شوارع تلكلخ ومنازلها.. تغيب عنها وجوه سكانها الأصليين
- بواسطة أحمد الخليل - خاص - اقتصاد --
- 28 ايلول 2016 --
- 0 تعليقات
شهدت تلكلخ خلال السنة الأخيرة، لجوء أعداد كبيرة من النازحين من حلب وريف إدلب وريف حمص، غالبيتهم من الشيعة ومن بعض أهالي العسكريين السُنة التابعين للنظام، ليصبح الآن، غالبية من يسكن مدينة تلكلخ من المؤيدين جداً للنظام، ومن أنصاره الشيعة، وتحولت تلكلخ لمدينة عصابات ومافيات ومجموعات تدافع عن النظام.
فأينما تتجول اليوم في مدينة تلكلخ تجد تجمعات لهؤلاء، يلبسون المموه مطلقين اللحى، ويجولون في البلد كما يحلو لهم ويتعاملون مع السكان بتسلط ويتحرشون بالفتيات وسط اعتداءات غير مسبوقة.
وتنتشر السيارات "المفيمة" التي تجول الشوارع، وينتابك الرعب حين مرورها بجوارك، كما تجد عمليات السلب علناً حيث أن الشبيحة يتصيدون السيارة التي تحلو لهم ويتهجمون على صاحبها ضرباً ويسلبونه سيارته دون حساب، ولا جدوى من تقديم الشكوى إلى القوى الأمنية فلا قدرة لها على لجم عناصر الشبيحة.
كما تعمل هذه المجموعات ولا سيما مجموعة "كرير"، على وضع يدها على المنازل التي تحلو لها وتهجير من يسكنها، ليحل بها أحد عناصرها أو أحد المخبرين التابعين للمجموعة.
مدينة تلكلخ اليوم
وهكذا تعيش مدينة تلكلخ اليوم وسط سيطرة وتسلط للمجموعات المسلحة على الأهالي، وسلب ونهب وقتل من دون رقيب أو حسيب، وفوضى عارمة وفساد يسود كافة الدوائر الحكومية، إضافة إلى استمرار عمليات الاعتقال والتي تشمل النساء أيضاً
تغيير ديمغرافي وغسيل أدمغة
والأخطر ما تقوم به عناصر الشبيحة بمجموعاتها كافة والمتسلطة على مدينة تلكلخ، عبر عمليات غسيل دماغ للشباب المراهقين وتطويعهم في مجموعات عناصر الدفاع الوطني وإغرائهم بحمل السلاح ولبس المموه وفرض التسلط، وبراتب شهري قدره (60) ألف ليرة سورية، بعد أن كان (35) ألف ليرة سورية.
كيف آلت الأمور إلى هنا؟
تقع مدينة تلكلخ في ريف حمص الغربي وإلى شمالها قرية الزارة بمسافة 5 كلم، وتتميزان بموقع استراتيجي مهم بالنسبة للنظام، فتشكلان قلب الخط "السني" الفاصل الذي يمتد من قرى وبلدات (حالات في الشمال على حدود لبنان مروراً بتلكلخ والزارة والحصرجيه والشواهد والحصن) بين الساحل وحمص، كما وتشكلان الحد الفاصل بين المنطقة الوسطى والساحل، وتشكلان أيضاً محوراً يصل المنطقة الوسطى بقرى "وادي النصارى" السياحية وبقلعة الحصن، إضافة إلى كون تلكلخ منطقة حدودية فهي تقع على الحدود السورية اللبنانية وطريق من سوريا إلى لبنان وبالعكس، في أكثر من معبر.
كما تضم مدينة تلكلخ العديد من المراكز الحكومية والخدمية مما يجعلها عصب المنطقة ومقصداً إجبارياً لكل أهالي القرى المحيطة بها فهي تحوي (السرايا الحكومية ومحكمة شرعية، ونيابة عامة، وقضاة وكاتب عدل ودائرة سجل مدني، ومجلس مدينة وبلدية وبريد ومالية وفرع مواصلات وارشاد زراعي ودائرة أعلاف ورابطة فلاحية وزراعية ومجمع تربوي ونقابة معلمين، ومركز ثقافي واتحاد نسائي ومركز أوقاف وفرع لحزب البعث ودائرة مياه ودائرة كهرباء وصوامع حبوب وقرن مخبز آلي ومشفى وطني وعيادات شاملة وشعبة تجنيد إضافة إلى وجود ثكنة عسكرية كبيرة ومراكز أمنية لجميع الأفرع الأمنية).
