بغرض التدفئة في الشتاء.. سكان ريف حمص الشمالي يرتدون إلى "الجلة"
- بواسطة عبد الكريم أيوب - خاص - اقتصاد --
- 06 تشرين الثاني 2016 --
- 0 تعليقات
معاناة إنسانية تحمل المشهد المأساوي ذاته في ريف حمص الشمالي، ففي كل عام يتجدد اللقاء مع أقصى فصول السنة وطأةً، فيحل ثقيلاً بأجوائه الباردة لا يملك السكان أمامه أي أسلحة تحميهم من شبح البرد والصقيع الذي سكن الأجساد، وما زال يطاردهم من عام إلى آخر.
غلاء في الأسعار مع دخول فصل الشتاء
شهدت أسعار المازوت والحطب ارتفاعاً ملحوظاً في أسواق ريف حمص الشمالي، فقد سجل ليتر المازوت الواحد أكثر من 350 ليرة، وطن الحطب أكثر من 100 ألف ليرة سورية، وطبيعة المنطقة الباردة نسبياً تتطلب طنين من الحطب أو 1000 ليتر مازوت للعائلة الواحدة خلال فصل الشتاء، هذا كله في ظل واقع اقتصادي مزرٍ للغاية، فالسواد الأعظم من سكان ريف حمص الشمالي يعيشون بلا دخل.
"أبو ثائر"، من سكان بلدة الغنطو، قال لـ "اقتصاد": "أنا موظف حكومي دخلي لا يتجاوز الـ 35 ألف ليرة، كيف سأشتري المازوت أو الحطب وراتبي لا يكفي ثمناً للطعام، فما أدراك بحال من هو بلا راتب على الإطلاق".
مشاريع وحملات
سارعت الجمعيات والمنظمات العاملة في سوريا إلى إطلاق حملات التدفئة لشتاء 2016، حملات لا يرى منها الناس سوى الشعارات والصور.
"باسم أبو احمد"، ناشط إغاثي في جمعية عطاء للإغاثة والتنمية في مكتب الرستن، قال لـ "اقتصاد": "طلب منا المكتب الأم دراسة عن حاجات مدينة الرستن لشتاء 2016 فأعددنا دراسة مفصلة وقدمناها، لكن نحن كجمعية لا نستطيع تقديم المساعدة لجميع السكان، إلا أننا نعمل ما في وسعنا لتقديم أكبر كم ممكن من المساعدة".
مكتب الإغاثة في المدينة سارع بدوره إلى إنشاء غرفة عمليات لمشاريع وحملات شتاء 2016 ليتم تنسيق العمل بين الجمعيات والمنظمات العاملة بحيث يستفيد أكبر عدد ممكن من السكان من هذه المشاريع.
يأس وتأقلم
وعلى الرغم من كثرة أعداد الجمعيات والمنظمات العاملة بالشأن الإغاثي، فبعض سكان الريف الشمالي قطعوا الأمل من أي فائدة تذكر منهم، "يامن أبو شعبان" من سكان قرية الغجر قال لـ "اقتصاد": "قدمت لي جمعية 20 ليتر من المازوت ضمن حملتها لكن الـ 20 ليتر لا تكفي حاجة يومين من أيام العاصفة الثلجية وشخصياً لا أنتظر شيئاً منهم هذا العام".
لكن طبيعة الإنسان الريفي تجعله يتأقلم مع أقسى الظروف المعيشية، فبعد غلاء أسعار المازوت والحطب، اضطر السكان للعودة أكثر من 40 عاماً إلى الوراء والاعتماد على ما يسمى محلياً بـ " الجلة".
انقرضت الجلة منذ أكثر من 40 عاماً لتعود وتظهر من جديد بسبب ما وصل إليه سكان الريف الشمالي من وضع مادي غاية في الصعوبة.
تقول "أم إبراهيم"، إحدى ربات المنزل في مزارع قرية الزعفرانة لـ "اقتصاد": "بسبب الفقر وعدم القدرة على شراء المازوت أو الحطب قمت بصناعة الجلة، هي بسيطة جداً وتفي بالغرض نوعاً ما, فهي غير مكلفة وتتكون من بقايا الحيوانات المنزلية، كالأبقار والأغنام مع التبن، تعجن ثم توضع في الشمس حتى تجف ومن ثم يتم إشعالها بالصوبيا أو بالموقدة".
"أبو قاسم" في قرية المكرمية، سارع إلى إنشاء معمل خاص لصناعة الجلة، فما على المواطن إلا أن يجلب بقايا الحيوانات والتبن ويعود بعد أيام ليأخذ كمية الجلة الخاصة به مقابل أجر بسيط.
"أبو قاسم"، صاحب المعمل، قال لـ "اقتصاد": "بسبب الظروف السيئة عادت الناس لتستخدم الجلة فقررت إنشاء معمل خاص لصنعها مقابل أجر بسيط، ليرة واحدة لقرفوش الجلة، وأقوم أيضاً ببيع الجلة من معملي. وأشتري التبن وروث الحيوانات وأبيع قرفوش الجلة بـ 5 ليرات، وهناك إقبال واسع".
التعليق