السوريات والعنف الأسري في أوروبا
- بواسطة فؤاد عبد العزيز – خاص – اقتصاد --
- 05 تموز 2016 --
- 0 تعليقات
يعتبر إدعاء الزوجة على زوجها بالعنف والضرب إحدى الوصفات السحرية التي تلجأ إليها الكثير من النساء في أوروبا للتخلص من أزواجهن بأقصى سرعة ممكنة.. وليس هذا فحسب بل والحجر على الزوج وإرهاقه ومعاقبته.
كما أنها من جهة ثانية، في حال ادعت تعرضها للعنف والضرب من قبل زوجها، فإنها تحصل على امتيازات ورعاية منقطعة النظير، حيث تمنحها القوانين الأوروبية حق طلب الحماية والعناية بها وبالأطفال ومن كل النواحي.
هذه الصورة، سرعان ما التقطتها الكثير من السوريات اللواتي قدمن إلى أوروبا ويعانين بالأساس من عدم تفاهم مع أزواجهن، أو عدم محبة.. فمع أول مشروع خلاف، تذكرت الدرس الأول الذي تلقته قبل القدوم إلى أوروبا أو لدى وصولها : إذهبي وادعي عليه بالعنف وسوف ترين به العجب العجاب..
وبالفعل، القوانين الأوروبية تمنح هذا الحق للمرأة وتناصرها حتى مع معرفتهم بكذبها.. وقد تناقشت مرة مع إحدى المحاميات في فرنسا حول هذه النقطة تحديداً، فقالت لي: "إن المرأة عندما تصل لمرحلة تدعي ولو كذباً على زوجها أمام السلطات مع معرفتها بأن هذا الإدعاء سوف يكون نهاية لكل شيء جميل وقبيح مع زوجها، فهذا يعني أنها لا تطيق هذا الزوج وهي لا تحبه ولا تحترمه.. وأكثر من ذلك تتمنى الانتقام منه.. فماذا تريد أكثر من ذلك حتى تساند القوانين الأوروبية المرأة.. ؟، أليس من حق المرأة أن تختار وتقرر من سيشاركها فراشها وحياتها..؟".
ومن جانب آخر، ما ذنب الزوج الذي وجد نفسه فجأة متهماً بالعنف ومنبوذاً من قبل السلطات وحتى دون أن يثبت عليه هذا العنف..؟!
تقول المحامية: "العنف الذي تتعرض له المرأة ليس شرطه الوحيد هو الضرب، بل قد يكون الأذى اللفظي أشد عنفاً على المرأة من الضرب.. وهو أمر يمارسه الأزواج كثيراً.. والقوانين الأوروبية التي وضعها رجال بالدرجة الأولى يدركون أن الرجل قاس من هذه الناحية، وأنه عندما يريد، يستطيع أن يؤذي زوجته بالكلام أكثر من الضرب..!!".
وأضافت: "الرجل الذي يوصل زوجته إلى حد الافتراء عليه، لا يجوز أن تستمر حياتهما معاً.. التفريق هو الحل الأفضل بالنسبة لهما وللأولاد إن وجدوا.. والحكومة في هذه الحالة تقوم مقام الأسرة البديلة بالنسبة للأطفال.. فهي تساعد الزوجة في رعايتهم ولا تساعدها لشخصها..".
تقول دراسات أوروبية خاصة بحقوق المرأة، إن النساء العربيات هن الأكثر إدعاءاً على أزواجهن بالعنف والضرب، ومن بين كل عشر حالات معروضة أمام القضاء في فرنسا هناك على الأقل خمس حالات لنساء عربيات.. فما حقيقة هذه الأرقام..؟، وهل الرجل العربي بالفعل عنيف أم المرأة العربية فاجرة..؟
كذب وتلفيق إعلامي
نشرت مؤخراً إحدى الجمعيات السورية التي تعنى بشؤون المرأة تقريراً على موقعها الالكتروني، عن تعرض أكثر من ألفين إمراة سورية للعنف في ألمانيا والإدعاء على أزواجهن أمام القضاء، ما اضطر الرجال للتظاهر ضد السلطات الألمانية حيث يواجه 300 رجلاً منهم السجن لمدة خمس سنوات، بحسب هذه المنظمة..
وأشار التقرير الذي لم يشر إلى أية مصادر لمعلوماته، إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تدخلت شخصياً بالأمر وطلبت من السلطات الألمانية حماية الزوجات السوريات من أزواجهن..
كما تضمن التقرير تدخلاً لرجال دين مسلمين مطالبين السلطات الألمانية بضرورة التعامل مع هذه الحالات وفق أحكام الشريعة الإسلامية، غير أنه زيادة في التلفيق والكذب، فقد أشارت الجمعية السورية التي تسمي نفسها بأنها تدافع عن حقوق المرأة، أن ميريكل ردت على رجال الدين المسلمين: "أنتم من جئتم إلى أراضينا مع معرفتكم بطبيعة القوانين التي تحكمنا.. بإمكان الرجال أن يغادروا إلى بلدهم إذا لم تعجبهم قوانينا..!!".
