طريقة مبتكرة للتسوّل في شوارع اللاذقية
- بواسطة طارق حاج بكري – خاص - اقتصاد --
- 14 تشرين الثاني 2016 --
- 0 تعليقات
تجلس سمر ذات الـ 11 ربيعاً كل يوم في شارع، تضع كتاب اللغة الإنكليزية على صندوق صغير، يجلس إلى جانبها رجل يحاول تدريسها، أسلوب مبتكر للتسول، أصبح مألوفاً في شوارع مدينة اللاذقية.
تدريس تسوّلي
انتشرت الظاهرة لتجد صناديقاً وأطفالاً، رجال أو نساء يتظاهرون بتدريس أبنائهم، ومن مظاهرها، أطفال منفردون على الأرصفة، كتابهم بيمينهم وعلى يسارهم علبة محارم صغيرة أو علبة حلويات أو شوكولا، أي شيء قابل لإكسابهم صفة الطالب الذي يعمل ليؤمن دراسته أو مصروف عائلته، إنه وضع يدعو للشفقة والاحترام معاً لمن لا يدرك حقيقة الأمر.
يتواجد ثلاثة من الأخوة في أماكن متباعدة من سوق الصفن وسط المدينة، يتظاهرون بالكتابة، أعينهم تراقب الناس، يستطيعون تمييز من يمكنهم أن يطلبوا منه ثمن قلم أو ممحاة أو دفتر من مستلزمات الدراسة.
عرف التاجر "أبو محمد" صاحب محل السكاكر هذا الأسلوب الجديد للتسول، حيث كان يجلس أحد الأخوة مع كتابه متظاهراً بالدراسة، وعندما حاول منعه من الجلوس لأنه يعيق عمله ودخول الزبائن تعرض للضرب على يد شباب يجهلون حقيقة الأمر، فاشترى منه المكان بـ 400 ليرة سورية يدفعها له كل صباح، واستخدمه لإرشاد الناس إلى مخزنه.
تنظيم احتجاجات
يتهم الأهالي في مدينة اللاذقية مسؤولي المحافظة بالإهمال، وعدم تمكنهم من إيجاد فرص عمل للكبار، مع تزايد احتياجات العائلات وانهيار الاقتصاد، وارتفاع كبير في الأسعار مقارنة مع الدخل.
رأت "سوسن الديري" بتعليق لها على صفحة "يوميات قذيفة هاون" في "فيسبوك"، إن هذه الطريقة تساعد الطالب الفقير على تأمين قوت عائلته ومتابعة دراسته في ضوء الشمس، في ظل عدم إمكانية الدراسة في المنازل المظلمة مع انقطاع الكهرباء.
وطالب الناشط في المنظمة العربية لحقوق الإنسان، "نزار علي"، بتغريدة على "تويتر"، بإيجاد حل لهؤلاء الأطفال: "لنعتبر الأمر تسولاً، لو لم يكونوا بحاجة الفرنك ما سلكوا هذا السبيل، بالتأكيد هم محتاجون، نحن نستطيع أن نساعدهم، نستطيع أن نجمع من ألف شخص١٠٠ ليرة، قادرون على مساعدتهم نحتاج إلى إرادة حقيقية وعمل فقط".
وتمنت الفنانة بمسرح الأطفال "هبة موسى"، في حديث لمراسل شبكة إعلام اللاذقية، محمد الساحلي، نسيان أمر الدولة لأنها تهتم برفع الضرائب، وهي غير مهتمة بما يحصل للمواطن السوري، وأضافت: "على الأغنياء أن يقدموا كفالات للأيتام الذين ليس لديهم معيلاً"، واقترحت تنظيم احتجاجات واسعة أمام المحافظة لإيجاد حل لظاهرة التشرد والتسول.
الحرب هي السبب
وفي حديث للساحلي، عزى الباحث الاجتماعي "محمد الأسعد" انتشار هذه الظاهرة إلى استمرار الحرب، وانتشار حالات اليتم وتفكك الأسر والتسرب من التعليم مع النزوح من بقية المحافظات إلى اللاذقية.
وطلب من المحافظة السعي لإيجاد حل لهذه الظاهرة، عبر جمع هؤلاء الأطفال بمدرسة داخلية، تحت اشراف اختصاصيين تربويين ونفسيين، ومنع استغلالهم باعتبارهم ضحية ظروف استثنائية صعبة.
اقتراح مشابه قدمه المهندس حسن نعيم إلى المجلس المحلي لمحافظة اللاذقية يقضي بإجراء دراسة عامة عن هؤلاء الأطفال وأسرهم، لإيضاح الحقيقة، وتقديم المساعدة للأيتام، ومعاقبة الرجال في الأسر التي تسمح لأطفالها بالتسول، وفقاً لقانون العقوبات السوري الذي يعاقب الأولياء على إهمال الأطفال وتشردهم.
وشبّه البعض هذه الظاهرة بطفل كان معروفاً باللاذقية ببيع حلوى تسمى التفاحية، وقبل انتهاء النهار من كل يوم كان يتظاهر بأنه قد أوقع الصينية أرضاً، ويبكي مستعطفاً الناس باعتباره خائفاً من زوج والدته، الذي لا يسمح له بدخول المنزل دون أن يقدم له ثمن حبات التفاح كاملة.
ويرى المختصون بأنه يوجد جيل كامل من الأطفال الأيتام وأبناء الأسر الفقيرة مهددين بضياع مستقبلهم، لعدم تمكنهم من الدراسة بسبب اضطرارهم لترك الدراسة لمساعدة أسرهم بتأمين لقمة العيش.
التعليق