من ملامح "حرب الغذاء" على المناطق المحررة


شهدت المناطق المحررة تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، وخصوصاً مادة القمح التي تعتبر المادة الغذائية الأولى على مستوى العالم، وخصوصاً في سوريا.

لم تقدم أية جهة محلية أو دولية دعماً حقيقياً للمزارعين، ولم تعطي المنظمات أهمية للموضوع.

كما تعمد النظام خلال السنوات الماضية القضاء على الزراعة بشكل كامل في المناطق التي تخرج عن سيطرته.

التمسك بالأرض

لم يتخل المزارع السوري عن أرضه، وبقي على اتصاله بها، محاولاً زراعتها، واستغلال منتجاتها في تأمين غذائه، لكن الظروف التي يعيش بها حدت من قدرته على العمل، مما خفض الإنتاج.

يحاول المزارعون في مدينة "تلبيسة" المحاصرة والقرى التي تحيط بها العمل على زراعة أراضيهم برغم الحصار والقصف من قبل قوات النظام، إلا أن نقص المعدات الزراعية، وعدم توفر مياه الري والأسمدة وأدوية مكافحة الحشرات والفطريات، وتعرض محاصيلهم للحرق، نتيجة استهدافها بالقذائف الحارقة، أدى إلى انخفاض إنتاجهم إلى أقل من سدس الكمية التي يستطيعون إنتاجها في الحالة الطبيعية، وانخفض مردود الدونم الواحد إلى أقل من الربع، فقد تدنت إنتاجية الهكتار الواحد من القمح إلى 1200 كغ، بينما يكون الإنتاج في الحالة الطبيعية من 4000 إلى 6000 كغ سنوياً، وهذا الأمر ينطبق على كافة المحاصيل في المناطق الأخرى، وفقاً لما صرح به المهندس الزراعي "جميل" لموقع "اقتصاد".

الجراد

قال المهندس "سامر أحمد" وهو من محافظة إدلب، "لقد تعرضت المحافظة وريف حماة بشكل خاص، وبعض المناطق الوسطى والشمالية لآفة الجراد في الموسم الماضي، مما تسبب بخسارة كبيرة، دون أن تتدخل أية جهة لمعالجة الأمر".

وأكد "سامر" أن المزارعين عجزوا عن تأمين المبيدات، والوسائط اللازمة لمكافحة الجراد.

 وحذّر "سامر" من خطورة تفقيس البيوض في الربيع القادم على المحاصيل الزراعية، وخصوصاً القمح، الأمر الذي يهدد بكارثة زراعية حقيقية، وناشد تركيا المساعدة بمكافحتها، "لأن الجراد لا يعرف الحدود".

تجاهل المشاريع الإنتاجية

معظم السوريين في مناطق سيطرة المعارضة، يشتكون من طريقة تعامل المنظمات الإغاثية والدولية مع الشعب السوري، فهم يقدمون السلال الغذائية له، ويرفضون إقامة المشاريع الإنتاجية التي تعينه على الاكتفاء الذاتي.

العديد من المجالس المحلية والجمعيات والناشطين الموجودين في الداخل تواصلوا مع منظمات دولية، وقدموا لها مشاريع تساعد المواطن السوري على إنتاج الغذاء، بما يؤمن له الكفاية الذاتية، ويلبي حاجة السوق المحلية، للاستغناء عن المساعدات العينية، والحد من الهجرة إلى الدول المجاورة، إلا أن مشاريعهم لم تلق أي إجابة.

الناشط "مؤيد شرمو" الذي يعمل في مجال الإغاثة وتأمين النازحين في محافظة إدلب قال: "لقد تقدمنا بعدد من المشاريع الزراعية والحيوانية لأكثر من منظمة إغاثي"، منها على سبيل المثال، تأمين عدد من الأبقار الحلوبة للمخيمات لتأمين مادة الحليب واللبن بأسعار التكلفة، وهذه المساعدة تكون لمرة واحدة، ويتم الاستغناء عن الحليب المعلب، الذي يأتي عن طريق الإغاثة".

استثمار موجّه

ويضيف "مؤيد": "كذلك تقدمنا بمشروع يتضمن مساعدة الأسر التي تملك مساحات زراعية، لتمكينها من بناء بيوت بلاستيكية صغيرة، لتأمين حاجة السوق من الخضروات، ولم نلق جدية بالتعامل مع الأمر، لقد وصلنا إلى قناعة كاملة بأنه لا أحد يريد مساعدة الشعب السوري".
 
وأوضح أن إقامة مشاريع زراعية ناجحة يعني الاستغناء عن السلة الغذائية، وهذا يتعارض مع السياسة التي تريد إبقاء الشعب السوري تحت رحمة الدول المانحة للتحكم بمصيره، وتحويله إلى مجرد متلق ينتظر لقمة عيشه باعتماده على الغير بشكل كامل، مما يفقده الفاعلية.

 ويرى مختصون أن استثمار ربع المبالغ التي صرفت على السلال الغذائية، والمساعدات العينية، خلال السنوات الخمس من عمر الثورة، كان كفيلاً بتحويل مناطق سيطرة المعارضة إلى مصدر للغذاء بدلاً من انتظار من يقدمه له.



ترك تعليق

التعليق