إسرائيل تحتاج تركيا لنقل غازها إلى العالم عبر قبرص الرومية (خبراء)


تبحث إسرائيل عن طريق قصيرة وآمنة لتدفق الغاز من حقول الغاز التي تملكها في مياه البحر المتوسط إلى أوروبا، بأقل تكلفة ممكنة عبر أنابيب ضخمة.

وقال باتريك هيذر، زميل أبحاث أول في معهد "أكسفورد لدراسات الطاقة" في حديث خاص مع الأناضول: "بهدف تحقيق تطور حيوي في مجال إنتاج وتجارة الغاز، تحتاج إسرائيل للاستفادة من الخط الأقصر لنقل غازها، وذلك عبر حقول النفط البحرية الكائنة في قبرص الرومية إلى تركيا ومنها إلى العالم".

وأضاف هيذر خلال حضوره الدورة الصيفية الثانية لطاقة أوراسيا التي نظّمها معهد سياسات وأسواق الطاقة (EPPEN) (مؤسسة بحثية معّنية بدراسات الطاقة الاستراتيجية مقرها العاصمة أنقرة) أن "الجغرافيا السياسية تلعب دوراً هاماً، باعتبارها تشكل بوابة تجارية لنقل الغاز الإسرائيلي عبر قبرص الرومية إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا والعالم".

وأشاد بتوجه السياسة التركية لتطبيع علاقاتها مع روسيا وإسرائيل، وزاد: "نحن سعداء لسماع هذه الأخبار الجيدة التي من شأنها أن تساهم في استقرار المنطقة ككل".

ولفت إلى أن "لهذه الخطوات الجديدة آثار إيجابية كبيرة لم تقتصر على الجانب الإنساني فحسب، بل تعدته لتشمل النمو التجاري العالمي، الذي ينعكس طردياً والاستقرار السياسي".

وفي 27 يونيو/ حزيران الماضي، أعلن الطرفان الإسرائيلي والتركي، توصلهم إلى تفاهم حول تطبيع العلاقات بينهما، وقال رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم، إنه تمت تلبية جميع شروط بلاده، مشيراً إلى أنه سيتم تعيين سفراء بين البلدين، بعد المصادقة على التفاهم من قبل الحكومة الإسرائيلية والبرلمان التركي.

وعلى ضوء التعاون الإسرائيلي التركي المستقبلي المحتمل في مجال الطاقة، دعا الخبير نفسه الجهات المعنية لتسوية القضية القبرصية في "أسرع وقت ممكن".

وتملك إسرائيل 8 حقول غاز في مياه البحر المتوسط، وفشلت خلال الفترة الماضية من تصدير الغاز إلى دول الجوار (فلسطين، الأردن، مصر) بعد مباحثات معها استمرت أعواماً.

ومنذ سنوات تناقش العديد من الشركات التركية والإسرائيلية الخاصة مشروع خط أنابيب غاز محتمل بين البلدين، لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، من حقل الغاز الإسرائيلي "لفيثان"، الذي تقدر احتياطياته بنحو 18 تريليون قدم مكعبة (520 مليار متر مكعب).

ويبعد حقل "لفيثان" حوالي 130 كم قبالة ميناء حيفا (غرب)، فيما يبعد قرابة 180 كم من ميناء " ليماسول" القبرصي.

ويرى خبير الطاقة "هيذر" أن "التطورات الميدانية شرقي البحر الأبيض المتوسط (بالإشارة إلى جزيرة قبرص، المنقسمة إلى شطرين، شمالي وجنوبي)، تلقي بظلالها على إمكانية تحقيق إسرائيل تطلعاتها التجارية في مجال الطاقة".

وشدد "هيذر" على أهمية الحقول البحرية القبرصية، كونها أحد أقصر وأفضل الطرق لنقل الغاز الإسرائيلي إلى تركيا، في ظل الظروف السياسية الراهنة في المنطقة، التي تحول دون اتباع طرق بديلة عبر لبنان وسوريا.

وأضاف أن "مشروع مّد خطوط أنابيب تحت المياه، لنقل الغاز الإسرائيلي مُكلف للغاية، إلا أنه ينأى بنفسه من مخاطر الصراعات السياسية القائمة في المنطقة".