طبعاً هذا لا ينفي وجود حالات من العنف الأسري داخل الأسر السورية التي وفدت حديثاً إلى أوروبا، إلا أن تضخيم الأمر على هذا النحو واختلاق القصص والأحداث والوقائع يشير إلى أن هناك جهات تابعة للنظام السوري على الأغلب تحاول أن تتابع تشويه مسيرة المرأة والأسرة السورية، سواء في الداخل أو تلك التي قررت الهرب من عنف النظام..
وقد اطلعنا خلال الفترة الماضية على عدد كبير من التقارير الملفقة لجريدة الوطن لصاحبها رامي مخلوف، والتي أساءت للمرأة السورية والأسرة السورية أكثر من أية جهة أخرى..
العودة إلى العنف الأسري
في لقاء مع رجل دين جزائري يعيش في فرنسا، وليس على اطلاع بواقع الأسر السورية وما تتعرض له من مشاكل في الحياة الزوجية، أشار بشكل عام إلى أن حالات التفكك الأسري ليست حكراً على الأسر العربية، لكنه يجري تضخيم الموضوع عندما يتعلق الأمر بها، ويتم ربطه مباشرة بالمعتقدات الدينية أو البيئية الشرقية التي تنتمي إليها هذه الأسرة، وتمنح الرجل مرتبة أعلى من المرأة.. غير أن الحقيقة وبحسب رجل الدين هذا، أن التفكك حالة عامة تعيشها جميع المجتمعات والسبب حسب رأيه، هو هذه الحياة المادية التي بدأت تحكم علاقاتنا الإنسانية، فتلاشت الرحمة من تعاملاتنا وحل محلها الجفاء والقسوة.. ودائماً الكلام لرجل الدين الجزائري.
من جهته، يرى المحامي السوري، عبد الحنان، المقيم في فرنسا، أن الزوجة السورية التي تدعي على زوجها بالعنف وهي لم يمض على وجودها في أوروبا سوى عام أو أقل، إنما هي إمرأة مسكينة، لأنها تضع نفسها وحياتها وحياة أطفالها، إن وجدوا، تحت رحمة الظروف القاسية في هذه البلاد والتي تتطلب وجود الأسرة بأبويها من أجل الاستمرار والعيش بسلام وبأقل قدر ممكن من المفاجئات المؤلمة فيما يتعلق بمستقبل الأطفال..
ويتابع عبد الحنان، أن الوضع المأساوي في سوريا على ما يبدو انعكس على علاقاتنا الإنسانية والشخصية وترك آثاره الجسيمة على مختلف نواحي حياتنا بما فيها الأسرة التي قررت النجاة بروحها وبأطفالها، لذلك يعتقد أن هناك بالفعل الكثير من حالات التفكك في الأسرة السورية ويتم تسليط الضوء عليها نظراً لحداثتها وغرابتها في ظل الظروف التي تعيشها بلادنا، وليس لأن أحداً يتقصد تشويه وضع الأسرة السورية في أوروبا.. ويرى أيضاً أن الحل هو أن تتألف مجموعة أو جمعية من السوريين المقيمين قديماً في أوروبا، ويحاولون تقديم العون للأسرة السورية الوافدة حديثاً، وتعريفها على حقوقها وواجباتها وتبيان مخاطر التفكك الأسري في هذه البلاد.. ومحاولة إصلاح ذات البين قبل الوصول إلى القضاء والسلطات.. تماماً مثلما تقوم بعض الجمعيات الأوروبية في التعامل مع أسر مواطنيها..
ويختم عبد الحنان: "نصيحتي للمرأة السورية وللرجل السوري الذين جاؤوا حديثاً إلى أوروبا ويعاني كل منهما من مشاكل مع زوجها أو زوجته، أن يحاولا حل مشاكلهما داخل الأسرة ولا يصلان بها إلى القضاء، لأن ذلك قد يؤدي إلى ضياع الأولاد والأسرة بالكامل في ظل قوانين لا ترحم في هذه البلاد، وتنظر أولاً وأخيرا للأولاد الذين هم مستقبل بلدهم، وقبل أن تنظر للرجل والمرأة".
فكل إمرأة تعتقد أن القانون الأوروبي يناصرها هي مخطئة وإنما يناصر الأولاد الذين تحصل على حق رعايتهم، لكن عندما يكبر هؤلاء الأولاد أو في حال لم تستطع تربيتهم فإن السلطات سوف تقوم بسحبهم منها.. ولن تجد بعدها من يقف معها ومن يناصرها، بما في ذلك جمعيات حقوق المرأة.
التعليق