ريف درعا الغربي.. الأطفال والنساء أبطال عمليات تهريب معقدة للمشتقات النفطية والدخان


أدت الإجراءات المفروضة على منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، منذ شهر آذار الماضي، والمتمثلة في منع دخول المشتقات النفطية إلى مناطق سيطرة لواء شهداء اليرموك، وفقاً لقرار الجبهة الجنوبية، ومنع جيش خالد بن الوليد /المكون الجديد من توحد لواء شهداء اليرموك وحركة المثنى الإسلامية والمجاهدين/، بيع الدخان أو تداوله في المناطق الواقعة تحت سيطرته، أدت تلك الإجراءات  إلى تنشيط عمليات تهريب الدخان والمشتقات النفطية عبر حواجز الأطراف المتقاتلة، وإيجاد جبهات عمل مدرة للدخل، لفئات جديدة دخلت سوق العمل، غالبية أبطالها هم من الأطفال والنساء، الذين يتصدوا في هذه الظروف الصعبة لإعالة أسرهم بعد أن توقف الرجال عن ممارسة أية أعمال.

أحمد 11 عاماً، من إحدى قرى حوض اليرموك يقول "أذهب يومياً في حال هدوء الجبهات وتوقف الاشتباكات بين قوات خالد بن الوليد والجيش الحر إلى بلدة تسيل أو سحم، الواقعة تحت سلطة الجيش الحر، وأشتري من هناك كميات من البنزين بقدر ما أستطيع حمله، وغالباً ما يكون نحو عشرة لترات، أحملها في بادون، أو زجاجات كولا، وأمر بها خفية دون أن ينتبه لي أحد عبر حواجز الجيش الحر، وأقوم ببيعها في مناطق سيطرة جيش خالد بن الوليد، في قرى حوض اليرموك".

ويلفت أحمد إلى أنه أحياناً يذهب مرتين لجلب البنزين، وأنه يربح على كل لتر نحو 300 ليرة سورية، أو أكثر قليلاً، وأن ما يحققه من أرباح يومية مبلغ جيد، يسلمه لوالده الذي توقف عمله بسبب إصابته بشظية، أدت إلى بتر قدمه، ما جعلته غير قادر على ممارسة أي عمل.  

فيما أكد صديقه ورفيقه في عمليات التهريب، عبدا لله، 12 عاماً،  أنه يخفي البنزين في علب كولا بين جملة أغراض يمر بها عبر الحواجز، وغالباً ما تكون في أوعية بلاستيكية رقيقة"، لافتاً إلى أن الأطفال غالباً لا يتم تفتيشهم بشكل دقيق، الأمر الذي يشجعهم على إدخال بعض الكميات من البنزين.

وأضاف أنه "لا يتعامل بتهريب الدخان، لأن هناك تشديد في التفتيش على حواجز جيش  خالد بن الوليد، ومن يمسك يعاقب بعقوبات شديدة"، مشيراً إلى أنه بدأ يعمل في تهريب البنزين لأنه لا يوجد عمل للكبار، وأن والده الذي كان يعيل الأسرة معتقل لدى النظام منذ أكثر من عام ولا أحد يعرف مكانه منذ اعتقاله على حاجز خربة غزالة، أثناء ذهابه لاستلام راتبه حيث كان يعمل في شركة كهرباء درعا.

فيما أكد غياث، 17عاماً، أن "الحاجة أم الاختراع"، وقال: "في عز الأزمة وعندما سمح فقط بإدخال الغاز المنزلي إلى المنطقة كنت أدخل البنزين"، لافتاً إلى أن أسطوانة الغاز المنزلي، وسيلة  مثالية لتهريب البنزين، حيث كان يتم تعبئة الأسطوانة بالبنزين بدلاً من الغاز بعد تفريغها من الضغط.

وأضاف أن الأسطوانة تتسع لنحو 25 ليتر بنزين، وكان يربح على اللتر أكثر من 400 ليرة سورية نتيجة قلة البنزين في منطقة حوض اليرموك، مشيراً إلى أنه أقلع عن استخدام اسطوانات الغاز في نقل البنزين بعد أن اكتشفت هذه الطريقة بوشاية للحاجز تم خلالها إلقاء القبض على عدد من الأشخاص والتحقيق معهم ومعاقبتهم، كما قال.  

فيما أكدت ثريا، 42 عاماً، أن للباس الشرعي والخمار واللباس الفضفاض الذي فرضه جيش خالد بن الوليد على النساء في منطقة سيطرته، محاسن جيدة، لدوره في عمليات إخفاء المواد، ولا سيما المشتقات النفطية، لافتة إلى أنها كانت تمرر عدة لترات من البنزين، وبعض كروزات الدخان من خلال وضعها ضمن أحزمة على منطقة البطن.

وأضافت أن العبوات المستخدمة للتهريب، هي عبوات الكولا البلاستيكية الصغيرة، لسهولة حملها على منطقة البطن، منوهةً إلى أن كل ثلاث عبوات صغيرة تساوي ليتراً واحد، وأنها تستطيع حمل ما لا يقل عن 6 ليترات بهذه الطريقة.

وقالت إن "هناك بعض الأشخاص على الحواجز يعرفون ذلك، لكنهم يغضون الطرف لمعرفتهم باحتياجات الناس"، حسب وصفها.

وأشارت ثريا إلى أن الحواجز لا تتساهل بعملية إدخال الدخان إلى منطقة حوض اليرموك، وأنها أوكلت تفتيش النساء إلى نساء تم التعاقد معهن من أجل هذه الغاية.

وأشارت إلى أن أرباحها اليومية لا تقل في كل مرة عن 3 آلاف ليرة سورية، مبينة أن أخطاراً كبيرة يتعرض لها الأشخاص خلال مرورهم على الحواجز، بسبب الاشتباكات التي تحدث هناك بصورة غير متوقعة، الأمر الذي يؤدي إلى إغلاق الطرق، وتوقف حركة المرور عدة أيام، تضطر خلالها الفتاة أو الشاب إلى النوم في تسيل أو سحم عدة أيام، ريثما يعاد فتح الطريق.

بدوره، لفت عبد القادر، 34 عاماً، إلى  أن "الحواجز تمنع منعاً باتاً دخول المشتقات النفطية والدخان إلى قرى حوض اليرموك"، لافتاً إلى أنه يتم السماح بكميات تستطيع تشغيل وسيلة النقل كالدراجة النارية أو السيارة ووصولها إلى وجهتها فقط، حيث يتم سحب الكميات الزائدة من قبل عناصر الحواجز وإفراغها على الأرض، تحت مبرر عدم إيصال المشتقات النفطية لعناصر جيش خالد بن الوليد، الذي يستخدمها في تشغيل معداته العسكرية في قتاله ضد الجيش الحر.


ترك تعليق

التعليق