأكبرها كان في مجال القطاع الزراعي، حيث بلغ العدد 10 آلاف تصريح، ببنما في القطاع الصناعي لم يتجاوز الـ 6 آلاف، وفي قطاع التجزئة 5 آلاف وفي قطاع المطاعم والمحلات 4 آلاف والبناء 3 آلاف.

فيما أكدت بشدة أن إصدار العامل السوري تصريح عمل لن يؤثر قطعاً على المساعدات التي تقدم من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في حين لفتت إلى أن الاعتماد على المساعدات لن يجدي نفعاً على المدى الطويل وقضية المساعدات ليست ثابتة ومرتبطة بالدعم المقدم للمفوضية من الدول والهيئات المعنيـة، لذلك الحل الأمثل هو العمل، على أساس قاعدة تمنى الأحسن واستعد للأسوأ. واعتبرت استصدار تصريح العمل فرصة ثمينة يجب استثمارها.

وفي سؤال حول بعض الصعوبات في إصدار تصاريح عمل لبعض السوريين بسبب عدم استيفاء الشرط الذي ينص على أنه "يجب في أي عمل أن يكون نصف العمالة من المواطنين ونصفهم من العمالة الوافدة"، أجابت الدكتورة مها بأن هناك ما يدعى "الكوتا" في نظام العمل، فمثلاً في مجال قطاع الانشاءات يشترط أن تكون نسبة العمالة الوافدة 50% والمحلية كذلك، فحين يوظف صاحب العمل عاملاً سورياً ويريد استخرج تصريح عمل له، يجب أن يوظف مواطناً أردنياً بالمقابل، للمحافظة على نظام الكوتا.

وفي سؤال للدكتورة مها عن الحلول الممكنة لهذه العقبات، أشارت أنهم في منظمة العمل الدولية يعملون على حل هذه العقبة بإقامة دورات تدريبية للعمالة السورية في مختلف الحرف والاختصاصات من أجل الحصول على شهادة مزاولة مهنة ليتم البحث مع الضمان الاجتماعي إمكانية تسجيل العامل ليعمل لحسابه أو بشكل حر.

 تضيف بأن موضوع إعطاء تصريح العمل لـ 3 أو 5 سنوات محصور في القطاع الصناعي، من أجل تشجيع السوريين على العمل بالقطاع الصناعي، بسبب الاشتراط على أي مصنع أردني لتسهيل تصدير إنتاجه للاتحاد الأوروبي، أن يكون لديه في السنة الأولى والثانية من العمل نسبة 15% من العمالة السورية، وفي السنة الثالثة 25%، فيما يسمى بتبسيط قواعد المنشأ، وهذ ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر لندن للمانحين، فمعظم المصانع التي بدأت بالتفكير بالتصدير لأوروبا أصبحت مهتمة بتشغيل السوريين، وبالتالي جاءت فكرة إعطاء تصريح العمل لـ 5 سنوات لتشجيع السوريين على العمل بالقطاع الصناعي.

وفي سؤال للدكتورة مها، لماذا السوري لا يحبذ العمل بالقطاع الصناعي؟، أجابت أن القطاع الصناعي وقطاع الألبسة بشكل خاص يعتمدان على عمالة تأتي من شرق آسيا وأجورها متدنية جداً، وهذا لا يناسب السوري، أما في القطاعات الأخرى فيمكن أن يكون للسوري دور لأن الأجر فيها يكون أعلى، ولحل هذه المشكلة تقوم منظمة العمل الدولية بإنشاء مكاتب عمل للسوريين بالتعاون مع وزارة العمل الأردنية، وهي أربعة مكاتب، في عمان العاصمة ومدن اربد والمفرق والزرقاء، بحيث يصبح بإمكان أي سوري البحث عن عمل من خلال التقدم لمكتب التشغيل ويزوده بمهاراته وخبراته ليتم البحث له عن فرصة عمل، وإذا لم يكن لديه مهارات يتم إعطاؤه تدريباً، ليكون مؤهلاً لدخول السوق.

تختم الدكتورة مها حديثها لـ "اقتصاد" بأنه قد تم بالفعل عمل ما يسمى باليوم الوظيفي وقد طبقت الفكرة عملياً يوم السبت الماضي في قطاع الإنشاء، فتم جمع المهتمين بالبحث عن عمل بهذا المجال بالإضافة إلى دعوة شركة إعمار كبيرة تقوم ببناء مجموعة مدارس، وتم دعوة  210 باحث عن عمل، تمت مقابلتهم من قبل الشركة وسيتم توظيف أعداد كبيرة منهم.

كان الأردن والاتحاد الأوروبي قد أعلنا في تموز الماضي عن دخول اتفاقية "تبسيط قواعد المنشأ" حيز التنفيذ، والتي كانت ضمن مخرجات مؤتمر لندن، وشمل الاتفاق 18 منطقة ومدينة تنموية وصناعية في كافة أنحاء المملكة، تستطيع أن تصدر 50 فصلاً جمركياً للسوق الأوروبي، بالإضافة إلى تسهيلات تشمل ما يعادل تخفيض القيمة المضافة إلى 30% بدلاً من (50 – 65)%، كما كان سابقاً.

ترك تعليق

التعليق