ما بين "الدولة" و"الإخوان".. قصة 3 شبان سوريين متهمين بـ "الإرهاب" في بلغاريا


 شهد يوم الثلاثاء الماضي 2/8/2016 أولى جلسات المحاكمة لثلاثة شبان سوريين في العاصمة البلغارية صوفيا، وذلك بعد اتهامهم بالإرهاب من قبل السلطات القضائية البلغارية، إثر إلقاء القبض عليهم أثناء محاولتهم العبور بشكل غير شرعي إلى تركيا عبر الأراضي البلغارية في 10/ شباط 2016، لتبقى بعدها القضية طيلة هذه المدة حبيسة أدراج المحاكم حتى تداولتها وسائل الإعلام البلغارية وأثارتها أمام الرأي العام، بعيد تصريح المدعي العام البلغاري بالقبض على ثلاثة إرهابيين على حد وصفه.

 وللإطلاع على تفاصيل تلك القضية، تمكن "اقتصاد" من الاتصال بـ "محمد علي عز"، مدير مكتب الرابطة السورية لحقوق اللاجئين في بلغاريا، الذي كان حاضراً ومتابعاً للقضية منذ بدايتها ومطلعاً على كافة تفاصيلها منذ لحظة توقيف الشبان الثلاثة حتى مثولهم أمام القضاء البلغاري.

 توقيف بتهمة العبور غير الشرعي

 بدأت القضية بتوقيف السلطات البلغارية لثلاثة شبان سوريين بمدينة سفلنغراد، يحملون إقامات لجوء ألمانية، ولا يتعدى سن أكبرهم الخامسة والعشرين عاماً، وهم "عبد الحميد المحمد"، و"فادي العبدالله" من دير الزور، و"جاسم الفندي" من درعا، وذلك أثناء محاولتهم العبور إلى تركيا بشكل غير شرعي من خلال مهرب مصري الجنسية عن طريق الأراضي البلغارية التي دخلوها بشكل نظامي عن طريق اليونان.

وكان الشبان الثلاثة قصدوا اليونان للحصول على فيزا لدخول تركيا، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك.

 ووُجهت لهم تهمة العبور غير الشرعي، وصدر بحقهم حكم بالسجن لمدة ستة أشهر مع وقف التنفيذ ودفع غرامة مالية.

(صور للموقوفين السوريين في بلغاريا - وسائل إعلام بلغارية)

 اتهام بالإرهاب ونية الانضمام لتنظيم الدولة وجماعة الإخوان المسلمين

 لكن بعد فحص وتفتيش السلطات البلغارية للهواتف المحمولة الخاصة بالشبان الثلاثة والعثور على صور ومراسلات فُسرت من قبل السلطات البلغارية أنها تتعلق بالإرهاب، وأن الشبان الثلاثة كانوا ينون الانضمام لكل من تنظيم "الدولة الإسلامية" وجماعة "الإخوان المسلمين"، قررت إحالتهم إلى النيابة الخاصة البلغارية التي تختص بقضايا الإرهاب، وهنا بدأت المرحلة الثانية في القضية، وتمت إحالتهم إلى مركز توقيف خاص تابع للنيابة الخاصة في العاصمة البلغارية صوفيا.

في مركز التوقيف الخاص، زار "محمد علي عز"، مدير مكتب الرابطة السورية لحقوق اللاجئين في بلغاريا، الشباب الثلاثة، بعد التواصل مع أهاليهم، وقال لـ "اقتصاد": "أكدوا لي أن لا علاقة لهم بالإرهاب ولا بأي تنظيم وأنهم فروا من الحرب ولجؤوا إلى ألمانيا وبعدها قرروا زيارة أهاليهم في تركيا، فكان أن وصلوا إلى ما هم فيه بعدما وجُهت لهم تهمة الإرهاب".

(أحد الموقوفين السوريين - وسائل إعلام بلغارية)

 محامو الدفاع أكدوا براءة الموقوفين الثلاثة وأن الأدلة غير كافية لإدانتهم، وبهذا الصدد، قال محمد علي عز لـ "اقتصاد": "بعد تواصلي مع المحامين الذين كلفتهم النيابة العامة البلغارية بالدفاع عن الموقوفين كجهة دفاع أمام القضاء، أكدوا بعد إطلاعهم على ملفات القضية، أنه لا توجد إلى حد الآن أي أدلة دامغة وواضحة لاتهام الشبان الثلاثة بالإرهاب، وأن وجود مثل هذه الصور والمراسلات في هواتفهم المحمولة لا يعد دليلاً كافياً لإدانتهم بنية الانتماء لتنظيم الدولة وجماعة الإخوان المسلمين، وسط استغراب واضح منهم لتلك المقاربة والربط الذي أتت به السلطات البلغارية بين التنظيمين ("تنظيم الدولة" و"الإخوان المسلمين")، رغم الاختلاف الجذري والتناقض بينهما، وهو ما حدا بالمحامين في الجلسة الأولى من المحاكمة إلى طلب رد القضية للنيابة لعدم وجود أدلة إلا أن القاضي رفض الطلب وقرر تأجيل النظر في القضية إلى 19/ أيلول /2016 لسماع شهادة الشهود ولإعادة ترجمة ملف القضية للغة العربية بشكل أكثر وضوحاً بسبب وجود الكثير من الأخطاء في الترجمة بين اللغتين العربية والبلغارية، والتي أدت ربما إلى تفسير خاطئ لبعض حيثيات القضية، وكانت سبباً لتوقيف الشبان الثلاثة والإدعاء عليهم بتهمة الإرهاب وتعقيد القضية".

 وعبر "اقتصاد"، ناشد محمد علي عز، بوصفه مديراً لمكتب الرابطة السورية لحقوق اللاجئين في بلغاريا، السلطات البلغارية مجدداً، مؤكداً ثقته المطلقة بعدالة ونزاهة القضاء البلغاري، طالباً منه إعادة النظر في القضية وتبرئة الشبان الثلاثة وتقدير ظروفهم وصغر سنهم إضافة لعدم كفاية الأدلة، فالصور التي وجدت في هواتفهم قد تتواجد في هواتف الكثير من الشبان السوريين، في ظل ما تشهده سوريا من حرب، والمراسلات تُرجمت بشكل خاطئ، وفُهمت على أنها رسائل تتعلق بالإرهاب، كما أن تعاطي وسائل الإعلام البلغارية مع القضية وخصوصاً بعد حادثة التفجير الأخيرة في ألمانيا وحوادث الإرهاب الأخيرة في أوروبا، كان لها أثر سلبي على مجرى القضية.

ترك تعليق

التعليق