العيد في سوريا.. عزيمة غداء عائلية قد تقضي على نصف راتب موظف


ابتسام، أم لطفلتين، مها 3 سنوات، وروان 7 سنوات، لم يبق سوى يومان لقدوم عيد الأضحى وهي حتى الآن لم تستطع الإجابة على سؤال ابنتها الكبرى إن كانت ستجلب لها ثياب العيد وما هو لون ثوبها.

هذا طبعاً ليس إهمالاً منها، ولكنها لم تستطع توفير المال الكافي لثمن ثوبَي العيد لابنتيها، بالإضافة لتكلفة الأخذية، في نفس الوقت تتمنى ألّا تضطر إلباسهما ثياب العيد الماضي، خشية على مشاعرهما وإحباطهما. 

في حديثها مع "اقتصاد"، ذكرت السيدة سهام، 34 سنة، أن راتبها لا يتعدى 30 ألف ليرة سورية، وهو يُعتبر من الرواتب الجيدة في سوريا هذه الأيام، وزوجها يتقاضى راتباً مماثلاً بالإضافة لبعض الحوافز، ومع ذلك فهي بالكاد تستطيع تحمل مصاريف هذا العيد، حيث أن سعر ثوب العيد متوسط إلى متدني الجودة يتعدى 5000 ليرة سورية، بيما الأفضل قليلا يتعدى 8000 ليرة سورية، وقد يصل سعر الثوب إلى  12 ألف في بعض الأحيان.

أضافت سهام أن تكلفة حذاء الطفل تتراوح بين 2500 و 3000 ليرة سورية وبجودة أقل من المتوسطة، وقد يصل السعر إلى 6000 ليرة سورية،  بينما يصل سعر الحقيبة إلى 2000 ليرة.
 
"بحساب بسيط وجدت أن تكلفة ثياب العيد لابنتي سوف تستهلك أكثر من نصف راتبي، وإذا أخدنا بعين الاعتبار أن تكلفة الحياة اليومية لا تقل عن 3000 ليرة سورية، فسوف أضطر للاستدانة وقضاء عام كامل لسداد المبلغ اللازم لتغطية تكاليف ثياب العيد والأمور الأخرى المرتبطة بالعيد"، فصّلت السيدة سهام، وأضافت أنها تشعر بالألم تجاه الآخرين من النازحين والفقراء حيث أنها وبالرغم من عملها هي وزوجها تشعر بالضغط الشديد فكيف حالهم وأطفالهم هم الذين لا يملكون أي شيء.
 
بالنسبة لتكاليف طقوس العيد كما اعتاد الناس على ممارستها قبل الحرب في سوريا، من حيث صناعة كعك العيد والحلويات والأطعمة الغنية باللحوم، فصلت السيدة أم سمير، والدة السيدة سهام قائلة: "سعر كيلو لحم الخروف لا تقل عن 4500 ليرة سورية، ونحن عائلة مكونة من خمسة أفراد، وابنتي متزوجتان وكل منهما لديها ولدين، إن أردت دعوتهم للغداء في أحد أيام العيد، فإن ذلك سوف يحتاج لكيلوغرامين من اللحم (9000 ليرة) مع الخضراوات والأرز والمكملات الأخرى التي لا تقل عن 2000 ليرة، وبالتالي قد تصل تكلفة الغداء 11-13 ألف ليرة سورية".

وأضافت السيدة أم سمير، المدرسة المتقاعدة، أن رواتب الموظفين أو المدرسين تتراوح بين 15 ألف و40 ألف ليرة سورية حسب سنوات الخدمة، مع العلم أن راتب الدرجة الأولى عند التعيين لا يتجاوز 24 ألف ليرة سورية.

 "هذا يعني أن وجبة غداء العيد للعائلة سوف يستهلك نصف راتب موظف درجة أولى حديث التعيين".

بالنسبة لحلويات العيد حسب خبرة السيدة أم سمير، سعر كيلو الطحين لا تقل عن 250 ليرة وسعر التمر الخاص بالكعك تبلغ 700 ليرة سورية، مع إضافة سعر السكر والسمن والزيت تصل تكلفة كيلو كعك العيد إلى 1500 ليرة سورية على أقل تقدير. 

للحصول على معلومات أكتر حول تكلفة العيد، تواصل "اقتصاد" مع أبو محمد، مالك لمحل صغير في حي شعبي لبيع الثياب والأحذية التي يمكن للفقراء تغطية تكلفتها.
 
"سعر بنطلون الجينز للأولاد يصل لـ 2000 ليرة سورية والشورت يمكن أن يصل إلى 1500 ليرة، بينما القميص أو البلوزة تكلف حوالي 1500 ليرة وقد تصل إلى 3000 ليرة سورية"، فصّل أبو محمد.
 
لكنه عبّر عن ألمه وأسفه لحال الناس في المنطقة وعدم قدرتهم على شراء أي قطعة من الثياب مهما كان سعرها منخفضاً، لأنهم لا يملكون أي مقدار من المال، وكل ما يستطيعون فعله هو النظر إلى واجهات المحلات وانتظار المساعدات وصدقات العيد عسى ولعل تحمل بعض الطعام والثياب أو نقوداً تمكنهم من تغطية بعض تكاليف الحياة وإسعاد أطفالهم بالقليل من بهجة العيد.

ترك تعليق

التعليق