عنوانها في لندن، مغسلة.. سيدة سورية تقع في حبائل إحدى شركات "الفوركس"



تحدثت سيدة سورية مقيمة في إحدى دول الخليج لـ "اقتصاد" عن تجربتها مع إحدى شركات تداول العملات الأجنبية (أو ما يدعى بالفوركس)، وذكرت أن القصة بدأت منذ عام ونصف تقريباً، عندما تلقت اتصالاً هاتفياً من رقم أميركي، والشخص كان يتكلم اللغة العربية بلهجة فلسطيينة أو أردنية، وعرّف عن نفسه بأنه يعمل لدى شركة تدعى "باندا أوبشن"، وأنها واحدة من شركات الفوركس التي تعمل بنظام الخيارات الثنائية، والذي يعتبر طريقة حديثة للتداول وتحمل هامش أمان أفضل من الأدوات الأخرى مع نسبة أرباح كبيرة.
 
"كان الانطباع الأول إيجابياً حيث أن الشخص كان مهذباً بطريقة تعريفه عن الشركة وطرق التداول من خلالها وتحدث من دون ضغط أو استعراض للمعلومات وأعطاني الخيار بالتواصل معه في حال وافقت واقتنعت بالدخول في هذا المجال. وهذا كان أحد الأسباب لأخذ هذا الخيار بعين الاعتبار وخاصة أنه لم يتواصل معي بعد ذلك للإصرار على اقناعي"، فصّلت المتحدثة.
 
وتواصل السيدة السورية قصتها مفصلةً أنها ذهبت الى الموقع الالكتروني للشركة وبحثت عن اسمها وعنوانها في فقرة "تواصل معنا" وبحثت عن أي تعليق حولها على الانترنت وإن كانت شركة وهمية أم لا، ولكن ما أراحها أن الشركة كانت في بريطانيا وعنوانها واضح في لندن كما تمكنت من معرفة سجلها التجاري واسم المالك.  

بعد شهر تقريباً تواصلت السيدة السورية مع ممثل الشركة وأخبرته أنها وضعت مبلغ 100 دولار في حسابها بالشركة لتبدأ المرحلة الثانية وهي التعامل مع مدير الحساب.  

"عند إجراء الحوالة عن طريق بطاقة الائتمان، تأكدت أن الحوالة ذهبت إلى بنك في بريطانيا، وللمزيد من الأمان، طلبت من مدير الحساب إرسال فاتورة لي للتأكد من اسم البنك وعنوانه ورقم الحساب، وكان من البنوك المعروفة في بريطانيا (باركيلز)، وهذا جعلني  أشعر بالأمان بأنه من الممكن الحصول على الحقوق في حال حدوث أي مشاكل وكذلك للتأكد من عدم وجود غسيل أموال".

بدأت المتحدثة بالتداول بمبلغ 100 دولار، وكانت الصفقات تجرى من خلال اتصال هاتفي من قبل مدير الحساب وبقيمة 10 أو 20 دولار للصفقة بناء على المعطيات لدى مدير الحساب، وهذا ما كان عاملاً آخر للثقة بعدم خسارة المال المودع إذ أن الصفقات تجرى من قبل خبير ولديه بيانات دقيقة حول تغيرات العملات.

"اقترح علي مدير الحساب اضافة مبلغ 250 دولار وعندها سوف احصل على دعم bonus  واتمكن من خلاله إجراء الصفقات من دون الإضرار برأس المال، فوافقت من باب التجربة، جرت الأمور بنجاح لبعض الوقت ولكني قمت بنفسي بعدة صفقات خاسرة وأدركت عندها أن هذا ليس مجالي وقررت الانسحاب وخاصة أنني لست مضطرة لتعريض نفسي للتوتر حيث أن لدي دخلاً شهرياً جيداً، وأخبرت مدير الحساب بذلك، ولكنه سألني عن هدفي من دخول هذا المجال بالبداية، فقلت له أنها كانت مجرد تجربة للتعرف على طريقة للحصول على دخل اضافي وخاصة أنني أردت مساعدة الكثير من المحتاجين في سوريا، وعبّر لي عن دعمه لهذا الهدف الإنساني وأنه سوف يساعدني قدر المستطاع لتحقيق هدفي، وقد كان لدي ما يكفي من الغباء لأصدق هذا الكلام".
 
