بالصور: ماذا بقي من حارة الأكراد في تلكلخ


 تقع حارة "اﻷكراد" وسط مدينة تلكلخ فوق حي "السوق" تماماً، وهو الحي الأشهر بعد حي السوق في مدينة تلكلخ الواقعة في ريف حمص الغربي، وهي من أولى المناطق التي خرجت على النظام وحملت السلاح في وجهه.

 وكان "حي الأكراد" يُعتبر خط الجبهة في معارك الثوار من جهة، والشبيحة والنظام من جهة أخرى.

 وكان "حي الأكراد" يمتاز بكثرة البيوت القريبة من بعضها وأغلبها بيوت ذات طابع قديم فهو أقدم أحياء المدينة، وكان يبلغ عدد سكانه ما يقارب (3) آلاف نسمة من اﻷكراد والعرب السنة مع بعض المنازل القليلة لعدد من العلويين.

 وكان أهالي حي اﻷكراد يمتازون بتواصل جيد مع أهالي الحي العلوي المجاور "عين الحرمية"، والتعايش معهم.

وعُرف عن أهالي حي الأكراد بأنهم من ذوي الأحوال المادية الجيدة فمعظمهم يمتلكون شاحنات نقل كبيرة أو يعملون كسائقي شاحنات تقوم بنقل البضائع أو أعمال التهريب بين سوريا ودول الجوار، حيث كانت تتراوح قيمة أرباح الحمولة الواحدة قبل الأحداث بين (50-90) ألف ليرة سورية.

 حي الأكراد وبدايات الثورة

لم يشارك أهالي حي اﻷكراد بالحراك الثوري القائم في مدينة تلكلخ بشكل مباشر باستثناء بعض الشباب، ولكن بدأت العلاقات تتأثر وتنقطع بينهم وبين أهالي اﻷحياء العلوية المجاورة رويداً رويداً، حيث عمل عناصر الشبيحة من أبناء المناطق العلوية إلى اتخاذ مراكز قنص محاذية لحارة اﻷكراد راح ضحيتها أعداد كبيرة من أهالي الحي وكذلك من سكان حارة السوق الملاصق له.

حينها عمل ثوار مدينة تلكلخ على اتخاذ حارة اﻷكراد مقراً لهم وأقاموا فيها مراكز قنص مقابلة لما أقامه الخصوم، كمحاوله للرد وإبعاد الخطر من حالات القنص التي تقوم بها عناصر الشبيحة.

 استمر السجال إلى أن تم اتخاذ قرار اقتحام الحي من النظام بتحريض طائفي من شبيحة الجوار، ليتم الاجتياح وارتكاب المجازر والجرائم التي عملوا على إخفاء معالمها، وسُجّل قسم منها ووُثّق لدى محكمة الجنايات الدولية.

 ليتم بعدها اقتحام مدينة تلكلخ من كافة الجهات فكانت بدايته حارة اﻷكراد، وبمشاركة شبيحة كافة القرى والمناطق العلوية المحيطه بتلكلخ، بمشاركة الجهات الأمنية، وبتغطية نارية كثيفة من جيش النظام.


 وبعد قصف للمدينة استمر أياماً عدة هُجر خلالها أعداد كبيرة من السكان، فوجئ من تبقى من أهالي مدينة تلكلخ عموماً وأهالي حي اﻷكراد خصوصاً في ليل أول أيام عيد اﻷضحى 2012، باقتحام أعداد كبيرة من عناصر الشبيحه لمدينة تلكلخ من ثلاث جهات من (حي اﻷكراد وحي البرج والحي الغربي) اﻷمر الذي أدى إلى استشهاد خط الدفاع اﻷول من الثوار بشكل كامل وتراجع بقية الثوار وخيانة أعداد كبيرة من قادة ثوار الحارات اﻷخرى، حيث تم الاقتحام وقتل كل من وجدوه في حي اﻷكراد ذبحاً ثم حرقاً، وتم رمي الجثث في بئر ماء قديم، كما قاموا بتدمير المنازل وحرقها ونهبها وسرقتها.

وتوقف الاقتحام في بداية حي السوق حيث قامت مجموعات الثوار بقيادة (عبد الرحمن "ولو" ورضوان الحزوري) بتسليم ما تبقى من المدينة، كما فتحت الجوية المجال أمام مجموعة (عمر العكاري) للهرب إلى لبنان.

وتم الاتفاق على تمشيط المدينة بالكامل حيّاً إثر حيّ، ومنزلاً بعد منزل، وتم اعتقال أعداد كبيرة من شباب ورجال المدينة وتصفية أغلبهم وتسوية وضع من تعاون معهم وسلم المدينة.


 تصفية المتعاونين مع النظام

 وبعد أن أصبحت مدينة تلكلخ في قبضتهم بشكل كامل تم تصفية من تعاون معهم من الثوار بعدة أساليب، كخطف بعضهم وقتله، واعتقال بعضهم ومن ثم تصفيته.

وهكذا أصبحت مدينة تلكلخ تابعة بشكل كامل للنظام وعناصر الشبيحة بعد أن تم إنهاء حارة اﻷكراد بشكل كامل، حيث أصبح الحي أطلالاً منهوبة، ليُذكر بعدها أنه كان في مدينة تلكلخ حي مأهول بالسكان يدعى "حي اﻷكراد".


 جيش وتعفيش

ومما رواه لنا أبناء حيي الأكراد والسوق في تلكلخ، أنه كان ضابط من جيش النظام "العقيد حسين"، كان يقوم بإرسال عناصر من جنوده بحجة توزيع الخبز على من تبقى في الحي بعد انتهاء المعارك وتهجير أغلب السكان.

 وكانت الغاية الحقيقية هي استطلاع المنازل المهجورة، ليرسل بعدها عدداً من عناصره و"عفيشته" لسرقة وتعفيش ما تبقى من أبواب وشبابيك أو ما يجدونه من فتات ما تركه شبيحة المنطقة.


 ويبدو أن التهجير والتغيير الدويمغرافي بدأ في تلكلخ والزارة، ويستمر في باقي المناطق السورية الثائرة بشكل ممنهج ومتعمد.

ترك تعليق

التعليق