نازحو ريف اللاذقية: "هل هناك برنامج لتحويلنا إلى مستهلكين"؟


أصبح أهالي ريف اللاذقية ينتظرون سلة الإغاثة، للاستمرار بالحياة، وتحولوا من منتجين إلى مستهلكين، فالمنظمات الإنسانية تمتنع عن تمويل أي مشروع إنتاجي، ويقتصر الدخل المادي للمدنيين على الأعمال الخدمية التي يقوم بها بعضهم.

نزح معظم سكان ريف اللاذقية عن قراهم، بعد هجمة نظام الأسد الأخيرة على ريف اللاذقية المحرر، حيث تمكن من احتلال أغلب قرى جبلي الأكراد والتركمان.

انتظار السلة الغذائية

كان المدنيون يعتمدون على إنتاجهم الزراعي من فاكهة التفاح، والخوخ، والإجاص، والكرز، والمانغا، والخضار بأنواعها، بالإضافة إلى الإنتاج الحيواني، من لحوم وألبان، الأمر الذي كان يساعدهم على الاكتفاء الذاتي، رغم صعوبة العمل تحت القصف العنيف.
 
انتقل الأهالي للعيش في مخيمات قريبة من الحدود التركية، بعيداً عن نيران أسلحة الأسد، وطائراته، ليصبحوا في وضع معاشي يعتمد على رحمة المنظمات الإنسانية في كل ما يتعلق بحاجاتهم الاستهلاكية.

 وقد رسم أبو خالد الشيخ، صورة الحياة في المخيمات في حديث لـ "اقتصاد": "أعيش مع أسرتي المكونة من ستة أفراد في خيمة واحدة، تركت منزلي المكون من ثلاث غرف وصالون، نفتقد إلى الكثير من الاحتياجات، قدمت لنا المنظمات الإغاثية أغطية وفرشاً وأدوات بسيطة، نعاني من نقص المياه، وعدم وجود حمامات منفصلة، وننتظر سلة الإغاثة من أجل الطعام".
 
وأضاف الشيخ: "هكذا تغير حالنا فبعد أن كنا نزرع كل شيء، ونبيع من منتجاتنا ونؤمن ما نحتاج إليه، الآن تحولنا إلى مستهلكين فقط، تحت رحمة المساعدات".

تحول المواطنون إلى مستهلكين بشكل كامل، وهذا ما جعلهم غاضبين من تقصير المنظمات الداعمة ومؤسسات المعارضة بإقامة مشاريع إنتاجية يعملون بها وتحفظ كرامتهم.

أين المشاريع الإنتاجية؟

يطالب النازحون في المخيمات باستبدال سلال الإغاثة بمشاريع إنتاجية صغيرة، تؤمن لهم العمل المنتج، وتدر دخلاً مادياً بالاعتماد على الذات، يشعرهم بالأمان، وعدم القلق من توقف المعونات العينية، أو تأخرها، الأمر الذي يعرض حياتهم واستقرارهم للخطر.
 
طرح الأستاذ "محمد الحفاوي"، وهو خريج تجارة واقتصاد من ريف اللاذقية، أفكاراً لمشاريع اقتصادية منتجة على عدد من المنظمات الإنسانية، تهدف إلى تخفيف العبء عن المنظمات، وتؤمن دخلاً ثابتاً للناس، كمشروع صغير لإنتاج الفطر، ومشاريع لإقامة حظائر للأبقار، وتسمين العجول، وإقامة بيوت بلاستيكية لزراعة الخضروات، بل وحتى انتاج الموز، ولكن ذلك لم يلق قبولاً من أي جهة.

وأشار الحفاوي إلى أن هذه المشاريع قليلة التكلفة، ولا تحتاج إلى خبرة كبيرة، وهي ذات مردود عال، وتؤمن دخلاً جيداً مع تشغيل عدد لا بأس به من العمال.

وأضاف في حديثه لـ "اقتصاد": "مثل هذه الأعمال تعيد دورة الحياة الاقتصادية إلى المنطقة، وتحرك الأسواق، وتفتح آفاق جديدة للعمل، وتحدث تغيراً بنمط الحياة، كما أنها أقل تكلفة على الجهات المانحة من المساعدات العينية المستمرة، والتي لا يمكن أن تؤمن للنازحين كل متطلباتهم مهما كان حجمها، كما أنها لا تحتاج إلى تدريب، أو معدات خاصة، حيث أن غالبية النازحين في المنطقة تتقن العمل بها، وخصوصاً أنهم كان يعملون بالزراعة، والإنتاج الحيواني".

بعض النازحين ممن يتقنون الحرف اليدوية، تمكنوا من العمل ضمن ورشات صغيرة، بمفردهم أو بالتعاون فيما بينهم، كمهنة تصليح الدراجات النارية، والمولدات الكهربائية، وتصليح الإلكترونيات، مثل أبو عبدو الذي يمارس مهنته بتصليح محركات البنزين الصغيرة، ضمن خيمة بلاستيكية بالقرب من المخيم، ليؤمن لقمة عيشه، وشادي الذي اصطحب معه عبواته البلاستيكية، واستمر ببيع المواد النفطية.

يظن النازحون أن هناك برنامجاً لتحويلهم إلى مجرد متلقين منفعلين، بدلاً من أن يكونوا فاعلين قادرين على المواجهة.

ترك تعليق

التعليق