بعد ذلك وحسب محدثتنا اقترح عليها مدير الحساب إضافة مبلغ 5000 دولار لتحصل على دعم إضافي وفعلت ذلك واستمرا  بالتداول سوية من خلال صفقات تجري عبر الاتصال الهاتفي واستمر الموضوع بنجاح وتم بناء المحفظة الاستثمارية بشكل جيد، وعند وصول  المبلغ لحدود 12 ألف دولار، اقترح عليها إكمال المبلغ حتى 20 ألف دولار للحصول على فرصة الدخول في صفقات محمية من دون خسائر، وقد فعلت كذلك وتم الاستفادة من هذه الميزة لمدة شهرين ثم بدأ التهرب من هذا الالتزام بعدة مبررات.  

على حسب محدثتنا أن الأمور جرت بكل مهنية وسلاسة مع بناء المحفظة الاستثمارية بطريقة تصاعدية مع اعطاء الملاحظات والدروس حول التداول وطرق معرفة الأخبار الاقتصادية وكيفية اختيار الصفقات لمدة تسعة أشهر تقريباً (من آذار/ مارس 2015 حتى كانون الثاني/يناير 2016)، وقد هناك هدف للوصول لمبلغ 100 ألف دولار ومن بعدها سوف يتولى مدير الحساب إدارة المحفظة بشكل كامل، ولكن عندما وصلت الأرباح لحدود 70 ألف دولار، بدأت محدثتنا تشعر بتغيّر في التعامل وعدم التزام بالوعود والتهرب من الموافقة على طلبات السحب وإهمال الحساب مع تلميحات لضرورة إضافة المزيد من الأموال وليس فقط الاعتماد على الأرباح للوصول للهدف، وبعد هذا الوقت بقليل لاحظت المتحدثة تغير اسم الشركة المالكة وتغير العنوان ليصبح في بلغاريا.
 
"لكن شكوكي بدأت عندما تم تحويل فاتورة لي في بداية هذه السنة إلى بنك في الصين، ففكرت بخطر وجود تهرب من الضرائب أو غسيل أموال"، لفتت المتحدثة.  

بعد ذلك تم تغيير طبيعة الحساب الاستثماري وتغيير الموقع الالكتروني بشكل كامل إلى  www.pandaoptionvip.com   وكان هناك مشكلة كبيرة هي وجود خطأ في بيانات الإجراءات المالية (ايداع، دعم، طلب سحب) حيث كان هناك مقدار لدعم (bonus) تم مضاعفته 100 مرة، مما يؤثر على إمكانية الموافقة على  سحب الأرباح لاحقاً.
 

(صورة الموقع الالكتروني للشركة)

"لم أعد أشعر بالراحة للتعامل مع الشركة، وطلبت سحب الايداع واغلاق الحساب، هنا بدأت المشاكل الحقيقية، في البداية وافقواعلى طلب سحب  20 ألف دولار، وانتظرت أسبوعين ولم تصل الحوالة إلى بنكي  مع أن النقود تم سحبها من حسابي مع الشركة وبعد يومين أخبرني مدير الحساب أن التحويلة توقفت بسبب وجود صفقات بقيمة 17 ألف دولار يجب إجرائها للتمكن من اتمام طلب السحب، وطلبت منه تأكيد ذلك  كتابياً وأرسل لي رسالة على الواتس اب مؤكداً ذلك".

قامت المتحدثة بالتداول بهذا المقدار خلال يوم، لكن بعد ذلك أخبرها مدير الحساب بأن هناك خطأ بحساب حجم الصفقات المفروض القيام بها وأنها بمقدار مليون ونصف دولار، ومن ثم قاموا بإستعادة المبلغ الذي تمت الموافقة على سحبه  بمقدار 20 ألف دولار وتمت تسميته على أنه دعم  (bonus )، أي بكلمة أخرى أنه يعتبر بمثابة الدين من الشركة ويجب القيام بصفقات بمقدار 30 ضعف هذا المبلغ للتمكن من سحب أي مبلغ حتى لو كان دولاراً واحداً.

 وبالتالي، عند إضافة هذا المبلغ إلى الدعم الوهمي والذي تمت مضاعفته قصداً بـ 100 ومبلغ آخر تمت إعادته ولكن لم يتم تسجيله على أنه "دعم" أيضاً، أصبح لدى المتحدثة دعم وهمي يساوي أربعة أضعاف ما تلقته من الشركة (تقريباً 60 ألف دولار) وبالتالي إذا لم تقم بإجراء صفقات بمقدار 30 ضعف هذا المبلغ، لن تستطع إجراء أي سحوبات نقدية.

"تواصلت مع مدير الحساب ومع الادارة المالية، ولكن مدير الحساب بدأ بابتزازي ومطالبتي بايداع مبلغ 5000 دولار للتخلص من كل الأخطاء المقصودة والموافقة على طلب السحب النقدي، وطلبت منه تأكيد ذلك كتابياً، ولكنه لم يفعل. أخبرت الشركة بمحاولة الابتزاز من قبل مدير الحساب على أمل أن يكون ذلك مجرد تصرف فردي، ولكني لم أرى أي تغير في حسابي ولم أسمع أي رد من الشركة".
 
