زراعة الرمان في درعا تنافس الكرمة والزيتون.. لماذا؟


شهدت زراعة الرمان في محافظة درعا خلال السنوات القليلة التي سبقت  الثورة السورية، إقبالاً ملحوظاً من جانب المزارعين، وذلك بسبب انخفاض تكاليفها، وارتفاع مردودها الاقتصادي، الذي أصبح الأفضل بعد المردود الاقتصادي لأشجار الزيتون والكرمة.

 لكن هذه الزراعة عادت وتراجعت خلال سنوات الثورة، وذلك بالتزامن مع الظروف المناخية السيئة التي شهدتها المنطقة، والتي ترافقت مع قلة الأمطار الهاطلة في مناطق المحافظة، وانخفاض منسوب بعض المصادر المائية، التي كانت تُعتمد في بعض المناطق، لري الأشجار المثمرة ومنها الرمان.

ويقول المهندس الزراعي، "صلاح"، إن زراعة الرمان قليلة التكاليف، ولا تحتاج إلى الكثير من الاهتمام والعناية والأيدي العاملة مقارنة مع الأشجار المثمرة الأخرى كالكرمة، لافتاً إلى أن توفر المياه لري الأشجار هو الأكثر أهمية لهذه الزراعة، لأن نجاحها كمحصول اقتصادي يتوقف على توفر مياه الري الكافية.
 
وأضاف أن "زراعة الرمان في محافظة درعا تنتشر في القرى الواقعة على ضفاف الأودية والأنهار، حيث  تتوفر مصادر المياه، لاسيما في تل شهاب وزيزون والعجمي وطفس والمزيريب وجلين وحيط وكويا وبيت ارة  وفي قرى حوض اليرموك الأخرى، في الحواكير والحدائق المنزلية"، مشيراً إلى أن الاهتمام بهذه الزراعة كمحصول اقتصادي انحسر خلال الأزمة التي تعيشها البلد، كما انحسرت غيرها من الزراعات في المحافظة، بسبب الأعمال العسكرية ونزوح الأهالي من مناطق سكنهم وعن حقولهم الزراعية، ولجوء قسم كبير منهم إلى دول الجوار بحثاً عن الأمان، يضاف إلى ذلك، غياب أسواق التصريف والتصدير بسبب إغلاق المعابر مع الأردن، وصعوبة الوصول إلى الأسواق المحلية الآمنة، في المحافظات الهادئة نسبياً.

وأشار المهندس الرزاعي إلى أن "زراعة الرمان في الفترة الأخيرة دخلت في منافسة مع زراعة الزيتون والكرمة، حتى باتت في بعض المناطق تتفوق على زراعة الكرمة"، مبيناً أن الإقبال على زراعة الرمان دفع  ببعض المزارعين إلى إزالة أشجار الكرمة، وزراعة أشجار الرمان بدلاً منها، وذلك بسبب التكاليف العالية التي تحتاجها زراعة الكرمة، والأمراض التي تصيبها، إضافة إلى زيادة الطلب على ثمار الرمان نظراً لأهميتها الغذائية.

من جهته أشار المزارع، شهاب الأحمد، إلى أن "زراعة الرمان من الزراعات السهلة بالمقارنة مع زراعة  الزيتون والكرمة، وأنها لا تتعرض مثل الكرمة لكثير من الإصابة  بالأمراض، كما أنها تصمد وتتحمل الظروف المناخية المختلفة، يضاف إلى ذلك أن المزارع لا يتكبد خسائر، إن لم يجد أسواقاً لتصريف إنتاجه، لأنها شديدة التحمل والقابلية للتخزين الطويل على عكس غيرها من الثمار"، لافتاً إلى أنه قام قبل الثورة بزراعة نحو خمسة دونمات بنحو 300 شجرة رمان من النوع الفرنسي، أصبحت تعطيه هذه الأشجار بعد مرور نحو خمس سنوات على زراعتها حوالي 4 طن من ثمار الرمان سنوياً، تُقدر أرباحها الصافية بحوالي 350 ألف ليرة سورية.
 
وأضاف أنه ومع ارتفاع أسعار الرمان في هذه الفترة، ورغم الظروف الصعبة، باتت تؤمن له أكثر من 550 ألف ليرة سورية، حيث يُباع الكغ الواحد من النوع الفرنسي الأكثر شهرة في درعا، بنحو 200 ليرة سورية.

من جهته، قال المهندس الزراعي، عبد الرحمن العيسى، إن "المساحات المزروعة بأشجار الرمان في محافظة درعا تقدر بنحو 200 هكتار حسب إحصائيات  فترة ما قبل الثورة، وعدد الأشجار المثمرة وفق التقديرات السابقة يبلغ نحو 50 ألف شجرة، تنتج أكثر من 1500  طن من ثمار الرمان سنوياً، فيما أشارت تقديرات غير رسمية إلى أن عدد أشجار الرمان في المحافظة يصل إلى400 ألف شجرة"، موضحاً أن زراعة الرمان باتت تشكل موسماً ثالثاً لبعض المزارعين في حوران بعد المحاصيل الحقلية والزيتون.

وأضاف أن "الرمان من الزراعات الاقتصادية الحديثة في محافظة درعا، إذ كانت في السابق تقتصر على أعداد محدودة في الحواكير وحدائق المنازل، لكنها بدأت تشهد إقبالاً كبيراً بسبب زيادة الطلب على ثمارها، نظراً لفوائدها الصحية، إضافة إلى كونها تنمو في مختلف الظروف، وتتحمل الكثير من التغيرات المناخية".

وأشار إلى أن "شجرة الرمان تبدأ في طرح ثمارها من عمر سنتين، ويزداد إنتاجها كلما تقدمت بالعمر، وازداد الاهتمام والعناية بها"، مبيناً أنه يمكن استثمار المساحات المزروعة بأشجار الرمان خلال السنوات الثلاث الأولى بزراعات حقلية موسمية، كالخضار والمحاصيل الحقلية، دون أن يؤثر ذلك على أشجار الرمان، ما يتيح للمزارع استثمار أرضه بالشكل الأمثل والاستفادة من مواسم زراعية أخرى تسهم في زيادة دخله.

وأوضح أن "ثمار الرمان تتميز عن أنواع الثمار الأخرى، بأنها قابلة للتخزين لفترات طويلة، في ظروف مناخية عادية، تمتد لأكثر من ستة أشهر أحياناً"، مشيراً إلى ضرورة أن تكون الثمار المعدة للتخزين سليمة، خالية من التشطيبات أو الجروح والإصابات والأمراض، وأن يتم تجفيفها تحت أشعة الشمس بشكل جيد قبل أن يتم تخزينها.

دكتور الداخلية، عبده الشيخ، أكد لـ "اقتصاد" أن "للرمان فوائد صحية وغذائية كبيرة"، لافتاً إلى أن الرمان يحتوي على كمية كبيرة من المياه، ونسبة جيدة من البروتينات والسكريات والأحماض والألياف، فهو يساعد على التقليل من الكولسترول في الدم، ويعمل على الحماية من أمراض القلب وأمراض الأوعية وتصلب الشرايين، كما أنه يحتوي على نسبة كبيرة من مضادات الأكسدة، وله فوائد كبيرة للحوامل ولعلاج الأمراض الباطنية، وهو مقوي للشعر، وطارد لديدان المعدة، وغيرها الكثير من الأمراض، لافتاً إلى أن تناول الرمان، يشكل بديلاً جيداً لبعض الأدوية التي تعالج بعض الأمراض البسيطة.

ترك تعليق

التعليق