"دكّ" التبغ يوفر فرص عمل لبعض السوريين في تركيا


 يدندن أبو محمد وهو "يدكّ" التبغ في الفلتر بواسطة آلة بسيطة:

هاتي هالفلتر هاتي ... تنلف الدخانانتي
منطلّع عشر ليرات .... ونشتري هالخبزاتي
 هيك الله قدر .... والأمر كلو معسر
كلو من الله مليح ... وياجابر العسراتي

 تحوّل أبو محمد من مزارع ينتج عشرات الأطنان من التفاح والخوخ في جبل الأكراد بريف اللاذقية، إلى مواطن محطم، يعتمد على لفّ سجائر الدخان لصالح أحد المحلات في أنطاكيا، كمورد دخل بسيط يقيه الحاجة.


 يقوم بعمل مضن يمتد لأكثر من عشر ساعات يومياً، يتمكن خلالها من تحويل كمية من التبغ المفروم إلى عشر كروزات جاهزة، ويحصل لقاء ذلك على خمس ليرات عن كل كروز.

تحدث أبو محمد لـ "اقتصاد" عن معاناته مع إيجاد عمل ووصوله إلى هذا الحل، "بحثت مدة طويلة، لم أجد عملاً يتناسب مع عمري، إلى أن اقترح علي صاحب أحد المحلات في الجوار هذا العمل".

 وأضاف: "يحضر لي صاحب المحل التبغ والفلاتر (لفافات التبغ) كل يوم عندما يستلم مني ما أنتجته بالأمس، يحتاج يومياً إلى ما يعادل مئة علبة تبغ وهي تتناسب مع قدرتي على العمل والصبر".

 وتنهد بعمق: "لا أحب هذا العمل ولكنني مجبر عليه مع عدم وجود البديل".

 انتشرت مهنة حشو التبغ في الفلتر بين كثير من الأسر السورية في عدد من المدن التركية، حتى تحولت إلى مصدر وحيد لدخلها، مع عدم توفر فرص العمل أو ندرتها.


 الأتراك يتحولون إلى التبغ العربي

ينتشر بيع لفائف التبغ التي ينتجها السوريون في كثير من المحلات التركية بسعر ليرتين للعلبة الواحدة.

 عدد كبير من الأتراك أصبحوا يدخنون هذا النوع من التبغ بسبب انخفاض سعره وانتشاره، وتعودهم عليه نتيجة احتكاكهم مع اللاجئين السوريين.

 تجارة الدخان في تركيا غير ممنوعة كما هو الحال في سوريا، وهذا مما يسهل الأمر ويوفر المادة في الأسواق، ويؤمن فرص عمل لا بأس بها.

 بديل عن الدخان المعلب

كما يدخن أغلب السوريين التبغ الطبيعي المفروم (الدخان العربي كما يسمونه)، مع عدم قدرتهم على شراء الدخان التركي أو الأجنبي، لارتفاع أسعاره بالنسبة إلى دخلهم المحدود إن وجد أصلاً، فهو يوفر عليهم شهرياً مئة ليرة تركية على الأقل ثمناً لعلب التبغ الجاهزة.

معظمهم يعمل على لف سجائره بنفسه، حيث يشتري التبغ من الأسواق التركية، والذي تتراوح أسعاره بين الـ 15 و100 ليرة تركية حسب المدينة ونوع التبغ.

"أبو الريم"، يشتري تبغه من السوق في عنتاب بسعر 80 ليرة تركية، يضيف إليها مادة تضفي عليه طعمة منكهة مميزة، تجعله أفضل من التبغ المعلب الجاهز، حسب قوله.

يشار إلى أن أغلب السوريين كانوا يحضرون ما يحتاجونه من سوريا، وبأسعار زهيدة مقارنة مع السوق التركية، ولكن إغلاق الحدود والتضييق الكبير على الحدود حرمهم من ذلك.


ضرر أقل

يعتبر الكثير من المدخنين أن ضرر الدخان العربي أقل من الدخان الجاهز والمنتج من قبل الشركات، لكونه نقياً ولا تضاف إليه أية مواد كيمائية.

 وحسب رأي الدكتور "معاذ الأحمد"، وهو مدخن تحول إلى التبغ الملفوف: "إن التبغ الذي نتولى لفه بأنفسنا أقل ضرراً، فتركيبته معروفة، ولكنه بالنهاية يبقى تبغاً، ويحوي النيكوتين والمواد المسرطنة ولكن بكميات أقل".

 ويتمنى على نفسه وعلى غيره الإقلاع عن التدخين نهائياً، فهي أسوأ عادة يمكن أن يتعلمها الإنسان حيث تستهلك المال والصحة والوقت.

ترك تعليق

التعليق