أهالي درعا يستقبلون عيد الأضحى بلا زينة


في درعا، تبدو أجواء العيد كئيبة حزينة، تغيب عنها مظاهر الفرح رغم أهمية هذه المناسبة الدينية الكبيرة،، وأهم ما يغيب عن طقوس هذه المناسبة الزينة واللافتات والرسوم المرحبة بحجاج بيت الله الحرام، التي كانت في الأعوام السابقة تزين مداخل البيوت والجدران احتفاءً بقدوم الحجاج وعودتهم إلى ديارهم، وذلك بسبب عدم وجود حجاج من هذه المناطق وللعام الخامس على التوالي، نتيجة الأوضاع الأمنية السائدة.

الحاج أبو محمد، الرجل السبعيني، قال في تصريح لـ "اقتصاد"، "ما يميز عيد الأضحى هذا العام مقارنة مع عيد الأضحى الماضي، ارتفاع أسعار الأضاحي، حيث يتجاوز سعر أقل أضحية 100 دولار أمريكي"، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار الأغنام والماعز والأبقار، حد من إقبال الناس على شراء الأضاحي بالمقارنة مع العام الماضي.

ولفت إلى أن من يقدم الأضحيات هذا العام هي العائلات الميسورة وبعض الجمعيات الخيرية العاملة في المناطق المحررة، والتي تأخذ على عاتقها تقديم لحوم الأضاحي للعائلات الفقيرة كما في كل عام من عمر الأزمة السورية.

من جهتها، قالت الحاجة فضة أنها اشترت أضحية بنحو 56 ألف ليرة سورية، لافتة إلى أن هذا المبلغ كبير جداً، وأن ابنها  المغترب في الإمارات هو من أرسل لها ثمن الأضحية، وتساءلت "لولا ابني من أين سأضحي؟"، وأضافت بحزن، "حالة الناس صعبة الله يفرجها على هالبلد".

 فيما أكد غازي وهو صاحب محل ألبسة، غياب النشاطالتجاري عن الكثير من الأسواق، بسبب ارتفاع أسعار المواد والملابس والحلويات، والتي وصلت إلى أرقام غير مسبوقة من المصدر، لافتاً إلى أن الإقبال على الشراء ضعيف وليس كما هو متوقع  نتيجة سوء الأحوال المالية للناس.

وتزامن العيد هذا العام مع تحضيرات المونة المنزلية، وافتتاح المدارس، التي تتطلب هي الأخرى مبالغ إضافية تفوق إمكانيات الأسر العادية، في ظل غياب فرص العمل، وتوقف الكثير من المهن، وانتشار البطالة.

وأضاف غازي أن ما يحرك الأسواق ولو بشكل جزئي، هم من يملكون مداخيل ثابتة كالموظفين على قلتهم، والمقاتلين، فأينما يتواجد هؤلاء تجد حركة في الأسواق، أما باقي الشرائح إذا استثنينا أصحاب المهن التجارية، فلا إمكانيات لها وهي تعيش في حدودها الدنيا.

ويقول الناشط الإعلامي أبو أنس إن "أجواء عيد  الأضحى هذا العام تتأثر بشكل كبير بالحالة العامة السائدة  والأجواء المتصلة بالحرب، فعلى الرغم من رغبة الكثيرين هنا  في ممارسة طقوس العيد والاحتفال به، إلا أن الأجواء كئيبة كما تشاهد، بلا فرح، مظاهر العيد غائبة، لا أدوات زينة، التحضيرات متواضعة، الأسواق عادية، لا ازدحام فيها، هموم الناس كبيرة"، لافتاً إلى أن أحوال الناس تسوء، كلما تواصل استمرار الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب غياب مقومات الحياة الطبيعية وقلة الموارد.

وأضاف الناشط الإعلامي، "كانت أسواق درعا في السابق تعج بالحركة والنشاط، صحيح أحوال الناس ليست كما يرام، لكن الخير موجود دائماً".

 ويستذكر الناشط الإعلامي كيف كانت أسواق درعا في مثل هذه الأيام تمتلئ بالأشقاء الأردنيين، وخاصة من مناطق الشمال الأردني، الذين كانوا يأتون إلى درعا لقضاء بعض السويعات فيها، وشراء معظم احتياجاتهم من أسواقها.

فيما أكدت أم طلال التي فقدت اثنين من أبنائها في الحرب أن "لا فرحة هنا في حوران، ولا عيد، في ظل غياب الأحبة والأهل"، وتساءلت: "كيف نحتفل بالعيد، وكل عائلة سورية تقريباً على امتداد الأراضي السورية،  تفتقد أحد أفرادها ما بين مُهجر ومعتقل وغائب لا تعرف عنه شيئاً؟، كيف نحتفل تحت القصف اليومي، ونحن لا نشعر بشيء من الأمان؟".

وأضافت والدمعة تسقط من عينيها، "كلنا محزونون، ولن نفرح إلا بزوال الظلم والاستبداد والقتلة، يوم ذاك سيكون الاحتفال الكبير، والعيد الفعلي"، حسب وصفها.

أما الطفل عمار، فقال إنه "مبسوط بالعيد"، لأن والده اشترى له ملابس جديدة، ولأنه سيحصل على عيديات كثيرة من أبوه وأمه وأقاربه.

وأضاف: "بدنا نروح على الساحة أنا وأخوتي وأولاد الجيران، نلعب على المراجيح."


ترك تعليق

التعليق