تلكلخ إدارياً
يتبع لمدينة تلكلخ إدارياً العديد من القرى من طوائف مختلفة، سنية وعلوية ومسيحية ومرشدية.
وتضم مدينة تلكلخ عدة حارات وهي: حي السوق وسط مدينة تلكلخ الذي يحيط به من الشرق الحي الشرقي المؤدي إلى قرية (العريضة) "السنية"، وقرى (العرموطة ومشتى محلي) "العلوية"، ويحيط بالحي الشرقي عدة أحياء وهي حي الجبل المؤدي إلى قرى (قنوتا وسعود) "العلوية"، وحي الروضة المؤدي إلى الحارات "العلوية".
كما يحيط بحي السوق من جهة الغرب الحي الغربي المؤدي إلى قرية (أبو المشاعيب) "السنية"، ويحيط بحي السوق من الشمال حي الأكراد وحي "الحاوظ" المؤديان إلى قرى (عين الخضرة، عين الحرمية، وتلسارين وشبق والمخطبية وقريات) "العلوية"، وقرية (حالات) "السنية"، وقرية (عذير) "المسيحية"، ويحيط بحي الحاوظ حي البرج المحاذي بشكل كبير للحارات "العلوية".
وإلى الجنوب من حي السوق يقع حي السرايا وحي تل الشمالي، وحي فارس المؤدي إلى قرى (الزارة والحصرجية والشواهد والحصن) "السنية"، وقرية (باروحة) المختلطة "السنية العلوية"، وقرية (الخربة) "العلوية" وقرى (العيون والحواش ووادي النصارى) المسيحية و(قرية قرب علي وبيدر الرفيع) "المرشدية".
كانت تلكلخ من أولى المدن التي شاركت في الحراك الثوري الذي ما لبث أن تحول إلى عمل مسلح الأمر الذي أدى إلى اقتحامها من قبل عناصر الأمن وعناصر الشبيحة مرات عدة والاحتفاظ بها لعدة أشهر ومن ثم خسارتها من جديد، ليعود ويسيطر عليها النظام وشبيحته والقيام بأعمال الاعتداء العنصري الطائفي، حيث ارتكبت فيها عناصر الشبيحة جرائم ذبح وحرق وتمثيل وتم اعتقال أعداد كبيرة من شبابها ورجالها وتهجير غالبية سكانها.
فلم يبقى في مدينة تلكلخ من أهلها سوى نسبة قليلة غالبيتهم من الموظفين حيث كان يفوق عدد سكانها الـ 25 ألف نسمة، واليوم لا يتعدى الرقم بضعة آلاف لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
وبالتالي عادت سيطرة القوى الأمنية وعناصر الشبيحة على مدينة تلكلخ، ونُشرت الحواجز، وطُبقت عليها قبضة أمنية شديدة، ونُهبت منازل المهجرين والهاربين ومحالها التجارية، ونشروا المخبرين فيها.
وبعد اقتحام القرى الثائرة المجاورة لمدينة تلكلخ لجأ إليها بعض من النازحين من قرى "الحصن والزارة والشواهد والحصرجية"، حيث تم تهجير كامل لأبناء وسكان هذه القرى والبلدات، ولم يُسمح بعودة أي شخص إلى قرى الزارة والحصرجية "السنيتين التركمانيتين"، مع السماح لعدد محدود، بضع عشرات، من العائلات بالعودة إلى الحصن والشواهد مع أحوال معيشية وأمنية صعبة للغاية.
وكان أن استمرت عملية ممنهجة لإعادة تهجير من تبقى منهم في تلكلخ وإرغامهم على الهرب خارج مدينة تلكلخ وبالتالي خارج حدود الدولة السورية من خلال عمليات الاعتقال والخطف والتضييق المعيشي التي اتخذتها القوى الأمنية والشبيحة الطائفين من المحيط العلوي، حتى تم إخلاء مدينة تلكلخ مجدداً من غالبية النازحين إليها.
تغيير سكاني ممنهج
إنها تلكلخ اليوم بحلة جديدة، بات سكانها من أهالي العسكريين والشيعة، وليس بإمكان صاحب المنزل إخراج أسرة العسكري أو رجل الأمن أو الشيعي من منزله، حيث صدر قرار بحقه في البقاء بالمنزل.
فاليوم تغيب عن شوارع تلكلخ ومنازلها، وجوه سكانها الأصليين.
التعليق