تواصل "اقتصاد" مع الشركة ومع مدير الحساب لتفسير النقاط التي ذكرتها محدثتنا، ولكن لم يكن هناك أي رد.

وآخر ما توصلت له الشركة عبر مدير الحساب هو امكانية اعطاء المتحدثة بطاقة ائتمان بقيمة 5000 دولار بشرط دفع 5000 دولار سلفاً، وبذلك تتمكن من إجراء السحب النقدي عبر البطاقة الائتمانية بقيمة 5000 دولار كل 24 ساعة، والغريب أن مدير الحساب أخبرها أن السحب يجب أن يجري بنفس الوقت بالضبط كل يوم، وإلا لن تتمكن من الحصول على النقود.

وقالت المتحدثة أن ما أثار استغرابها أن مدير الحساب قام بإرسال صورة لبطاقة ائتمانية لأحد المستثمرين من دون إخفاء أي من التفاصيل (الرقم كاملاً، واسم المستثمر وتاريخ الإنتهاء)، وهذا يعتبر من الخروقات الخطيرة لخصوصية المستثمرين والزبائن.

"عندما رفضت طلبه لدفع 5000 دولار قام مدير الحساب بإجراء صفقة بكل ما لدي من نقود في المحفظة الاستثمارية ونحن نناقش خيارات اصلاح الأخطاء، والمضحك المبكي أن الصفقة تنتهي بعد سنتين أي في 2018"، تابعت المتحدثة.
 
قامت بعدها المتحدثة بالتواصل مع خدمة الزبائن، وكالعادة اتصلت على الرقم البريطاني ورد عليها الشخص الذي في فرع نيويورك وأخبرته عمّا حصل، وبعد عدة دقائق عاود الاتصال بها وأخبرها بأن الصفقة يمكن أن تلغى بشرط دفع 5000 دولار حسب ما أخبره قسم الادارة المالية.
 
في اليوم التالي، حاول مدير الحساب التواصل معها واكد على طلبه بدفع 5000 دولار، وأخبرته أنها لن تقوم بدفع أي مبلغ وأنها لا تمانع بانتظار الصفقة حتى 2018  فقد تكون رابحة لحينها.

وبعد ساعة تقريباً اتصل بها وأخبرها أن تفتح حسابها على الانترنت لأنه سوف يصلح الأخطاء، وفيما كانت تحاول الدخول قال لها أنه ألغى الصفقة لأن الإدارة المالية لم توافق عليها وأنها سوف تخسر 20% من قيمة الصفقة وعندما تمكنت من الدخول إلى الحساب وجدت أنه يحتوي على 20% فقط من قيمة الصفقة، وليس العكس، ثم قال لها أنها تُعتبر قد وافقت على الصفقة بمجرد دخولها على الحساب وأنه قام بالصفقة من حسابها بالنيابة عنها ويبدو على النظام البنكي وكأنها هي من قامت بالصفقة، وهذا يعتبر تصرف بأموال وحسابات المستثمرين من دون إعلامهم مسبقاً بما سوف يجرى وأخذ الموافقة بعد فهم كل شيء، هذا نوع  نوع من أنواع الخداع والنصب، حسب وصف متحدثتنا.

بدأ "اقتصاد" بالبحث في القضية وتأكد من وجود تلاعب وتغيير ببيانات الإجراءات المالية للمتحدثة وبدأ بالبحث عن الشركة وخاصة من ناحية احتمال غسيل الأموال والتهرب من الضرائب والتلاعب ببيانات المستثمرين وتمت ملاحظة العديد من النقاط المثيرة للشكوك.

الموقع الالكتروني القديم للشركة قد تم إغلاقه ولا يمكن الوصول إليه وعند كتابة (www.pandaoption.com) يتم الذهاب إلى الموقع الجديد (www.pandaoptionvip.com) وهذا يعني أنه قد تم تحويل كل بيانات المستثمرين والمحافظ الاستثمارية إلى الموقع الجديد وبالتالي بيانات المستثمرين الحقيقية أصبحت عرضة للضياع لأنه لم يعد بالإمكان الوصول إلى الحساب القديم ولن يتم عرضها في الموقع الالكتروني الجديد إلّا حسب رغبة الشركة، ومن المتوقع أن هذه الأخطاء المتعمدة والابتزاز الواضح قد حدث مع الكثيرين ولكنهم لم يلاحظوا أو لا يعرفوا ما عليهم فعله وخاصة أن القسم العربي من الشركة يستهدف العرب في كل مكان بالوطن العربي وخاصة في دول الخليج.  

