رويترز: الجوع والقنوط، حصار حلب يختبر قدرة السكان على الاحتمال


مع مواصلة قوات الأسد والميليشيات الداعمة له هجومها الشرس على شرق حلب يزيد الحصار الذي تفرضه حول المنطقة من مصاعب الحياة على المدنيين الذين اضطروا لنبش القمامة بحثا عن طعام ويجمعون الحطب من الأبنية التي تعرضت للقصف.

ومع قدوم الشتاء يختبر نقص الطعام والدواء والوقود في ظل القصف الجوي والمدفعي المكثف حدود الاحتمال لدى السكان الذين تقدر الأمم المتحدة أعدادهم بما يصل إلى 270 ألفا.

وقال مصطفى حميمي الذي فقد اثنين من أطفاله وأربعة آخرين من أقاربه عندما انهار مبنى سكني مؤلف من ستة طوابق في وقت سابق هذا الأسبوع "العالم تعبت .. في ناس في مدينة حلب يأكلون من الزبالة."

* رضيع يتغذى على أرز مسلوق

يصل سعر أربع أرغفة من الخبز إلى نحو ثلاثة دولارات وهو أعلى من خمسة أضعاف ثمنه قبل بدء الحصار في يوليو تموز. ويقدم مجلس المدينة كميات محدودة بأسعار مدعمة. ويصل سعر كيلو اللحوم إلى 50 دولارا والسكر 18 دولارا وكلاهما أعلى كثيرا مما كانا عليه قبل الحصار.

ويبلغ سعر الأرز -المتاح بشكل أيسر والذي لم يرتفع سعره كثيرا- ثلاثة دولارات للكيلو.

وقال عبد الله الحنبلي الذي كان يعمل مهندسا قبل الحرب "زوجتي تعمل رز مسلوق لإطعام طفلنا الرضيع. يا دوب نحصل على علبة حليب كل شهر. كان استهلاكنا الشهري خمس أو ست علب."

وأبلغ رويترز عبر الانترنت من شرق حلب "الناس مش متعودة بس تأكل خبز. كانت تأكل تفاح وخيار وليمون وزبدة ولحمة. الجو بارد.. بدك غذاء."

ويقول سكان إن الأسواق التي كانت رائجة بالمتسوقين من قبل باتت الآن خالية وإن المعروضات القليلة تشمل البقوليات والفجل والبقدونس وغيرها من المحاصيل التي تزرع في المنطقة المحاصرة.

وتقول الأمم المتحدة إن آخر حصص غذائية وزعتها في حلب كانت في 13 نوفمبر تشرين الثاني. وقال يان إيجلاند مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يوم الخميس إن جماعات المعارضة وافقت على خطة لتسليم مساعدات إنسانية ومعدات طبية لكن المنظمة تنتظر موافقة من روسيا ودمشق.

وأضاف قائلا ردا على سؤال عما إذا كانت توجد أي خطة بديلة "من نواح كثيرة فإن الخطة البديلة هي أن يموت الناس جوعا". وقال إنه لا يمكن السماح بحدوث ذلك.

وتحاصر حكومة النظام مناطق عديدة يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في سوريا على مدار الحرب التي أودت بحياة مئات الآلاف وقسمت البلاد إلى مناطق تسيطر عليها فصائل متعددة.

ورضخت بعض المناطق المحاصرة قرب دمشق لضغوط النظام في الأشهر القليلة الماضية وترك المعارضون المنطقة واتجهوا إلى محافظة إدلب بشمال شرق البلاد بموجب اتفاقات جرى التفاوض عليها.

وبدأ مظاهر اليأس في شرق حلب في الظهور على السطح.

ونشب شجار قبل أيام خارج مخزن يتبع منظمة خيرية أجنبية مما دفع إلى تعليق توزيع الأغذية مع نفاد المخزون. وقال موظفان بمنظمة خيرية إن اصطفاف الناس طلبا للطعام دفع المنظمة إلى توزيع كل ما لديها.

* لا عمل ولا دخل

قال محمد عارف شريفة عضو مجلس المدينة الذي تديره المعارضة إن المنظمات الخيرية والأهلية ليس لديها أغذية لتوزعها على المحتاجين و"الجوع بدأ يظهر في بعض الأسر."

وأضاف انه يوجد شعور بعدم الرضا بين بعض المدنيين خصوصا في المناطق الأشد فقرا لأنهم لا يجدون عملا أو دخلا والأسعار مرتفعة.

ويبدو أن النظام يأمل بأن يتحول اليأس إلى اضطرابات. ودعا جيش النظام السكان إلى الانتفاضة ضد مقاتلي المعارضة الذين اتهمهم بإكتناز أغذية واستخدام المدنيين دورعا بشرية.

لكن في ظل تعاطف الكثير من سكان شرق حلب مع المعارضة وإنعدام ثقتهم في الأسد لا يوجد مؤشر إلى أي اضطرابات كبيرة تستهدف مقاتلي المعارضة. والكثير من الأسر لها أقارب يقاتلون في صفوف المعارضة.

وقال قائد الجبهة الشامية -إحدى أكبر جماعات المعارضة في شرق حلب- لرويترز هذا الأسبوع إن جماعته تخطط لإقامة مطابخ في الأحياء الفقيرة لتزويد السكان بوجبة واحدة على الأقل في يوم.

وأضاف أبو عبد الرحمن نور قائلا إن جماعته تتجه أيضا إلى فتح مشروعات لإنتاج غاز الميثان.

ترك تعليق

التعليق