بعد حادثتي "الساطور" و"انسباخ".. هل يطال السوريين أي تغيير في نظرة الألمان تجاههم؟
- بواسطة إياد الجعفري - خاص - اقتصاد --
- 27 تموز 2016 --
- 0 تعليقات
فيما يرى خبراء متخصصون أن الهجمات الدامية التي شهدتها ألمانيا خلال أسبوع، بالتزامن مع هجمات دامية بفرنسا أيضاً، هي تأكيد لاتباع تنظيم "الدولة الإسلامية" لاستراتيجية جديدة، يدعونها بـ "الذئاب المنفردة"، يرى نائب ألماني سابق، سوري الأصل، أن قوى عالمية متطرفة، من الطرفين، تريد لهذه الأحداث أن تقع، لتكون تمهيداً لصدام الحضارات الذي تسعى إليه، ناهيك عن حكومات تستغل تلك الأحداث لتمرير سياساتها، دون أن ننسى مصالح قوى اليمين المتطرف في أوروبا، التي تنتعش بفعل تلك الأحداث، وتصعد.
هجمة بـ "ساطور"، ومن ثم تفجير قنبلة قرابة حفل موسيقي، في انسباخ بألمانيا، كانت كفيلة بإشاعة المخاوف في أوساط بعض السوريين المقيمين في ذلك البلد.
فألمانيا كانت أكثر البلاد ترحاباً بالسوريين، حكومةً وشعباً، حسبما يعتقد الكثير من السوريين، الأمر الذي يهدد أفضل معاقلهم المتاحة في أوروبا.
جمال قارصلي، الذي سبق أن خاض غمار التجربة النيابية في ألمانيا، مطلع الألفية الراهنة، يعتقد أن للأحدث الدامية التي شهدتها ألمانيا في أسبوع، والتي تورط سوريَين في اثنين منها، خلفيات ودوافع أكبر مما يظهر. ويرى أن هناك قوى عالمية تريد لهذه الأحداث أن تقع بالفعل.
لكن ذلك لا ينفي، حسب قارصلي، المتحدر من منبج، شمال شرق حلب، أن شبيحة من النظام، وكذلك متطرفين غيروا ولائهم لاحقاً، ناهيك عن مضطربين نفسياً، متواجدين في صفوف اللاجئين السوريين في ألمانيا.
وينوه قارصلي إلى أن السوريين يتمتعون بسمعة طيبة في الشارع الألماني، فهم في معظمهم مثقفون، ومتميزون، ناهيك عن أن المشكلات الصادرة من أوساطهم هي الأقل، مقارنةً بجنسيات لاجئين آخرين.
لذلك، لا يعتقد قارصلي، حتى الآن، أن هناك خطر يتهدد الترحاب الألماني العام، بالسوريين، والموقف الإيجابي حيالهم. لكن ذلك لا ينفي أن تكرار حوادث يتورط فيها سوريون، ستؤدي دون شك، في نهاية المطاف، إلى النيل من تلك الإيجابية.
يتمتع السوريّ في ألمانيا بوضعية خاصة، حتى أن القرارات الصعبة لنيل الإقامة، هدفها، في رأي قارصلي، غربلة اللاجئين الموجودين في ألمانيا، لصالح السوريين في نهاية المطاف.
لكن، كيف نفسر تورط سوريَين في اثنين من أربع هجمات دامية في ألمانيا، خلال أسبوع؟، وهل يمكن أن نشهد تكراراً لهذا التورط؟، وكيف يمكن تلافي ذلك؟
يقرّ قارصلي بأن هناك أسباب موضوعية تدفع الكثير من الشباب السوري إلى الاكتئاب في ألمانيا، فبعض السوريين، لم يُنظر في طلبات لجوئهم منذ أكثر من سنة، فيما أن آخرين جاؤوا بعدهم، وأخذوا الإقامة قبلهم، الأمر الذي يؤكد وجود مشكلات في أداء السلطات الألمانية المعنية.
ويرجع قارصلي ذلك إلى وجود حاجة لكادر أكبر من الموظفين الألمان، لحل مشكلات اللاجئين، وفرزهم، ومعالجة ملفاتهم.
ويوضح النائب الألماني السابق، أن بقاء شاب لأكثر من سنة دون أن يعرف مصيره، إن كان سيبقى في ألمانيا، أو سيُرحل، كفيل باتجاه بعضهم إلى الاكتئاب.
