حلب المحاصرة في الأضحى والهدنة: تشكر.. تتحدى.. وتنتظر


بعد انتكاسة نفسية مؤقتة، حملت الأيام الماضية إلى حلب المحاصرة أجواءً مفعمة بالأمن والأمان وأضاحي العيد وبهجته، إلا أنها لم تكن خالية من المتناقضات، والتي قد تشكل محطة مهمة من مسلسل التناقضات الذي عاشه شعبنا السوري خلال خمس سنوات ونيف مضت.

فعلى الرغم من أن الأضاحي التي وزعت على نطاق واسع في العيد أدت إلى ارتفاع كبير في الطلب على خضار الحصار، وبالتالي أسعارها، حيث وصل سعر الكيلو من (الباذنجان) و(الكوسا) و(البقدونس) بالليرة السورية إلى: /600/ و/700/ و/150/ على التوالي، أضف إلى وصول سعر الكيلو من (اللبن البقري) إلى /750/ ليرة، إلا أن تزامن (عيد الأضحى) مع الحصار لعب دوراً مهماً في إظهار مدى التعاضد والتكاتف الذي ما زالت حلب وأهلها في الداخل والخارج تتمتع ويتمتعون به.

العيد حمل معه فقدان مادة جديدة إلى جانب (السكر) وهي (القهوة)، ليكتمل طوق الحصار على أصول الضيافة الحلبية التي عرفت عن الحلبيين عبر الزمن، كما توحدت أسعار (كروز الدخان) عند سعر /12000/ ليرة سورية للواحد منها، لتسهم بانقراض ظاهرة تضييف السيجارة قبل إشعال أخرى بين الرجال.

ومع يقين سكان حلب المحاصرة بأن المساعدات التي تطبل وتزمر لها الولايات المتحدة وروسيا عبر طريق (الكاستلو) لن تحمل إلا الذل والهوان، ومواداً لا تلزمهم كما حصل مع مناطق محاصرة أخرى، فإن سياسة محكمة على ما يبدو قام ويقوم المجلس المحلي في مدينة حلب بتطبيقها، لحرمان المتربصين بمدينته المحاصرة من نيل مآربهم السياسية واللاإنسانية من عملية إيصال المساعدات المشبوهة تلك.

حيث يقوم المجلس بتقديم المعونات اللازمة لكل أسرة في المدينة وفق عدد أفرادها، من البقوليات المتوفرة بكثرة في المستودعات كالرز والعدس والمعكرونة، الأمر الذي شكل داعماً حقيقياً لجميع سكان المدينة، وساد شعور حقيقي بالامتنان لجهود هذا المجلس، إلى جانب بعض المنظمات الإنسانية التي تقدم كل ما تستطيع تقديمه من مواد ضرورية وبكميات جيدة، حيث يتداول ويردد الأطفال الحلبيون الصغار على الطريقة المدرسية، بلهجتهم المحببة اسم إحدى تلك المنظمات باللغتين العربية والإتكليزية: "(بيك هارت) يعني القلب الكبير".

ويتحدى المواطنون في المدينة المحاصرة كلاً من الولايات المتحدة وروسيا والعالم، أن يرسلوا لهم المواد الأساسية التي يحتاجونها كالطحين والوقود والغاز المنزلي؛ وهنا رشحت معلومات يتداولها الأهالي حول ما يقوم به "مجاهد مصري" بالإشراف على تعميم اختراع سيتم به العمل على توليد الطاقة الكهربائية عبر الاستفادة من قوة الرياح، لتضفي على أجواء الهدنة والعيد نكهة تحدٍ حقيقية بأن الصمود ومقوماته ستكتمل، وذلك إلى الساعة التي يتمنون أن لا تكون بعيدة، الساعة الموعودة بفك الحصار، عبر عمل عسكري ينهي مأساتهم، التي بلغت ذرى لم تبلغها من قبل في المعاناة والامتنان والتحدي.


ترك تعليق

التعليق