من جهته، قال فولكان أوزدمير، رئيس معهد سياسات وأسواق الطاقة: "في حال ارتأت تركيا شراء الغاز الإسرائيلي من أجل زيادة تنويع الطاقة، فمن الممكن قيامها بشراء الغاز في شكل غاز طبيعي المسال (LNG)، وذلك من خلال الاستفادة من إمكانياتها لاستيراد الغاز الطبيعي غير المستغلة مسبقاً، أو حتى من خلال بناء محطة ثالثة خاصة لهذا الغرض".

وأوضح أن "الانخفاض الحالي في أسعار الغاز، يعيق الجهود الرامية للاستثمار في الغاز الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن "التوقعات تبين أن عام 2020، هو أقرب موعد محتمل لبدء نقل الغاز الإسرائيلي إلى الخارج".

ونوّه الخبير إلى احتمالية تزايد المصالح الروسية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، خلال الأشهر المقبلة، وذلك في ظل معطيات جديدة تظهر تطّلعات القوى العظمى، بما يخص سوق الطاقة".

ومن المتوقع أن يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، قبل قمة العشرين التي ستعقد في الصين خلال سبتمبر/أيلول المقبل، بحسب ما ذكر سابقاً المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف.

وأعلنت روسيا مطلع ديسمبر/كانون أول 2014، إلغاء مشروع خط أنابيب "السيل الجنوبي"، الذي كان ينبغي أن يمر تحت البحر الأسود وعبر بلغاريا لتوريد الغاز إلى جمهوريات البلقان والمجر والنمسا وإيطاليا، وتم التخلي عن المشروع بسبب موقف الاتحاد الأوروبي الذي يعارض ما يعتبره احتكاراً للمشروع من شركة الغاز الروسية "غاز بروم".

وبدلاً منه، قررت روسيا مد أنابيب لنقل الغاز عبر تركيا "السيل التركي"، يصل حتى الحدود مع اليونان، على أن يتم هناك إنشاء مجمع للغاز لتوريده فيما بعد للمستهلكين جنوب أوروبا.

ويبلغ حجم ضخ الغاز الروسي في شبكة "السيل التركي" 63 مليار متر مكعب سنوياً منها 47 مليار متر مكعب ستذهب للسوق الأوروبية، فيما سيخصص 16 مليار متر مكعب للاستهلاك التركي.

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أشار في مقابلة تلفزيونية سابقة، إلى أن تركيا هي الطريق الأنسب لنقل غاز المنطقة إلى السوق الأوروبية، وأنها "تُعدّ بمثابة مركز لخطوط أنابيب الغاز والبترول القادم من الشمال والشرق والجنوب"، مبيناً أن الحكومة التركية "ستوافق دائماً على التعاون مع الدول الأخرى كـ "دولة ترانزيت".

وفي ردّه على سؤال حول تقييمه لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي قال فيها إن "تركيا وليس اليونان هي التي لعبت دور الوسيط في نقل الغاز الإسرائيلي إلى الغرب"، قال جاويش أوغلو إن إسرائيل ترغب بالتعاون مع تركيا في مسألة الغاز الطبيعي المُستخرج من المنطقة.

وتعاني جزيرة قبرص من الانقسام بين شطرين، تركي في الشمال ورومي في الجنوب، منذ عام 1974 وفي عام 2004 رفض القبارصة الروم خطة الأمم المتحدة لتوحيد الجزيرة المقسمة.

وسبق أن تبنى زعيم جمهورية شمال قبرص التركية السابق، درويش أر أوغلو، ونظيره الجنوبي، نيكوس اناستاسيادس، في 11 فبراير/ شباط 2014 "إعلاناً مشتركاً"، يمهّد لاستئناف المفاوضات التي تدعمها الأمم المتحدة لتسوية القضية القبرصية، بعد توقف الجولة الأخيرة في مارس/آذار 2011، عقب الإخفاق في الاتفاق بشأن عدة قضايا، بينها تقاسم السلطة وحقوق الممتلكات والأراضي.

وشهدت العلاقات الروسية التركية أزمة دبلوماسية، على خلفية حادث إسقاط الطائرة الروسية، التي اخترقت المجال الجوي التركي في نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، وأعلنت رئاسة هيئة الأركان الروسية قطع موسكو علاقاتها العسكرية مع أنقرة إلى جانب فرض قيود على البضائع التركية المصدرة إلى روسيا، كما بادرت موسكو بفرض عقوبات اقتصادية على أنقرة.

ترك تعليق

التعليق