مجاني التعليم.. إضاءة على معهد "التكنولوجيا الزراعية" في إدلب، وآراء بعض طلابه



بعد نجاحه في الثانوية العامة "البكالوريا"، سجل قتيبة علوش في كلية الهندسة الزراعية بإدلب قسم الزيتون. وجد قتيبة، ابن إدلب الخضراء، ما تطمح إليه نفسه في هذا القسم. كان فرعاً جيداً جداً ومتخصصاً في مجالات حديثة بزراعة الزيتون التي تشتهر بها إدلب، حسب وصفه.

كان هذا في 2011، السنة ذاتها التي اندلعت فيها الشرارة الأولى للثورة، وهكذا أمضى قتيبة ردحاً من الزمن يدرس في الجامعة حتى كان الوقت الذي دخل فيه جيش الفتح إدلب المدينة وكان التحرير، وهنا بدأت الحكاية..

يقول قتيبة متحدثاً عن دخوله إلى "معهد التكنولوجيا الزراعية في إدلب"، الذي أُنشئ تحت رعاية ثورية كبديل عن جامعات النظام التي قضت نحبها بعد التحرير،  "علقنا آمالاً كبيرة على الجامعة لكن لم يكن لنا نصيب في إكمال الدراسة، بعد مدة خبرني أحد الأصدقاء بوجود تسجيل في معهد جديد خاص بتكنولوجيا الزراعة،  وفعلاً سجلنا وانقبلنا بالمستوى الثاني نظراً لكوننا طلاب هندسة زراعية سنة ثالثة".


تفاصيل كثيرة يرويها قتيبة عن دراسته في المعهد الجديد، البداية كانت جيدة جداً، تحمس الطلاب للعمل والدراسة مع الكادر الإداري والتدريسي بالمعهد، هذا الكادر كان قريباً جداً من الطلاب، حسب وصف قتيبة.

ويذكر قتيبة أنه في البداية، "لم يكن هنالك آلة تصوير، فكنا نأخد ملف pdf‏ من الدكاترة نصورها ونحتفظ بنسخة من الملف".


كلام مغاير

بينما بدت نظرة قتيبة متفائلة جداً وإيجابية إلى درجة كبيرة بخصوص "معهد التكنولوجيا الزراعية"؛ سجل طالب آخر شهادة مغايرة بعض الشيء، ممتعضاً من بعض الوعود التي أطلقها القائمون على المعهد ولم تتحقق، حسب وصفه.

يوسف بركات، وصل إلى السنة الرابعة في الهندسة الزراعية في جامعة إدلب، وكغيره من الطلاب انضم يوسف إلى معهد التكنولوجيا الزراعية أملاً في إكمال دراسته التي شارفت على الانتهاء في جامعة إدلب.

"سجلت بالمعهد على أساس أننا سنكتسب خبرة عملية، وعلى أساس أن تتوفر لنا فرص عمل جيدة نوعاً ما، وصلت الآن إلى المستوى الثالث"، يتحدث بركات.

كان حديثي مع يوسف مبنياً على الصراحة والشفافية وكلما تعمقنا في الحديث اكتسب الكلام طابعاً عفوياً واضحاً في الطرح والنقد والمساءلة.


قال بركات: "بالنسبة لوضع المعهد كان أغلبه مبنياً على الوعود، يوجد جزء بسيط منها تحقق والأغلب لم ينفذ ونحن ننتظر، نحن نفقد الأمل رويداً رويداً".

لكن النبرة الإيجابية سرعان ما تغلبت على يوسف الذي قال: "نحن طبعاً اكتسبنا خبرة كبيرة وجيدة وذلك لوجود عدة أساليب لإيصال المعلومة بشكل ممتاز عملياً ونظرياً، ولكن فرص العمل كانت للطلاب معدومة".

وللعميد حديث آخر

عميد المعهد، الدكتور خالد الطويل، سجل مع "اقتصاد" حديثاً موسعاً حول المعهد ومناهجه وأهدافه.

في البداية، "اقتصاد" قدم شكوى يوسف إلى الدكتور الطويل الذي رد مجيباً بحديثه الشيق، وبنبرته العذبة التي يُعرف بها أبناء مدينته "الأدالبة"، "نظام المعهد مستويات، وكل مستوى ثلاثة أشهر، ويتخرج الطالب فور انتهائه من المستوى الثالث، وبما أنه لم يتخرج أحد حتى اللحظة فهذه الشكاية غير واردة حالياً".

وفي سياق مختلف قال الطويل إنهم في منظمة مكتب التعاون الزراعي الدولي أطلقوا معهد التكنولوجيا الزراعية في 18 -10  من العام المنصرم.


وقال الطويل: "جاءت فكرة المعهد من منطلق أن جميع المعاهد الزراعية في المناطق المحررة تعطلت لسبب أو لآخر"، موضحاً أن هذا المعهد أتى كحل لهذه المشكلة حيث يضم الآن 230 طالباً ويُدرّس ست مواد زراعية، في مدة دراسية لا تتجاوز السنتين، ضمن 6 مستويات.

وأضاف الطويل: "أغلب الكادر التدريسي حائز على شهادات الدكتوراه، وأما شهادة التخرج من المعهد فتُوقع من الخارجية الهولندية والائتلاف الوطني ومنظمة سبارك وهي الجهة الداعمة، ومن منظمة مكتب التعاون الزراعي الدولي وهي الجهة المنفذة".


ويعتبر المعهد مجاني التعليم، كما يُقدم رواتب رمزية للطلاب تتراوح بين 50 إلى 60 دولار شهرياً، وهي بمثابة أجور تنقلات.

وعن الصعوبات التي يواجهها المعهد قال الطويل إنها مادية في أغلب الأحيان ومنها عدم وجود سيارة أو مكروباص للتنقل، "نحتاج مثلاً إلى جولات حقلية فنضطر إلى استئجار سيارات لأخذ الطلاب إلى الحقول أو إلى مزارع الإنتاج الحيواني لتلقي الدروس العملية".

ويختم الدكتور الطويل بالقول، "هنالك أيضاً نقص كبير في تجهيز المخابر داخل المعهد".

ترك تعليق

التعليق