(الموقع الالكتروني القديم للشركة)

عند التدقيق بالموقع الالكتروني للشركة، تمت ملاحظة نقاط مضحكة نوعاً ما  وتدل على عدم مهنية الشركة الجديدة، ومنها (خطأ املائي في كتابة كلمة successful ) عند الدخول الى الحساب حيث أنها كتبت على شكل (successfull)،  وكذلك الموقع الجغرافي للشركة على موقعها الالكتروني في فقرة تواصل معنا هو لمكان في لندن، وقد تم تحديد اسمه Temple Fortune   وهو  مغسلة  (dry-clean) ورقم الهاتف المعروض على الخريطة و موقع غوغل مختلف عن رقم الشركة، مما يوحي باحتمال تحول الشركة إلى شركة وهمية أو يشوبها الكثير من علامات الاستفهام بعد اننقالها إلى بلغاريا.
 


(عنوان الشركة يظهر في لندن على أنه مغسلة باسم Temple Fortune  )

بالإضافة لذلك، ذكرت محدثتنا أن مدير الحساب قد أخبرها مرة أنه يمكنها إجراء حوالات بنكية إلى بنك في السعودية، وقد اقترح "اقتصاد" طلب تفاصيل البنك في السعودية من مدير الحساب لإجراء التحويل النقدي بحجة أنه أسهل، وقد زودها بتفاصل الحساب البنكي لشركة تدعى (صفوة المتميزون لتقنية المعلومات) وعند البحث عن الشركة على الانترنت، لوحظ أنها الشركة المسؤولة عن موقع (www.crazyia.com) للتجارة عبر الانترنت.

وقامت بعدها المتحدثة بإجراء حوالة نقدية بمبلغ بسيط إلى رقم حساب الشركة السعودية، وتمت العملية بنجاح.

 كذلك قام "اقتصاد" بالتواصل مع الشركة عبر موقع CRAZYIA  للسؤال عن علاقتهم مع شركة باندا أوبشن، ولكن لم يحصل على رد.
 
باختصار، يمكن ملاحظة ما يلي حول شركة "باندا أوبشن": العنوان الموجود على الموقع الالكتروني في فقرة "تواصل معنا" هو في لندن، بريطانيا، ورقم الهاتف هو رقم بريطاني أيضاً، ولكن عند الاتصال به، يجيب الأشخاص في فرع نيويورك، والشركة المالكة أصبحت في بلغاريا والتحويلات النبكية تصل الى الصين والسعودية والتحويلات عن طريق بطاقة الائتمان تصل إلى بلغاريا.

 كل هذا الأشياء تثير الشكوك حول وجود محاولات للتهرب من الضرائب وغسيل الأموال ويمكن أن تعرّض مصالح الكثيرين للخطر.

 في النهاية تقول متحدثتنا أنها سوف تقوم بالإجراءات القانونية اللازمة للتحري عن تهرب الشركة من الضرائب في بريطانيا وأميركا وبلغاريا، والتحقيق حول وجود محاولات لغسيل أموال أو تهرب من الضرائب، بالإضافة للشكوى بخصوص الغش والتلاعب بالبيانات وخرق خصوصية المستثمرين، حيث أن هذه الإجراءات أصبحت سهلة عن طريق إملاء المعلومات اللازمة للتحقيق من خلال المواقع الالكترونية للعديد من المؤسسات المختصة بذلك.

أما من الناحية الشخصية فتقول: "أنا اشعر بالغضب من نفسي لأني تخيلت أنه من الممكن ايجاد  أشخاص يحملون  قيماً إنسانية ومن الممكن الثقة بهم في مثل ذلك المكان المادي وغير الأخلاقي، مع أنني لم أخسر الكثير من رأس المال ولا يزال لدي الجزء الأكبر منه محجوز لدى الشركة، ولكني أشعر بأنه علي العمل بكل استطاعتي لكشف وسائل الشركة لخداع المستثمرين والتلاعب ببياناتهم، وكذلك لمعاقبة المسؤولين في حال وجود حالات للتهرب من الضرائب وغسيل أموال، بالإضافة للتواصل مع المستثمرين لنصحهم حول الطرق القانونية لاسترجاع حقوقهم، وقد تمكنت من التواصل مع البعض منهم".
 
في الختام، ينوه "اقتصاد" إلى أن لشركة باندا أوبشن حق الرد على كل النقاط الواردة بالتقرير، مع أنه قد تم التواصل معها حول النقاط التي ذكرتها المتحدثة ولم يحصل على أي رد.

مادة ذات صلة:

قصص واقعية لسوريين.. أغنتهم "الفوركس"، أو أفقرتهم

ترك تعليق

التعليق