"اقتصاد" يرصد حال "يتامى السوريين" في وادي خالد


بين سندان الفقد ومطرقة الحرمان، يعيش آلاف الأطفال السوريين اليتامى في لبنان بلا سند أو معين، مفتقرين لأبسط شروط الحياة الإنسانية من اهتمام بالصحة أو التعليم أو الغذاء أو الإيواء بعد أن شرّدتهم الحرب، وُحرموا نعمة الأبوين أو أحدهما.

 ويضم لبنان حوالي 400 ألف طفل لاجئ، أي ما نسبته 70% من اللاجئين المسجلين في لبنان، تتوزع الغالبية العظمى منهم في شمال لبنان.
 
وفي منطقة وادي خالد التي تقع على الحدود اللبنانية السورية، يعيش حوالي 900 طفل يتيم موزعين على كل قراها التي تبلغ 24 قرية وبلدة أي ما يعادل 2% من مجموع عدد النازحين في المنطقة.

 وأشار الناشط الشيخ عماد ملبّس لـ"اقتصاد" إلى أن "أغلب الأيتام من الأطفال السوريين يقطنون في بيوت قيد الانشاء بقرى وادي خالد وبعض الخيم التي لا تعتبر مخيمات".

 وأضاف الشيخ ملبّس أن "بعض هؤلاء الأطفال فقدوا آباءهم في الحرب ومنهم من فقد الأب والأم في آن معاً"، لافتاً إلى أن "بعضهم يستفيد من القسيمة الغذائية الشهرية المقدمة من منظمة الغذاء العالمية وبعضهم تم شطبه من سجلات الأمم المتحدة، فلا يستفيد من هذه القسيمة مما يفاقم ظروفهم المعيشية ويحرمهم من أبسط الاحتياجات".
 


و تتولى مجموعة" كن عوناً" الإغاثي التي يديرها الشيخ ملبّس في وادي خالد تقديم حصص غذائية شهرياً لأهالي هؤلاء الأطفال، ونظّمت المجموعة مؤخراً– كما يقول ملبّس- مشروع كفالة اليتيم عبر جمعية إكرام الموتى في المنية، وبيت الزكاة في لبنان واستراليا، بعدد بسيط ولكنه بداية مشجعة في هذا الاتجاه، حسب وصفه.

واستثمرت مجموعة "كن عوناً" التطوعية مدينة ألعاب صغيرة يعود ريعها لدعم هؤلاء اليتامى سواء كانوا سوريين أو لبنانيين.

 وتابع ملبّس أن "المجموعة بصدد إطلاق مشروع قرطاسية لهؤلاء الأيتام"، وكل هذه الأنشطة-كما يؤكد- تقوم على مساعدات فردية دون أي مساعدات من جمعيات أو بلديات في المنطقة أو غيرها.

وتُقدّر المفوضية العليا للاجئين عدد المتوقفين عن التعليم في لبنان بـ 20% من الأطفال السوريين اللاجئين، فيما يشير الشيخ ملبّس إلى أن "الأغلبية الساحقة من الأطفال السوريين الأيتام منخرطون في صفوف مدارس وادي خالد وريفها وقلة من يتسرب منهم".

وحول الاحتياجات الأساسية للأيتام اللاجئين في وادي خالد لفت محدثنا إلى أن "هذه الاحتياجات تختلف بحسب المواسم والمناسبات، وفي الشتاء تجتمع حاجات ثلاثة أساسية وهي التدفئة والتي تشمل كسوة الشتاء والوقود والأغطية وكذلك حاجيات المدارس من القرطاسية واللباس المدرسي وغيرها".

ونفى الشيخ ملبّس وجود مؤسسات أو مراكز تهتم بهذه الفئة من الأطفال في وادي خالد، مشيراً إلى أن "أغلب المنظمات في لبنان اليوم يقتصر عملها على الدراسات الميدانية والإحصاءات إلا ما ندر، ومنها ما قامت به منظمة أطباء بلا حدود بإجراء تدريبات للعلاج النفسي مع استقبال حالات الاضطرابات النفسية وخاصة التي للحرب دور فيها بالتنسيق مع مجموعة" كن عوناً".

كما نظمت منظمة أطباء بلا حدود-كما يقول ملبّس- دورة لتدريب 12 متطوعاً لمنتسبي المجموعة ليصبحوا قادرين على تحديد الحالات التي هي بحاجة لتحويل إلى معالج نفسي من الأطفال الأيتام.
 

ولفت محدثنا إلى الدور الإيجابي لبلديات الوادي وعلى رأسها-كما يقول- رئيس اتحاد بلديات وادي خالد الدكتور "فادي الاسعد" لدعمه المعنوي وتيسير إقامة النشاطات لكافة المنظمات العاملة في هذا المجال، وكذلك الدور الذي يقوم به بيت الزكاة في أستراليا ممثلاً بالحاج "رياض دهيبي" في دعم الأطفال الأيتام من اللاجئين السوريين عن طريق بيت الزكاة في لبنان.

وتعاني وادي خالد من الإهمال والتجاهل ونسيانها من المساعدات رغم أنها الخزان الأكبر للنازحين في لبنان ففيها أكثر من خمسين ألف نازح بينما عدد السكان الأصليين لا يتجاوز الـ 45 ألف مواطن لبناني في ظل إهمال من قبل الجهات الممثلة للدولة كالمنظمات والبلديات بما فيها الأوقاف الإسلامية.

 ورغم تواصل الناشطين المستمر مع هذه المنظمات والجهات الخاصة والحكومية لكن دون جدوى –كما يؤكد-مدير مجموعة "كن عوناً" مشيراً إلى أن "أغلب جهود الإغاثة تتم بمبادرات فردية"، ورغم قلة الامكانات تمكنت مجموعة "كن عوناً" –كما يشير- من تحقيق تغطية شبه كاملة في مجال الكسوة التي شملت الأطفال الأيتام بالضرورة وتوزيع حصص غذائية شهرية ثابتة على الأسر التي تحتضنهم ومشروع كفالة عدد من الأيتام لمدة سنة.

ونوّه الشيخ "عماد ملبّس" إلى سعي مجموعة "كن عوناً" لدراسة مشاريع مهنية للتدريب المهني والإنتاج في آن واحد لاستيعاب أكبر عدد من الأفراد القادرين على العمل في الأسر التي فيها أيتام.

وختم محدثنا بتوجيه نداء إلى جميع المنظمات الإنسانية لإيلاء اليتامى في وادي خالد الاهتمام المطلوب، وخاصة الصليب الأحمر اللبناني والهلال الكويتي لما لهم من أيادٍ بيضاء في هذا المجال، إضافة إلى المنظمات العاملة في كنف الأمم المتحدة ، وخاصة أننا على أبواب الشتاء الذي تزدحم الحاجات فيه.

ترك تعليق

التعليق