تحت الحصار والقصف.. قصة مطعم ناجح في ريف حمص الشمالي


على الرغم من الواقع الدموي الذي يعيشه ريف حمص الشمالي، وبالرغم من كل الضغوطات التي يتعرض لها السكان من قصف وتجويع، ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتهالك، يقدم مطعم حمص القديمة خدمات ما قبل الثورة.

المطعم الذي يفتح أبوابه 24 ساعة، يقدم وجبات سريعة، ومأكولات شرقية وغربية، وزبائنه من الشباب والعائلات على حد سواء.

بداية وصعوبات

أقيم المطعم على أنقاض مقهى ليلي، في أطراف مدينة الرستن، بريف حمص الشمالي.

ويعتبر هكذا مشروع، مخاطرة كبيرة برأس مال تجاوز الـ 7 مليون ليرة في ظروف لا مجال فيها للاستثمارات المُكلفة، فهو معرض للقصف والتدمير الكامل من قبل الطيران، ناهيك عن الوضع الاقتصادي السيء للسكان مما يهدد المشروع بالفشل.

أبو نديم الحمصي، قال في حديث خاص لـ "اقتصاد": "كنت أمتلك سلسلة مؤلفة من 5 مطاعم في حمص قبل الثورة، ودُمرت كلها، ورغم كل الظروف لا أرى في مطعمي الجديد إلا المشروع الناجح بامتياز".

وعن الصعوبات التي واجهها الحمصي قال: "أن تضع 7 مليون ليرة تحت مرمى الطيران، أمر صعب، فقد استهدف المطعم أكثر من مرة وكدت أخسر كل شيء، هذا غير المراهنة الكبيرة على الوضع الاقتصادي السيء للناس، أما عن تأمين المواد الأولية والمعدات اللازمة لإنتاج الوجبات، فالأمر في غاية الصعوبة في ظل الحصار المفروض".


أسعار منافسة

يقدم المطعم أسعار منافسة مقارنة بمطاعم الريف الشمالي لحمص، ومطاعم المناطق التي يسيطر النظام عليها، فـ أبو نديم، ذو خبرة كبيرة على مستوى الريف الشمالي في إدارة المطاعم، كونه كان يمتلك سلسلة مطاعم.

 يقول أبو نديم لـ "اقتصاد": "رغم ارتفاع أسعار المواد الأولية المستخدمة في إعداد الوجبات إلا أن أسعارنا منافسة للمطاعم في مناطق النظام، يعود ذلك إلى عدم وجود ضرائب وغياب دوريات التموين المرتشية وغياب تسعيرة تفرضها أي جهة، وعدم تواجد عناصر الجيش والأمن الذين يأكلون ولا يدفعون".

فالفروج المشوي أرخص بـ 500 ليرة دائماً عن مطاعم النظام، سياسة يحافظ عليها أبو نديم في إدارة مطعمه لجلب زبائنه.

إقبال وزبائن

وقد رصد "اقتصاد" إقبالاً غير متوقع على مطعم حمص القديمة، إذا ما أخذنا في الاعتبار الوضع الاقتصادي لسكان ريف حمص الشمالي.

ورغم أنه لم يمض وقت طويل على افتتاح المطعم (نيسان الفائت)، إلا أنه حصد إقبالاً ملحوظاً.

 أحمد البريجاوي، أحد الزبائن، قال لـ "اقتصاد": "أقصد مطعم حمص القديمة كل فترة لأُخرج عائلتي من أجواء الحرب التي نعيشها وننسى بعض الوقت ما نحن فيه من وضع كارثي".

أما عن الزبائن التي تتردد على المطعم بشكل دوري، قال أبو نديم لـ "اقتصاد": "معظم رواد المطعم من قادات الفصائل والموظفين في الدوائر الثورية، فيتميز هؤلاء بدخل ممتاز، ناهيك عن بعض ميسوري الحال يترددون بشكل متقطع".

وفي موسم رمضان الفائت، حوّل أبو نديم مطعمه إلى أكبر مطبخ على مستوى الريف الشمالي، فقد وقّع عقوداً مع الجمعيات الخيرية، لإنتاج الوجبات بجودة ممتازة وأسعار منافسة، ووصلت الطاقة الإنتاجية للمطعم إلى أكثر من 12 ألف وجبة يومياً.

يشار إلى أن مطعم حمص القديمة أمّن أكثر من 26 وظيفة دائمة للطباخين والعمال.
   

ترك تعليق

التعليق