مخيمات الداخل السوري.. أثرياء قلّة، وطبقة متوسطة، وفقراء كُثر


يعتمد أهالي المخيمات في الداخل السوري في الحصول على موارد رزقهم على مشاريع صغيرة، افتتحها البعض منهم في تلك المخيمات، أو من خلال العمل في المنظمات الدولية والمحلية، فيما يعيش آخرون على جمع المخلفات من "علب بلاستيك" وغيرها، في الوقت الذي ينتظر آخرون ما تقدمه المنظمات من سلل إغاثية، وإعانات مالية للأيتام، وأبناء الشهداء، فيما يعتبر الوضع المعيشي لمصابي الحرب الأقسى بين أهالي المخيمات.

ويصنّف الخبير الاقتصادي "محمد أبو محمود" خلال حديثه لـ"اقتصاد" الأوضاع الاقتصادية للأهالي في المخيمات، ومن بينهم طبقة "الأغنياء" والتي تعمل في تجارة السيارات والمواشي، والمواد الغذائية، كذلك يقوم آخرون من تلك الطبقة بالاعتماد على تهريب الآثار لزيادة ثروتهم، في تلك المخيمات.

ويضيف الخبير الذي فضّل عدم نشر اسمه الحقيقي كونه يعمل في منظمة دولية في الداخل السوري، أنّ الطبقة الوسطى تفتتح المشاريع الصغيرة، من "بقاليات، محال للقصابة، حلاقة، وما إلى هنالك من مهن أخرى"، بالإضافة للعمل في وسائل النقل، وتأمين تنقل النازحين ما بين المخيمات الحدودية، ومدنهم وقراهم التي نزحوا عنها.

ويُشير إلى أنّ الطبقة الفقيرة، تعتبر الأكثر تواجداً في مخيمات اللجوء، حيث تفتقد للمعيل، وتعتمد على المساعدات التي تقدمها لها المنظمات المحلية والدولية العاملة في تلك المخيمات، كما أن مصابي الحرب يعتبرون الشريحة الأكثر فقراً في المخيمات، كونهم يفتقدون للقدرة على العمل، بالإضافة لغياب أي منظمات تهتم بشؤونهم، وتأمين احتياجاتهم.

بدوره، يقول "خالد الظفيري" مدير مخيم "تكافل" لـ"اقتصاد": "إنّ أغلب النازحين يعتمدون بنسبة 75% على دعم أقاربهم أو أبنائهم الذين يعملون إما في تركيا، أو في الخارج، فيما يعتمد 20% على الإغاثة مع التقنين، و5% يعتمدون على مشاريع صغيرة حسب رأس المال المتوفر لديهم".

وفيما يتعلّق بالمشاريع الصغيرة المفتتحة في المخيم، يشير "الظفيري" إلى أنّ أبرز المشاريع الصغيرة، هي "عبارة عن دكان صغير، أو بيع ألبسة، أو بسطات تكون داخل الخيم، بواقع ربح يتراوح ما بين 400 إلى 800 ليرة سورية للمحل الواحد".

كما يُشير إلى نشوء ظاهرة الثراء لدى فئة قليلة من أهالي المخيمات في الداخل السوري، لا تتجاوز نسبتها 1%؛ يعملون في تجارة السيارات، والمواد الغذائية، ومستلزمات الإغاثة.

كذلك ينوّه "الظفيري" إلى ظهور "الثراء" على عدد من الأشخاص مستغلين حاجة النازح الجديد، من تجارة للخيام، وكذلك الإغاثة، بالإضافة لما يتعلق بمستلزمات الحياة اليومية، وهم ما يوصف بتجار "النازح الجديد".

من جهته، يشير السيد "محمد أبو محمود" من سكان مخيم "أورينت" إلى أنّ معظم أهالي المخيمات يقصدون سوق المستعمل في المخيمات، المنتشرة في معظم مخيمات النزوح، لشراء احتياجاتهم.

وتعتمد عدد كبير من أسر المخيم على ما يجمعه أطفالها من "علب بلاستيكية" أو من "الخبز اليابس" لتبيعها لأشخاص مهتمة بتلك الأشياء.

حيث تقول "أم محمد" لـ"اقتصاد" إنّ طفليها اللذين يعملان في جمع المخلفات البلاستيكية، يحصلون في آخر نهارهم على مبلغ يتراوح بين 500 و1000 ليرة سورية، يساعد في تأمين الاحتياجات الأساسية للأسرة.

ويعمل عدد لا بأس به من شباب المخيم مع المنظمات الدولية والمحلية التي توّفر دخلاً جيداً لهم، حيث يتراوح المعدل الوسطي لرواتب أولئك الشبان ما بين 200 دولار وحتّى 800 دولار أمريكي، وهي الشريحة الأكثر حظاً من أهالي مخيمات الداخل- بحسب رأي عبد الرزاق عبد الرزاق المشرف على فريق غراس الأمل التطوعي العامل في مخيمات الداخل السوري.

ويُشير "عبد الرزاق عبد الرزاق" إلى أنّ نسبة أولئك من العدد الكلي لأهالي المخيمات لا تتجاوز 2%، وهم غالباً ما يعيلون أسراً مؤلفة من عدد كبير من الأفراد.

إلى ذلك يعيش عدد من مصابي الحروب ظروفاً إنسانية صعبة، بسبب عدم وجود معيل والاكتفاء بما يُخصص لهم من رواتب سواء من قبل الفصائل التي كانوا يتبعون إليها، أو عبر منظمات مختصة في هذا المجال.

ويقول الناشط في مجال الإعاقات الحركية "حسن يوسف" لـ"اقتصاد" إنّ هناك أكثر من ألف شخص من مصابي الحرب، يعيشون في المخيمات، ويعتمدون في دخلهم على السلل الإغاثية، والمرتبات المخصصة للمقاتلين منهم من قبل الفصائل التي كانوا يُقاتلون إلى جانبها.

وبالرغم من قدرة بعض أهالي المخيمات في الداخل السوري على تأمين مستلزمات حياتهم، إلا أنّ عدداً كبيراً من الأسر المتعففة في تلك المخيمات تعيش أوضاعاً إنسانية صعبة؛ بسبب عدم وجود معيل لها، وعدم كفاية ما يُقدّم لها من مساعدات إنسانية.

ترك تعليق

التعليق