وظاهرة "الذئاب المنفردة"، حسب تعريف مختصين أمنيين، مفادها اعتماد تنظيم الدولة على تنفيذ أفراد لا يرتبطون به بشكل منظم، لعمليات، يعلنون في تسجيل قبلها مبايعتهم للتنظيم، فقط، دون أي ارتباطات حقيقية بالتنظيم. وهي وسيلة لتجنيد أكبر قدر ممكن من الشباب المكتئب، والتائه، والمضطرب نفسياً، حسب المختصين.
ويرى مراقبون أن ما حدث في ألمانيا خلال الأسبوع الماضي، يؤكد اعتماد التنظيم لاستراتيجية "الذئاب المنفردة"، وهو أمر يهدد بتكرار حوادث من هذا النوع.
وحسب المصادر الألمانية، فإن الشابين السوريين الذين تورطا في الهجومين الأخيرين، كانت لديهما مشكلات نفسية، واضطرابات سلوكية، وأحدهما كان عُرضة للترحيل.
ويعتقد مختصون أن تنظيم الدولة يراهن على تجنيد أكبر قدر ممكن من شريحة الشباب هذه.
وهي قضية، يؤكد جمال قارصلي، على حساسيتها، فالشاب السوري الذي ليس لديه حافز، وغير القادر على الاندماج، بسبب مشكلات بيروقراطية لدى السلطات الألمانية، بحيث يبقى مستقبله مجهولاً بالنسبة له، لفترة طويلة، يعجز خلالها عن العمل، أو القيام بأي خطوة ترسم معالم مستقبله، كل تلك الجوانب، قد تؤسس لحالات اضطراب نفسي، بين بعض الشباب.
وأكد جمال قارصلي شجب أي شكل من أشكال الإرهاب والإجرام، لكنه في الوقت نفسه، يرى أن بقاء أعداد كبيرة من الشباب السوري، معلقين في المجهول، دون أن يُنظر في إقاماتهم، لأكثر من سنة، هي مشكلة عويصة. فبعض الشباب، وهم قلّة، لكنهم موجودن، لديهم الاستعداد النفسي لتقبل إشارات الجماعات المتطرفة، إذ تجد الأخيرة أنها قادرة على استقطابهم، مستغلة ظروفهم النفسية.
وهكذا، تتحمل السلطات الألمانية جانباً من المسؤولية، حينما فتحت الحدود على مصراعيها، دون أن تمتلك القدرات الإدارية الكافية لفرز ومعالجة ملفات المهاجرين الذين دخلوا أراضيها، والذين وصلوا إلى حوالي 11 ألف مهاجر يومياً، خلال العام الماضي.
لكن هل كامل المسؤولية تقع على السلطات الألمانية؟
يرى قارصلي أن المهاجرين السوريين يتحملون بدورهم جانباً من المسؤولية، إذ عليهم أن يراعوا جملة من المحاذير والسلوكيات، التي تخدم قدرتهم على الاندماج مع المجتمع الألماني.
وبهذا الصدد كتب قارصلي مقالاً مفصلاً، ضمنه نصائح سلوكية واجتماعية، وجهها للمهاجرين السوريين في ألمانيا، من وحي خبرته كمهاجر قديم، يقيم في ألمانيا منذ أكثر من 35 سنة.
وفي مقاله المعنون، "نصائح لمهاجر إلى بلاد المطامح"، يصوغ قارصلي جملة من النصائح حول كيفية التصرف في ألمانيا، لتحصيل أفضل قدرة على الاندماج.
ورغم أن المهاجرين السوريين يضمون أعلى نسب المثقفين والمتعلمين، إلا أنه في صفوفهم أناس قادمين من مناطق نائية بسوريا، الأمر الذي أحدث لديهم، "صدمة حضارية" في ألمانيا، لم يستطيعوا تحملها أو التأقلم معها بسرعة، حسب وصف قارصلي.
ويلح قارصلي على أهمية كسر حاجز اللغة، منوهاً إلى أنه مهما كان السوريّ، نابغة، لن يستطيع النجاح في مجاله، إلا إن كسر حاجز اللغة الألمانية.
وتتيح السلطات الألمانية دورات مجانية للاجئين السوريين، في بداية التحاقهم بمشوار اللجوء.
وفي الختام، يعتقد جمال قارصلي أن وضع السوريين في ألمانيا، وموقف الرأي العام الألماني حيالهم، ما يزال مطمئناً، مشيراً إلى أن الألمان قادرين على التمييز بين السوريين، وبين جنسيات عربية ومسلمة أخرى، إذ يتميز السوريّ بسمعة طيبة عموماً.
التعليق