وادي بردى.. آخر فصول حرب المياه والحصار


أعادت الأيام الأخيرة، صراع المياه بين النظام والمعارضة إلى السطح، بعد محاولات عدة لخلق توازن جديد في وادي بردى. وكانت المقدمة في تقدم النظام وسيطرته على قرية هريرة ممهداً الطريق للإمساك بمناطق الينابيع في (بسيمة وإفرة) وبالتالي التحكم بمياه الفيجة التي ستكون أقرب إليه من أي وقت مضى، وبذلك تسقط من يد المعارضة ورقة المياه التي تضغط بها من أجل التفاوض على إطلاق المعتقلين والتخفيف من حدة الحصار. 

خطوط الماء

يشير أحد الناشطين إلى أن مدينة دمشق تتغذى من ثلاثة ينابيع عذبة تشكل خطوط دعمها مائياً إضافة إلى عشرات الآبار التي حفرها النظام والتي أثرت على كامل حوض بردى، وهذه الخطوط هي: الأول خط الفيجة، والثاني هو خط ممدود من نبع بردى في سهل مضايا، والثالث من مزرعة ديرالعشاير.

النظام السوري لم يترك لأهل الوادي أي حرية في التصرف بمياه منطقتهم التي يرتوي منها سكان الشام، ومنع عنهم سقاية مزروعاتهم، وأتى بمرتزقته ليحكموا المياه من أعلى، فاحتلت سرايا الدفاع والحرس الجمهوري ومساكن الضباط أعالي التلال المحيطة بالوادي، وصادر الأراضي، وقام بإرواء مساكن ضباطه وتجمعات مناصريه من عين الفيجة، وبقيت نصف العاصمة تشرب مياه الآبار.

الثورة.. وحرب الماء

أتت الثورة لتنصف أهالي وادي بردى، ويعود الماء إليهم هذه المرة كوسيلة ضغط على النظام الذي بدأ مع الحراك الشعبي بحملات القتل والاعتقال.

ومع سيطرة المعارضة على وادي بردى بدأت حرب المياه، ففي كل مرة يمنع فيها النظام الأهالي من دخول العاصمة، أو من إدخال المواد الأساسية والوقود، يتم قطع الماء عن العاصمة وبالتالي يتم التفاوض على ادخال هذه المواد مقابل إعادة ضخ المياه.

الأحداث الأخيرة كانت نتيجة محاولة النظام وحزب الله الوصول إلى منابع المياه، وبدؤوا معركتهم بالسيطرة على قرية هريرة، وهذا ما استدعى الرد بقطع المياه وتفجير الخط الذي يغذي العاصمة، وبالتحديد مناطق الشبيحة في المزة 86 والأحياء الداعمة للنظام.

النظام استمر بالتصعيد لاعتقاده بإمكانية الوصول إلى الينابيع، وبدأ بقصف أغلب قرى الوادي ومعها ما بقي من الزبداني وكذلك استهدف مضايا المحاصرة بالرشاشات، ومع كل هذا الضغط الميداني اضطر لإيقاف حملته لإعادة إصلاح الخط الذي تعرض للتفجير، وتحميل المعارضة المسؤولية للنظام بقصف خطوط الماء.

إصلاح الخط.. وهدوء حذر

توقف القصف العشوائي على قرى الوادي، وأرسل النظام ورشات الإصلاح لإعادة المياه إلى العاصمة، وبالتالي مرحلة جديدة من الحرب يعود فيها النظام إلى سياسة الاعتقال على الهوية لأهالي الوادي، ومن ثم الضغط من خلال الحصار الخانق، ومنع إيصال المواد الغذائية والمحروقات، والمساعدات الإنسانية إلى قرى الوادي، وتعمد القنص واستهداف المدنيين.


اللعبة تتكرر، والوادي في خطر أيضاً ككل مناطق المعارضة التي يضيق الحصار عليها بسبب التخاذل الدولي، وضعف التنسيق، وبالتالي يجب على المعارضة هناك أن تعتبر من تجارب سبقتها وآخرها ما يحدث في حلب والغوطة الشرقية.


ترك تعليق

التعليق